حطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أمس الأربعاء، رحاله مجدداً في العاصمة السورية دمشق، بعد أيام قليلة من زيارة غير مسبوقة قام بها رأس النظام بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، ما يعكس ربما توجساً إيرانياً من محاولات جرّ هذا النظام بعيداً عن طهران.
ووفق صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام السوري، فإن الوزير الإيراني أبدى خلال لقاء جمعه مع الأسد "ارتياحه لما تقوم به بعض الدول العربية ونهجها الجديد في تطبيع العلاقات مع سورية".
وبحسب وسائل إعلام النظام، فإن عبد اللهيان تطرق خلال لقائه الأسد ووزير خارجية النظام فيصل مقداد إلى حزمة من القضايا والملفات، و"ما يجري من أحداث على الساحتين الإقليمية والدولية"، إضافة إلى المحادثات الجارية حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا.
وتأتي زيارة المسؤول الإيراني بعد أيام من زيارة قام بها رئيس النظام السوري إلى دولة الإمارات، وهي الأولى له إلى دولة عربية منذ عام 2011، والتي كما يبدو فاجأت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
وتعليقاً على زيارة عبد اللهيان إلى دمشق، قال السفير السوري السابق في بيلاروسيا فاروق طه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إيران تريد أن تستغل الانشغال الروسي في الحرب على أوكرانيا لشد الوثاق حول عنق النظام، كي لا يفلت من سيطرتها".
ولا يعتقد طه أن النظام بصدد التوجه نحو البلدان العربية على حساب علاقته مع إيران، موضحاً "يبقى الالتزام بإيران أقوى. إيران تمسك بإحكام بتلابيب هذا النظام. وليس لاتصال هنا أو زيارة هناك للأنظمة العربية الداعمة له أن يؤثر على هذا الالتزام".
كما يعتقد أن "إعادة النظام إلى الحضن العربي ليست سوى مجرد وهم اشتراه صاحبه ويريد تسويقه للآخرين"، وفق طه.
كذلك، تأتي زيارة عبد اللهيان بعد يوم واحد من قمة جمعت كلاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، في شرم الشيخ المصرية.
ويظهر أن هناك توجساً لدى طهران من هذه القمة الثلاثية التي يمكن أن تؤسس لحلف إقليمي ضدها، وهي التي باتت قاب قوسين من التوصل لاتفاق حول برنامجها النووي مع الغرب، ما يقلق دول المنطقة، خاصة أنها ترفض حتى اللحظة تقديم التزام علني للإدارة الأميركية بخفض التصعيد مقابل إزالة اسم الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد أدرجت الحرس الثوري على قائمة الإرهاب في العام 2019 بعد عام من قراره الانسحاب الأحادي من الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى حول برنامجها النووي في 2015.
يذكر أن لإيران نفوذاً واسعا في سورية، حيث تسيطر مليشيات طائفية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني على العديد من المناطق السورية، خاصة في محيط العاصمة دمشق وفي ريف حمص الشرقي وفي دير الزور، أقصى الشرق.
وترسّخ طهران نفوذها في سورية على المستويات كافة، لخلق وقائع من الصعب تخطيها فيه ضمن أي تفاهمات إقليمية أو دولية حول الملف السوري.
بدوره، يرى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "البراغماتية الإيرانية لا تمانع في تعويم نظام الأسد عربياً حتى لو تم من البوابة الإسرائيلية"، مضيفا: "هي (إيران) تدعم إعادته إلى الجامعة العربية وقد صرحت بذلك. إيران تبقى الحليف الرئيسي للنظام".
وفي السياق، يرى الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري" أحمد القربي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة الوزير الإيراني ربما جاءت لتذكير النظام بأن التطبيع مع بلدان عربية يجب ألا يمس نفوذ طهران في سورية في مختلف المجالات".
ويعتقد القربي أن النظام "يحاول تأمين مصادر دعم له من بلدان عربية بعد انشغال الروس بالأزمة الأوكرانية"، مستدركاً "لكن لم نلمس حتى الآن أي خطوات من النظام للحد من نفوذ طهران في سورية". وشدد على أن "التعويل العربي على النظام خاسر".