تحوّلت الأرض السورية إلى غرفة عمليات دولية جمعت الأميركيين والفرنسيين والروس، تحت شعار محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتُرجمت بدعم ميداني للحملة القائمة لاستعادة منبج من التنظيم، مع استمرار دفع المدنيين ثمن هذه الحرب، في موازاة الجمود الذي يلف المفاوضات السورية.
وبدأ توسّع الدور الأميركي على الأرض السورية يُقلق النظام السوري وحلفاءه، مما ظهر خلال اجتماع بين وزير دفاع النظام السوري، فهد جاسم فريج، مع وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، ونظيره الروسي، سيرغي شويغو، في طهران. وأعلن دهقان في كلمة خلال الاجتماع، أن بلاده "تؤيد مقترح وقف إطلاق النار في سورية بشرط ألا يؤدي هذا لدعم وتقوية العناصر المنتمية للتنظيمات الإرهابية". واتهم "الولايات المتحدة والسعودية وحلفاءهما بدعم المجموعات المسلحة في سورية التي تسوّق أنها مجموعات تمثّل المعارضة المعتدلة"، محذراً من هذه السياسات "التي قد تؤدي بدورها لحصول تنظيم داعش على أسلحة كيماوية وحتى نووية، وهو ما يعني تهديد السلم الدولي".
وكانت مواقع إيرانية قد نقلت قبل الاجتماع أن الوزراء الثلاثة سيبحثون ما تم تحقيقه ميدانياً في سورية خلال الأشهر التسعة الماضية، أي منذ إعلان روسيا عن بدء توجيه ضربات جوية لمواقع في سورية، وهو ما تزامن وإعلان الحرس الثوري الإيراني عن زيادة عدد مستشاريه العسكريين على الأرض هناك.
وبدأ توسّع الدور الأميركي على الأرض السورية يُقلق النظام السوري وحلفاءه، مما ظهر خلال اجتماع بين وزير دفاع النظام السوري، فهد جاسم فريج، مع وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، ونظيره الروسي، سيرغي شويغو، في طهران. وأعلن دهقان في كلمة خلال الاجتماع، أن بلاده "تؤيد مقترح وقف إطلاق النار في سورية بشرط ألا يؤدي هذا لدعم وتقوية العناصر المنتمية للتنظيمات الإرهابية". واتهم "الولايات المتحدة والسعودية وحلفاءهما بدعم المجموعات المسلحة في سورية التي تسوّق أنها مجموعات تمثّل المعارضة المعتدلة"، محذراً من هذه السياسات "التي قد تؤدي بدورها لحصول تنظيم داعش على أسلحة كيماوية وحتى نووية، وهو ما يعني تهديد السلم الدولي".
وكانت مواقع إيرانية قد نقلت قبل الاجتماع أن الوزراء الثلاثة سيبحثون ما تم تحقيقه ميدانياً في سورية خلال الأشهر التسعة الماضية، أي منذ إعلان روسيا عن بدء توجيه ضربات جوية لمواقع في سورية، وهو ما تزامن وإعلان الحرس الثوري الإيراني عن زيادة عدد مستشاريه العسكريين على الأرض هناك.
في السياق نفسه، قال الدبلوماسي الإيراني السابق، هادي أفقهي، لـ"العربي الجديد"، إن كلاً من روسيا وإيران تستشعران الخطر المقبل من الدور الأميركي الأخير في مناطق من سورية، قائلاً إنه دور يهدف إلى الإعلان عن مناطق فيدرالية كردية شمالي البلاد، وهو المشروع الذي قد يجهز الأرضية لتقسيم سورية إلى مناطق سنّية وعلوية كذلك، معتبراً أن طهران وموسكو ستحاولان التنسيق لمنع هذا الأمر ولرفع مستوى التنسيق لاسترداد تلك المناطق حسب رأيه.
هذه التطورات جاءت مع استمرار الجمود على الصعيد السياسي، وهو ما أكده المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الذي أعلن أن الظروف حالياً غير مؤاتية لاستئناف مفاوضات جنيف، لكنّ ثمة جهوداً تبذل لتحسين فرص انعقادها، مؤكداً أن الهدف هو العودة إلى المفاوضات في الرابع من أغسطس/آب المقبل. في المقابل، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى عقد الجولة الجديدة من المفاوضات في أسرع وقت. وقال لافروف، في ختام مباحثاته مع نظيره الأردني، ناصر جودة، في موسكو أمس الخميس: "رغم أهمية وقف أعمال القتال وإيصال المساعدات الإنسانية، إلا أن المفاوضات السياسية يجب أن تؤدي الدور الحاسم في التسوية، والتي (أي المفاوضات) تعهدنا جميعاً بدعمها في شكل الحوار الشامل، ومن دون شروط مسبقة وتدخّل خارجي". ودعا لافروف إلى استبعاد المجموعات "المتعاونة" مع "داعش" و"جبهة النصرة" من نظام وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، اتهم رئيس الائتلاف الوطني المعارض، أنس العبدة، روسيا بالعمل على إلحاق الهزيمة بالثورة السورية، وفرض حل سياسي على مقاس نظام الأسد. واعتبر في تصريحات لـ"الأناضول"، أنه "ربما يكون هناك تصور لدى روسيا يتضمن إنشاء حكومة وحدة وطنية، والإبقاء على النظام، بل وحتى السماح للأسد بالترشح مرة أخرى للرئاسة وهذا أبعد ما يكون عن الحد الأدنى للعملية السياسية".
وأعلن أنهم لم يتسلموا من النظام أية وثيقة بخصوص الحل السياسي، وأن دي ميستورا لم يبلغهم بأية تفاصيل بشأن المقترحات المقدّمة من النظام (في حال وجودها)، مشيراً إلى أن "المعارضة السورية تدرس حالياً تقديم تفاصيل رؤيتها للمرحلة الانتقالية وبعد إقرارها من الهيئة العليا للمفاوضات سيتم تقديمها لدي ميستورا". وذكر أن المعارضة مستعدة للذهاب لجولة جديدة من المفاوضات "في حال شعرت بوجود جدية من المجتمع الدولي"، موضحاً أنه من المزمع أن تنعقد جولة مباحثات تقنية قريبة إلا أن النظام يتهرب منها لأنه لا يريد أن يخوض في تفاصيل الحل السياسي.
أما على الأرض السورية، فتتصاعد أوجه معاناة سكان مدينة منبج وريفها مع استمرار المواجهات العسكرية بين قوات "سورية الديمقراطية"، التي تتقدّم في محيط المدينة، وتنظيم "داعش" الذي ما زال يحتفظ بالسيطرة على المدينة، فمع تواصل النزوح وسط المعارك الجارية في منبج، يفقد مزيد من المدنيين حياتهم يومياً نتيجة إصابتهم بقذائف عشوائية أو رصاص طائش أو نتيجة انفجار ألغام زُرعت على الطرقات الواصلة بين القرى في ريف منبج.
ولفتت مصادر محلية في ريف منبج إلى أن تنظيم "داعش" انسحب ظهر أمس، الخميس، من قرى الخرفان والحيه الصغيرة والحية الكبيرة والكرسان ورسم المشرفة، وهي القرى التي تُعتبر آخر مناطق سيطرة "داعش" في ريف منبج الشرقي لتصبح قوات "سورية الديمقراطية" بذلك على تخوم المدينة من الجهة الشرقية، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه منذ بدء هجوم قوات "سورية الديمقراطية"، قُتل 132 من مقاتلي "داعش"، مقابل 21 من "سورية الديمقراطية"، فضلاً عن مقتل 37 مدنياً.
واتخذت المعركة في محيط منبج طابعاً دولياً على الأرض، مع إعلان باريس وجود جنود فرنسيين يقدّمون الدعم لقوات "سورية الديمقراطية". وقال المتحدث باسم الجيش الفرنسي، الكولونيل جيل جارون، إن وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لو دريان، أكد أن فرنسا توفر أسلحة وغطاء جوياً إلى جانب المشورة في الحملة الهادفة إلى طرد "داعش" من منبج. وأضاف في إفادة صحافية: "لا نخوض أبدا في تفاصيل عن أي شيء يتصل بالقوات الخاصة، التي هي بطبيعتها خاصة. لن تحصلوا على أية تفاصيل لحماية أنشطة هؤلاء الرجال"، فيما قال مصدر مقرب من وزير الدفاع الفرنسي إن "الهجوم على منبج كان مدعوماً بشكل واضح من بعض الدول، وبينها فرنسا، الدعم هو نفسه بتقديم المشورة"، دون أن يدلي بأية تفاصيل عن عدد الجنود. وكان لودريان قد ألمح من قبل إلى وجود جنود فرنسيين مع جنود أميركيين، إلى جانب قوات "سورية الديمقراطية"، في الهجوم على منبج.
وأكد الصحافي، عدنان الحسين، المنحدر من بلدة قريبة من منبج، نبأ وجود القوات الفرنسية، مشيراً إلى أن عددها يقارب 100 جندي، بمقدار ثلث القوات الأميركية، التي يصل عددها إلى 300 مقاتل، وهم يتخذون من مدينة عين العرب مقراً لهم، ويقدّمون أكثر من المشورة، ويشاركون قوات "سورية الديمقراطية" في الخطوط الخلفية.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" في وقت سابق أن القوات الأميركية المتواجدة في بلدة عين عيسى، شمالي الرقة، قد ارتدت شارات "وحدات حماية الشعب الكردية"، خلال المواجهات الدائرة مع تنظيم "داعش". وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد أكد قبل نحو شهر أن الولايات المتحدة سترسل إلى سورية مائتين وخمسين مقاتلاً، ليصبح عدد المقاتلين الأميركيين نحو 300.
إلى ذلك تستمر معاناة السكان في منبج وريفها إثر تواصل العمليات العسكرية في القرى والبلدات الواقعة على خطوط النار في ريف منبج، إذ اتهم نشطاء محليون طيران التحالف الدولي بقتل عائلة مكوّنة من أم وأربعة أطفال، بالإضافة إلى إصابة والدهم بجروح خطيرة، وذلك إثر غارة شنتها طائرة للتحالف على منزل العائلة في قرية الشبالي الواقعة على بعد خمسة كيلومترات جنوب مدينة منبج. وهذه العائلة هي واحدة من عائلات كثيرة تقطّعت بها السبل في القرى والبلدات التي تجري فيها المواجهات منذ أكثر من عشرة أيام في أرياف منبج الشمالية والشرقية والجنوبية، حيث علق كثير من السكان في هذه القرى واستحال عليهم النزوح نظراً لانقطاع معظم الطرقات من جهة، وبسبب استهداف طيران التحالف السيارات المتحركة على الطرقات من جهة أخرى.
وعلى الرغم من ذلك، تمكّن عدد كبير من سكان مدينة منبج من النزوح عنها، إذ قال الناشط، يوسف أبو محمود، لـ"العربي الجديد"، إن "نحو عشرة آلاف مدني نزحوا من مدينة منبج الخاضعة لسيطرة داعش، إلى مدينة الباب ومناطق أخرى خاضعة أيضاً لسيطرة التنظيم، مع اقتراب المعارك من مركز المدينة"، موضحاً أن "داعش" أصدر أوامر بمنع المدنيين من مغادرة المناطق التي يسيطر عليها. وأكد أبو محمود أنّ "الكثير من المدنيين غادروا الريف الشرقي لمنبج، بعد سيطرة قوات سورية الديمقراطية على عشرات القرى في المنطقة"، علماً بأن الأمم المتحدة سبق أن حذرت من أن 216 ألف مدني سينزحون عن المدينة في حال تواصلت الحملة العسكرية الجوية والبرية عليها.
وفي سياق متصل وجّه نشطاء محليون من ريف منبج اتهامات لقوات "سورية الديمقراطية" التي تتقدم في ريف منبج، بالقيام بعمليات سلب ونهب لممتلكات السكان ولأثاث البيوت، التي نزح عنها سكانها في قرية أم عظام، التي سيطرت عليها قوات "سورية الديمقراطية"، يوم الأربعاء.
ويجري كل ذلك في الوقت، الذي تتزايد فيه المخاوف في أوساط من بقي من سكان منبج حول إصرار "داعش" على خوض معركة حاسمة فيها، قد تتحول معها المدينة إلى ساحة لحرب شوارع بين مسلحي التنظيم وعناصر قوات "سورية الديمقراطية" التي تتحضر لاقتحامها، ذلك أن تنظيم "داعش" بدأ بملء الخنادق التي حفرها حول المدينة في وقت سابق بمادة الفيول، تحضيراً ربما لإشعالها وبالتالي تغطية المدينة بسحابة دخان سوداء قد تبقى لأيام تعيق مشاركة طيران التحالف الدولي في دعم قوات "سورية الديمقراطية".