عواقب الإفلات من المحاسبة

15 اغسطس 2021
مطالبات السوريين بمحاسبة النظام بلا استجابة (فرانس برس)
+ الخط -

مع كل كشف يثبت بما لا يدع مجالاً للشك، ارتكاب النظام السوري جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تترسخ القناعة لدى السوريين أنه مهما تكشفت حقائق حول إجرام النظام، فإن المجتمع الدولي لن يتحرك لمحاسبته على ما ارتكب، كما تزداد القناعة لديهم بأن المجتمع الدولي لن يقوم بأي شيء إزاء الفظائع التي قد يرتكبها النظام بحقهم في المستقبل.

هذا الأمر يبدو أن نظام بشار الأسد بات يدركه جيداً، ما يجعله غير آبهٍ بكل ما يتم كشفه من جرائم، وبكل التحذيرات التي تصدر حتى من الدول الكبرى، لثنيه عن ارتكاب أي مجزرة أو جريمة. فكل الجرائم التي ارتُكبت سابقاً وكشفتها منظمات أو أفراد، كانت تنتهي ببعض التنديد، وبالحد الأقصى بصفقة لا تقود بالنتيجة إلى أي محاسبة.

ومما يزيد من حالة الإحباط، هو أن عمليات كشف جرائم النظام التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، كانت في معظمها تتم من خلال أفراد سوريين، أو منظمات سورية مهتمة بفضح إجرام النظام، بعد بذلها جهوداً مضنية بسبب عدم امتلاكها الإمكانيات التي تمتلكها الدول المتدخلة في الشأن السوري، والتي هي في معظمها تكون على علم بتلك الجرائم، من دون اتخاذ أي إجراء رادع لها، بدءاً من المجازر الجماعية بحق المدنيين، مروراً بتدمير قرى ومدن فوق رؤوس أصحابها، إلى استخدام السلاح الكيميائي والأسلحة المحرمة دولياً في استهداف السكان، وليس انتهاء بعمليات القتل تحت التعذيب والتمثيل بالجثث والتخلص منها من خلال محارق جماعية. وحتى الكشف عن بعض هذه المحارق أخيراً لم يلقَ أي رد فعل من المجتمع الدولي، ما عدا تحرك بعض المنظمات.

كذلك، فإن معرفة المجتمع الدولي بجرائم النظام وتغاضيه عنها واكتفاءه بالتنديد بها، يُظهر النظام أمام جمهوره بمظهر الدولة القوية القادرة على تحدي المجتمع الدولي، والتي لا تستطيع أي قوة أن تُسقطها، أو على الأقل تثنيها عن ارتكاب أي جرم، ما يساعد النظام على كسب جزء من السكان الذين يتماهون مع الأقوى كجزء من حاضنته الشعبية. كما يتسبّب إحباط عموم السوريين من التعويل على المجتمع الدولي في تحصيل حقوقهم، بعدم ترك أي خيارات أمامهم سوى اللجوء إلى طرق غير قانونية في تحصيل حقوقهم وفي مقدمتها المزيد من العنف، الأمر الذي يؤدي إلى تعقيد حل المسألة السورية وإحلال شريعة الغاب وغلبة الأقوى مكان الحل السياسي.

المساهمون