- جبر أبو عصا وأسرته، رفضوا الرحيل واختاروا البقاء بجانب أنقاض منازلهم، متحدين محاولات التهجير والتطهير العرقي من قبل الحكومة الإسرائيلية.
- لجنة التوجيه العليا لعرب النقب دعت لإقامة صلاة الجمعة وتظاهرة احتجاجية، وأعلنت عن "صندوق دعم" لتعزيز صمود الأهل والتنسيق لإضراب عام ضد مخططات التهجير العنصرية.
"باقون على أرضنا"، مقولة كررها أبناء عائلة أبو عصا البدوية في قرية أم بطين بوادي الخليل في النقب بينما كانوا يفترشون بعض الأكياس والأغطية وسط أشجار قريبة، في اليوم التالي لأكبر عملية هدم وتشريد تنفذها إسرائيل في المنطقة. وهدمت آليات الاحتلال الإسرائيلي وجرافاته، صباح أمس الأربعاء، نحو 50 منزلاً مأهولاً لعائلة أبو عصا، في خطوة تزعم إسرائيل أنها تأتي لشق شارع يخدم منطقة الجنوب.
وتصنف لجنة السكان الأصليين في الأمم المتحدة، بدو النقب من الشعوب الأصلية في الشرق الأوسط وفي منطقة النقب على وجه الخصوص، لكن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المتحدر من أصول أوكرانية، أقرّ منذ تسلمه منصبه -بدعم من وزير الأمن القومي المتطرف الآخر إيتمار بن غفير- خططاً لتهجير وهدم قرى لا تعترف بها الحكومة الإسرائيلية في المنطقة البالغ تعداد سكانها من البدو نحو 300 ألف نسمة.
جبر أبو عصا المولود عام 1967 في القرية التي نشأ فيها والده قبل النكبة عام 1948 (عام قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي)، تعرّض منزله للهدم في الحملة الواسعة، الأربعاء، إضافة إلى منازل 3 من أبنائه البالغ عددهم 10. وقال أبو عصا لـ"العربي الجديد": "الناس شاهدوا بيأس جرافات الدولة تهدم بيوتهم. لم تُبقِ أي شيء، حتى الإبل أبعدوها، وأيضاً دمروا أقفاص الطيور التي يملكها السكان". وأضاف: "تمت مصادرة ملابسنا والفُرُش والحرامات ولم يبقوا شيء. هذا إجرام وإرهاب بمعنى الكلمة".
لكن العائلة المنكوبة رفضت الرحيل عن أرضها، وتصر على البقاء كما فعلت قرى أخرى في النقب من قبل، وأحضرت بعض الأغطية والأكياس من عوائل أخرى وأصدقاء، وافترشتها قرب البيوت المهدمة. وقال أبو عصا: "لا يوجد أمامنا غير الصمود في بلدنا وعلى أرضنا. لن يخيفونا ولن يشردونا من أرضنا. ولدت في حارة وادي أبو عصا في وادي الخليل، وكذلك والدي، وصامدون".
ويشاركه التصميم ذاته عائلات أبو عصا كافة المهدمة بيوتها والبالغ عدد أفرادها نحو 350 فرداً، "نحن كثر ولنا أهل وأقارب وجيران وكل النقب والقيادات تقف معنا"، أضاف أبو عصا.
وكان الشاب ناجي أبو عصا 24 عاماً، داخل القرية عندما بدأت عملية الهدم التي يقول إنها طاولت 57 منزلاً مأهولاً، بخلاف ما نشر في التقارير الإعلامية. ووصف الشاب ناجي عملية الهدم، قائلاً: "مشهد صعب، منزلك يهدم أمامك. استمر الهدم 8 ساعات لم يبقَ فيها إلا بيت واحد في القرية. الأطفال بكوا والشيوخ والمسنون لم يستطيعوا أخذ دوائهم قبل تدمير البيوت. حتى حظائر الأغنام وأقفاص الطيور دمرت. ومسجد عمره 40 عاماً لم يسلم من الهدم". وأضاف: "لدي طفلة عمرها 45 يوماً. أرسلتها لتنام عند الجيران، وأنا نمت على ركام منزلي. استحالة أن أخرج من أرضي إلا إلى القبر".
ودعت لجنة التوجيه العليا لعرب النقب إلى إقامة صلاة الجمعة يوم غد في القرية المنكوبة وفي المكان الذي هدمت فيه البيوت. ودعت اللجنة في بيان إلى تظاهرة يوم السبت المقبل احتجاجاً على عملية الهدم. كذلك طالبت بتقديم الدعم والمساعدة إلى أهالي القرية في وادي الخليل، لإعادة بناء البيوت "وتعزيز الصمود وإفشال مخططات بن غفير للتهجير والتطهير العرقي".
قرى أخرى مهددة في النقب
وأشارت اللجنة إلى أن 8 قرى أخرى تواجه المصير ذاته، معلنة إقامة "صندوق دعم" لتعزيز "صمود الأهل في النقب"، والتنسيق من إجل إعلان الإضراب العام على خلفية جريمة الهدم. وقالت اللجنة: "العمل مستمر لإفشال مخططات التهجير العنصرية. نحن كنا قبل بن غفير وسنبقى بعد بن غفير ومصير الفاشيين إلى مزبلة التاريخ".
وفي خلفيات عملية الهدم، أوضح عضو اللجنة، جمعة الزبارقة، في حديث لـ"لعربي الجديد" أن السلطات الإسرائيلية تريد نقل القرية إلى حيّ في قرية تل السبع في النقب، لكن الأهالي يريدون البقاء في منطقتهم وأرضهم المعروفة باسم وادي البطين أو وادي الخليل، مضيفاً: "هذه العائلات تسكن وادي الخليل قبل قيام إسرائيل وقبل قيام مسار شارع 6 (المخطط تأسيسه للمرور عبر القرية). كان بالإمكان حرف مسار الشارع".
وأشار الزبارقة إلى أن عملية الهدم هي الأكبر التي تتعرض لها منطقة النقب، مشيراً إلى أن "عدة قرى أخرى مثل رأس جرابا، البديعة، وكركوك، يريدون ترحيلها بشكل مركز".
ووفقاً للزبارقة، يشكل العرب في النقب 37% من السكان، لكنهم يحوزون 4% فقط من الأراضي. وقال إن "الادعاء الذي يسوقه بن غفير بأن عرب النقب يستولون على أراضي الدولة غير صحيح، بل على العكس، الدولة هي التي تستولي على أراضي عرب النقب". ولفت إلى بدء حملة تبرعات لجمع 40 خيمة للعائلات المنكوبة بهدف إبقائها على أرضها.