في وقت يقترب فيه الطرفان الإيراني والأميركي من إبرام اتفاق نووي لإحياء الصفقة النووية عام 2015، دخل الجانبان في سجال على خلفية ملف السجناء بين البلدين، فبعد انتقادات أميركية أمس الثلاثاء لطهران لمواصلة اعتقال أميركيين من أصول إيرانية، ردت عليها إيران، اليوم الأربعاء، باتهام الإدارة الأميركية في مماطلة تنفيذ "صفقة جاهزة" لتبادل السجناء.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، اليوم الأربعاء، في إفادة صحافية ردا على الانتقادات الأميركية، إن "إيران بمعزل عن الاتفاق النووي، أعلنت مرارا عبر مختلف القنوات استعدادها للجانب الأميركي لبحث ملف السجناء"، مضيفا أن طهران "مستعدة لتنفيذ اتفاق موجود بهذا الشأن فورا".
وأكد كنعاني أن بلاده "مستعدة لتنفيذ هذا الاتفاق للإفراج عن الإيرانيين الأبرياء المعتقلين في أميركا بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية الظالمة"، متهما واشنطن بالقيام بـ"مسرحيات إعلامية ضد طهران".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد قال الثلاثاء في تغريدة إن "سياماك نمازي أمضى حتى الآن 2500 يوم محتجزًا ظلماً في إيران. نحن مصممون على ضمان حريته وضمان عودة جميع الأميركيين الذين احتجزتهم إيران ظلماً، بمن فيهم والده باقر (نمازي)، إلى ديارهم".
ثم غرد المبعوث الأميركي للشأن الإيراني، روبرت مالي في تغريدة قائلا إن "اليوم يصادف 2500 يوم من الاعتقال غير المشروع لسياماك نمازي. إن سجن إيران الجائر لمواطني الولايات المتحدة لاستخدامهم كوسيلة ضغط سياسية أمر شائن. يجب أن تسمح إيران لسياماك، وكذلك باقر نمازي، وعماد شرقي، ومراد طهباز، بالعودة إلى ديارهم وأحبائهم".
ويشكّل ملف السجناء أحد أهم عناوين التوتر بين إيران والدول الغربية خلال العقود الماضية. ويواجه معظم هؤلاء السجناء مزدوجي الجنسية في إيران، تهما أمنية، ولا تعتبرهم السلطات الإيرانية "أجانب"، فلا تعترف قانونيا بالجنسية الثانية لمواطنيها.
السجناء الأميركيون الأربعة ذوو أصول إيرانية
السجناء الأميركيون حاليا في إيران، هم أربعة، كلهم مزدوجو الجنسية من الأصول الإيرانية، حصلوا لاحقا على الجنسية الأميركية، ولا يوجد في السجون الإيرانية مواطنون من أصول أميركية، وتم الإفراج عمن كان موجودا منهم خلال السنوات الماضية في إطار صفقات.
1ـ المواطنان الإيرانيان الحاصلان على الجنسية الأميركية، سيامك نمازي ووالده محمد باقر نمازي. سيامك، مدير التخطيط الاستراتيجي لشركة "كرسنت" النفطية، اعتقلته السلطات الإيرانية في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بتهمة "التعاون مع الحكومة الأميركية والتجسس لصالحها". كما اعتقلت والده بعد ثلاثة أشهر بالتهمة نفسها، عندما زار إيران لمتابعة ملف ابنه سيامك.
وحكمت السلطة القضائية الإيرانية على الاثنين بالسجن لمدة عشر سنوات. علماً أن باقر نمازي البالغ من العمر 83 عاماً من الموظفين السابقين في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وشغل مناصب حكومية، مثل محافظ خوزستان، إبان العهد البهلوي الملكي في إيران، قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979. وبسبب وضعه الصحي الحرج، منحته السلطات الإيرانية منذ أكثر من عام، إجازة طبية خارج السجن، لكنه ممنوع من الخروج من البلاد.
2ـ التاجر الإيراني اليهودي مراد طاهباز، هو الآخر الذي يحمل الجنسية الأميركية، بالإضافة إلى الجنسية البريطانية، اعتقله جهاز استخبارات الحرس الثوري في ینایر/ كانون الثاني 2018، ضمن مجموعة عُرفت بـ"نشطاء البيئة"، واجهوا تهمة التجسس وجمع معلومات سرية عن مناطق استراتيجية تحت ستار مشاريع الحفاظ على البيئة. إلا أن الملف تحول إلى أحد أهم الملفات القضائية، والذي أثار الرأي العام خلال السنوات الأخيرة، وبات محل خلاف بين المؤسسات الأمنية الإيرانية، بعد نفي وزارة الأمن تهمة التجسس عنهم.
وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية في 18 فبراير/ شباط 2020 إصدار أحكام بالسجن بحق هؤلاء، منهم مراد طاهباز، الذي حكم عليه بالسجن لثمانية أعوام بتهمة "التعاون" مع الولايات المتحدة.
3ـ عماد شرقي، هو تاجر إيراني أميركي صاحب شركة "سراوا" قد اعتقل في أيار 2018، ثم أفرج عنه لاحقا بكفالة، لكنه اعتقل مرة أخرى خلال يناير 2021 بعد محاولته الهروب من الحدود الغربية لإيران، حسب نادي "المراسلين الشباب" الإيراني.
وكانت إيران قد أصدرت حكما بحق التاجر شرقي بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس والخيانة وذلك قبل يومين من تولي الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.
سجناء إيرانيون
ليس واضحا عدد السجناء الإيرانيين في الولايات المتحدة، أو في دول أخرى، تقول طهران إنهم اعتقلوا بطلب أميركي بتهمة الالتفاف على العقوبات التي تصفها بأنها "ظالمة وإرهاب اقتصادي".
حسبما رصد "العربي الجديد"، فالسجناء الإيرانيون في الولايات المتحدة هم 17 شخصاً.