عارف حماد... حكاية دفاع عن الشيخ جراح

القدس المحتلة

محمد عبد ربه

avata
محمد عبد ربه
30 مارس 2023
عارف حماد
+ الخط -

يمضي الفلسطيني السبعيني عارف محمد حماد معظم وقته في العناية بحديقة منزله في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وهو يخوض منذ 51 عاماً مع 27 عائلة مقدسية صراعاً مع جمعيات استيطانية ظهرت فجأة مطلع سبعينيات القرن الماضي، لتدعي ملكية الأرض التي أقيمت عليها منازل العائلات الفلسطينية الـ28.

تدعي تلك الجمعيات الاستيطانية أن تلك الأراضي مملوكة بموجب اتفاقية بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، ليهود منذ عقود طويلة، وأنه آن الأوان لاستردادها، من دون اعتبار أن هذه العائلات الفلسطينية كانت قد هُجَّرت بالقوة من منازلها في حرب احتلال فلسطين ونكبتها عام 1948، ومن هؤلاء عائلة حماد المنحدرة من مدينة حيفا.

خمسون عاماً من الرباط

في منزله حيث التقيناه وتجوّلنا معه في الحديقة، يتحدث حماد لـ"العربي الجديد"، عن صراع وجود وثبات ورباط في منزله، مؤكداً أن شعب فلسطين جميعه يعيش يومياً أيام رباط مستمرة.

وعن حديقة منزله، يشرح حماد "حين مُنحت البيوت للعائلات الثماني والعشرين في عام 1956 كان من بين شروط تسليمها للعائلات إقامة حديقة، وهو ما تم فعلاً، حيث تحوّل الحي في الفترة الواقعة ما بين الأعوام 1956 و1959 إلى أجمل أحياء القدس، وما الحديقة اليوم سوى جزء بسيط مما كانت عليه الحديقة، وما حوته من ورود وشجر مثمر".

ويؤكد حماد أن "وجودنا في بيتنا، وتمسكنا بأرضنا ليس بالأمر الجديد بالنسبة لنا كفلسطينيين، ونحن في حي الشيخ جراح ندافع منذ أكثر من خمسين سنة عن حقوقنا في هذه الأرض، وفي بيوتنا التي بناها آباؤنا، وبالتالي التخلي عن الحقوق خيانة".

حماد: نحن باقون حيث نحن، مستمرون في نضالنا، على الرغم من كل الاعتداءات بحقنا

بالنسبة لحماد ليس له مكان آخر يذهب إليه غير الشيخ جراح، ولا منزل في كل الأرض غير منزله، ويقول إنه "منذ عام 1972 الذي بدأنا صراعنا فيه مع الجمعيات الاستيطانية تضاعفت أعدادنا، لم نعد ثماني وعشرين عائلة فقط، بل تضاعف العدد اليوم لنصبح أربعاً وسبعين عائلة تضم 500 نسمة، من بينها 111 طفلاً"، متابعاً "نحن باقون حيث نحن، مستمرون في نضالنا، وسنظل كذلك من دون كلل أو ملل، على الرغم من كل الاعتداءات بحقنا التي يقترفها المستوطنون وجنود الاحتلال".

ويضيف حماد: "تأتي ذكرى يوم الأرض لتؤكد أن على الفلسطينيين الاستمرار في الدفاع عن أرضهم بكل السبل والوسائل، وبكامل قدرتهم واستطاعتهم، ولن نتوقف عن ذلك"، مطالباً "دول العالم وشعوبه الحرة بأن تقف إلى جانبنا". ويتابع: "ما حدث في يوم الأرض وارتقاء شهدائنا فيه يلزمنا بأن نكمل نحن طريقهم ومسيرتهم من خلال تمسكنا بأرضنا وبيوتنا على الرغم من كل الصعوبات التي نواجهها".

أطماع الاستيطان متواصلة

أهداف وأطماع كثيرة يريد الاحتلال ومستوطنوه تحقيقها بعد الاستيلاء على أراضي وبيوت أهالي حي الشيخ جراح. ويقول حماد إن "سياسة حكومات الاحتلال الداعمة للمستوطنين تريد تحقيق عدة أهداف في سياق الأطماع الاستيطانية".

حماد: يريد الاحتلال من الاستيلاء على الحي إيجاد تواصل بين شرقي القدس وغربيها للقول إن القدس عاصمته الموحدة

ويوضح أن ثلاثة أهداف يريد الاحتلال تحقيقها: الأول إيجاد تواصل بين شرقي القدس وغربيها للقول إن القدس عاصمته الموحدة، والهدف الثاني هو استكمال إقامة الحوض المقدس حول البلدة القديمة من القدس ووجود حي الشيخ جراح في قلب هذا المخطط يشكل شوكة في حلق الاحتلال تمنعه من تحقيق هدفه هذا.

أما الهدف الثالث فهو بناء 230 وحدة استيطانية لصالح المستوطنين بعد أن يتم هدم الحي بكامله تطبيقاً لما يسمى قانون يهودية الدولة التي يريدون أن تكون دولة يهودية خالصةً لا وجود فيها لأي عربي فلسطيني سواء في الضفة الغربية أو في عموم فلسطين، وحيث يدعون أن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب، وهي أكذب مقولة في التاريخ على الإطلاق، وفق حماد.

بين المحاكم ومعركة الوعي

بينما تستمر قضية عائلة حماد وعائلات أخرى في حي الشيخ جراح بالتداول في القضاء وأروقة المحاكم، يخوض الجميع في الحي معركة وعي في مواجهة الروايات المختلفة التي يروّجها المستوطنون بأن الأرض لهم، إلى درجة الادعاء بأنهم هم من وضعوا النوافذ والأبواب على بيوت تلك العائلات.

يقول حماد، وهو يشير إلى باب منزله: "يجلب المستوطنون من حين إلى آخر وفوداً إلى محيط المنزل، ويلقون على مسامعهم روايات كاذبة من قبيل أنهم من بنوا البيوت ثم جاء العرب واحتلوها، بينما هم يريدون تحريرها، علماً بأن الأرض التي أقيمت عليها البيوت كانت خالية تماماً من أي مبانٍ، ثم يبالغون في كذبهم حين يدعي أحد المستوطنين لوفد أتى معه أن باب منزلنا الحديدي وضعه والده، في حين الباب يحمل اسم والدي ووالدتي".

لم تنتهِ معركة الدفاع عن الأرض بالنسبة للمواطن حماد ولسائر العائلات المهددة بالاستيلاء على منازلها، فقبل أيام قليلة أرجأت محكمة إسرائيلية البت النهائي في ملكية تلك العائلات إلى منازلهم حتى إشعار آخر، لتظل الفترة المقبلة مرحلة صمود وثبات ونضال في معركة الدفاع عن الأرض والمأوى.

ذات صلة

الصورة
من رحلة الفلسطيني خليل النواجعة اليومية (العربي الجديد)

مجتمع

يقطع المعلم الفلسطيني خليل النواجعة (58 سنة) يومياً نحو 5 كيلومترات على حماره، من منزله بمنطقة تجمع الجوّايا في بلدة الكرمل إلى مدرسة التوانة في مسافر يطا.
الصورة
فلسطينيون ينزحون من بيت لاهيا جراء القصف الإسرائيلي 17 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

يتجه الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز سيطرته العسكرية على قطاع غزة المحاصر، وسط مؤشرات ملموسة إلى بدء تطبيقه الحكم العسكري، فضلاً عن التأسيس لتطلعات المستوطنين.
الصورة
سيطرت جمعيات استيطانية على عقارات في المصرارة (العربي الجديد)

مجتمع

لم تكن سيطرة شرطة الاحتلال الإسرائيلي، على مقهى المصرارة الواقع إلى الغرب من أسوار البلدة القديمة في القدس، أولى المعارك التي تخسرها عائلة كستيرو.
الصورة
بنيامين نتنياهو مع أرييه درعي في الكنيست بالقدس 24 يوليو 2023 (رونالدو شيميدت/فرانس برس)

سياسة

نشرت سرايا القدس مقطعاً مصوراً لأحد المحتجزين الإسرائيليين، وجه من خلاله رسالة إلى عضو الكنيست الإسرائيلي زعيم حركة شاس المتطرفة أرييه درعي
المساهمون