عدوان غزة يكشف عمق تغلغل المتديّنين داخل جيش الاحتلال

19 اغسطس 2014
دبابات الاحتلال قرب حدود القطاع (توماس كويكس/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

منحت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فرصة أخرى للتعرف على مدى تغلغل أتباع التيار الديني الصهيوني، في الهيئات القيادية لجيش الاحتلال، إذ انعكس نفوذهم على طابع الجرائم، التي نفذها الجيش خلال العدوان، وتبين أن معظم قادة ألوية الصفوة والكتائب والسرايا، التي شاركت في العدوان ينتمون إلى هذا التيار.

ومن القادة المتدينين الذين أسهموا بفاعلية في الحرب، كل من قائد لواء "المظليين"، العقيد إليعازر طوليدانو، الذي كان مسؤولاً عن إدارة العمليات في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، وجزء من منطقة خان يونس، وقائد لواء "جفعاتي" العقيد، عوفير فنتور، الذي كان مسؤولاً عن جبهة رفح، أقصى جنوب القطاع.

وذكرت الإذاعة العبرية، أمس الإثنين، أن قائدي وحدتي "مالجان" و"إيجوز"، اللتين شاركتا في الحرب هما من المتدينين.

وأكد الكاتب الإسرائيلي، يجيل ليفي، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر بتاريخ 15 أغسطس/آب، أن "التوجهات الدينية المتطرفة للقادة العسكريين، أسهمت بشكل واضح، في ميلهم إلى ارتكاب جرائم حرب بشعة".

وكشف ليفي أن "العقيد فنتور هو المسؤول عن مذبحة رفح، في 30 يوليو/تموز الماضي، التي راح ضحيتها المئات من الفلسطينيين بين قتلى وجرحى. إذ أمر فينتور بقصف جوي ومدفعي مباشر وعشوائي على التجمعات السكانية، في أعقاب نجاح كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، باختطاف الضابط، هدار غولدين".

وأوضح أن "الضباط المتدينين يرون أن عمارة أرض إسرائيل تتطلب شن حرب لا هوادة فيها ضد أحفاد الكنعانيين". وأشار إلى أن "فينتور تحديداً تأثر بتعاليم معلمه مدير المدرسة الدينية العسكرية في مستوطنة عيلي في الضفة الغربية الحاخام، إيلي سدان، الذي يرى أن إقامة مملكة إسرائيل تتطلب تحطيم غزة، والقضاء على كل الفلسطينيين".

وقال ليفي إن "هذا ما أثر كثيراً على دفع فينتور لارتكاب جرائم حرب في غزة، وحرصه على تكريس المفاهيم الدينية التي تحفز على ارتكاب المجازر". ولفت إلى أن "فينتور ألقى خطبة شهيرة أمام جنوده قبيل اقتحامهم قطاع غزة، وقال فيها: تكمن مهمتكم في إخضاع العدو الذي يتطاول ويسبّ إله إسرائيل".

وعرضت قناة التلفزة الصهيونية العاشرة بتاريخ 10 أغسطس/آب، تقريراً مصوراً يظهر فيه فينتور مع المعلق العسكري للقناة، ألون بن دفيد، يتباهى فيه بأنه أمر بتدمير المساجد في المناطق التي عملت فيها قواته.

وخرج فينتور، عن طوره، وهو يشرح كيف حرصت قواته على تدمير بلدة خزاعة، جنوبي القطاع، بعد طرد أهلها الذين يبلغ عددهم 13 ألف نسمة منها، وقال، "لقد وعدت ووفيت بأن تتغير معالمها (البلدة) حتى لا يعرفها سكانها". وأضاف "لقد حرصت على حياة جنودي، بحيث أمرت بإطلاق قذائف الدبابات ومضادات الدروع على كل منزل فلسطيني في طريقي".

ومما يعكس تجذر المعتقدات الدينية في نسختها "الخلاصية" المتطرفة، فإن فينتور تحدث عن "كرامات" ظفر بها وجنوده أثناء الحرب.

من ناحيته، أوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة "بار إيلان"، أشير كوهين، في مقال نشره موقع صحيفة "معاريف"، أن "تعاظم تمثيل المتدينين في قيادات الجيش العليا، يعكس التحولات التي طرأت على تركيب النخب في المجتمع الإسرائيلي". وأشار إلى أنه "من الواضح أن أتباع التيار الديني الصهيوني باتوا يمثلون الشريحة الأكبر في القيادات العليا في الجيش، وبشكل يفوق تمثيلهم في السكان".

وأضاف أن "تسلل أتباع التيار الديني الصهيوني إلى المستويات القيادية في الجيش يعكس في الواقع التحولات التي طرأت على المجتمع الصهيوني بأسره، ويتم استبدال النخب القديمة بنخب جديدة ذات منظومات قيم وأيدلوجيات مختلفة".

وفي السياق، اعتبر المعلق العسكري، رامي إيدليست، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" بتاريخ 12 أغسطس/آب، أن الجيش الإسرائيلي تحول من "جيش الشعب إلى جيش الرب" بفعل تمكن أتباع التيار الديني الصهيوني من الهيمنة على الكثير من الهيئات القيادية في صفوفه.

وقال إيدليست إن صراع الهويات الدائر في إسرائيل يمثل "حرباً أهلية" على نار هادئة. واعتبر أن "كل معسكر إيدلوجي يحاول فرض أجندته على الأطراف الأخرى". وأوضح أن "القرارات التي يتخذها المستوى السياسي الحاكم بشأن الجيش، تتأثر بمواقف المرجعيات الدينية".

ونقل إيدليست عن والد أحد الجنود، الذي يعمل فنياً في أحد قواعد سلاح الجو، أن ابنه وزملاءه في القاعدة يحظّر عليهم الالتقاء بالأدباء والعلماء والفنانين، في حين يتم تنظيم زيارات للحاخامات للقاعدة بشكل دوري.

المساهمون