تمر 13 عاماً على يوم اندلاع الثورة التونسية، حين أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه احتجاجاً على الظلم، ليصبح رمزاً للحرية وشعلة الربيع العربي. في سيدي بوزيد، تحيي منظمات مدنية وجهات رسمية، اليوم الأحد، احتفالات بهذه الذكرى في ساحة البوعزيزي التي تروي قصته، لكن العائلة ترى أنها لا تحظى بالاعتبار الكافي.
سالم البوعزيزي، شقيق محمد، يؤكد في تصريحه لـ"العربي الجديد" أن "ذكرى البوعزيزي، الموافقة يومَ 17 ديسمبر، تاريخ إضرامه النار في جسده، وتاريخ اندلاع شرارة الثورة التونسية، تمر باهتة فلا أحد يتذكره مثل السابق"، موضحاً أن "الملف جرت المتاجرة به سياسياً إبان الثورة، لذلك كان يجرى إحياء هذه الذكرى سنوياً وتحضر صور ولافتات البوعزيزي. ولكن يكاد هذا الاسم يغيب عن المنابر الإعلامية والرسمية اليوم".
توفي طارق الطيب محمد البوعزيزي، الذي وُلد في 29 مارس/آذار 1984، في 4 يناير/كانون الثاني 2011. كان يعمل بائعاً متجولًا يبيع الخضراوات والغلال. في يوم الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2010، أضرم النار في جسده أمام مقر محافظة سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية عربته.
يتذكر شقيقه سالم "كيف اتصل محمد يوم الحادث بخاله، ليعلمه عن تكرار حجز عربته واستيائه، طالباً منه الحضور لمساعدته، وإلا فإنه سيحرق نفسه". ويشير سالم إلى أن "محمد كان يشعر بالإهانة بعد أن صفعته الشرطية فادية حمدي أمام الملأ، وأن خاله كان أول من وصل إلى مكان الحادثة".
ويُرجح سالم أن "شقيقه لم يكن ينوي حرق نفسه، بل كانت هذه وسيلة للتهديد على أمل استرجاع بضاعته". يشير إلى أن البعض يلومهم اليوم على ما حصل، حيث كانت تلك الحادثة شرارة الانتفاضات الشعبية في تونس وفي عدة بلدان عربية. ويضيف أن "هؤلاء يحملون البوعزيزي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع وتردي المعيشة في تونس، ولكن البعض الآخر يرى أنه رغم النقائص فإن هناك مكاسب تحققت".
وعن والدة البوعزيزي، يؤكد سالم أنها "تقيم في كندا مع ابنتها، ولم تعد إلى تونس منذ 9 سنوات بسبب بعض الخلافات العائلية وكثرة الضغوطات المسلطة على العائلة". ويضيف أنها "قد تعود يوماً ما بعد مضي كل هذه السنوات".
ويكشف سالم أنها "بخير وتبكي البوعزيزي، وتتذكره باستمرار ولكن الصدمة كانت قوية عليها ولم تتمكن من تصديق خبر وفاته حرقاً وتتالي الأحداث بعد ذلك من انتفاضة شعبية، وثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي".
في مسقط رأس الشهيد البوعزيزي في سيدي بوزيد، شهدت الاحتفالات والتظاهرات والخطب الرسمية احتفالاً بذكرى اندلاع الثورة. ومع ذلك، يظهر أن الحديث عن البوعزيزي غاب تماماً، كما أكد الإعلامي محمد صالح الغانمي من سيدي بوزيد في تصريح لـ"العربي الجديد". وأشار إلى أن "ساحة الشهيد تظل الوحيدة التي تحتفظ باسمه"، مُشيراً إلى أن "الأحداث في فلسطين استحوذت على الاهتمام، حيث رُفعت لافتات تدعو للتضامن مع غزة"، مُضيفاً أن "هذا جاء في سياق الاحتفال بالذكرى وتزامنه مع أحداث غزة".
وأكد المتحدث أن "معظم الكلمات التي ألقيت خلال التظاهرات شددت على حق المنطقة في التنمية، ودعم إنشاء كلية طب ومستشفى جامعي، ولكن هذه تظل مجرد شعارات". وأضاف أن "هذه الذكرى لا تشبه التظاهرات السابقة، رغم وجود عروض فنية وندوات، نظراً للظروف العالمية وأحداث غزة، واقتراب موعد الانتخابات المحلية".