منذ بداية عام 2023، تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيداً متسارعاً، في ظل تواصل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، ما بات يرجح سيناريوهات انفجار الأوضاع وامتدادها إلى قطاع غزة، كما جرى في رمضان من عام 2021.
وأُطلق من القطاع بالتزامن مع التصعيد صواريخ تجاه مستوطنات "غلاف غزة"، فيما أغار الطيران الحربي على مواقع للمقاومة عدة مرات. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس السبت، اعتراض صاروخ أطلق من قطاع غزة قبالة موقع ناحال عوز العسكري.
وعقب إطلاق الصاروخ، لم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي بغارات على القطاع بخلاف ما دأب عليه في المرات السابقة، ما قد يشير إلى ضغوط يمارسها الوسطاء، خاصة مصر، على الاحتلال لمنع تصاعد الأوضاع في قطاع غزة، تحسباً لانفلات الأوضاع الأمنية.
وتقود مصر جهوداً للتهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، إذ اختتم وفد من حركة "الجهاد الإسلامي" برئاسة الأمين العام للحركة زياد النخالة، الأسبوع الماضي، زيارة إلى القاهرة بحث خلالها تطورات الأوضاع في فلسطين والتهدئة، فيما يجري وفد من "حماس" بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية زيارة مماثلة منذ الأربعاء الماضي، وتتواصل مباحثاتها حتى اليوم.
ورغم الجهود المصرية، أصدر وزير الأمن القومي بحكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، الجمعة الماضية، تعليماته للشرطة بالاستعداد لتنفيذ عملية "السور الواقي 2" في القدس، ما من شأنه أنّ يفجر الأحداث في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في القطاع.
وعن ذلك يقول المتحدث باسم حركة "حماس" حازم قاسم إن "الاحتلال معني بتفجير الأوضاع ولا يلتفت لأي جهد يمكن أن يحتوي الانفجار القادم". ويضيف قاسم في حديثه لـ"العربي الجديد": "الاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا السلوك العدواني والجرائم المتواصلة".
ويشير إلى أنّ "أي طرف يريد منع تفجر الأوضاع عليه أن يضغط على الاحتلال لأنه السباب الأساسي بهذا التوتر"، مشدداً على أنّ "عمليات المقاومة الفلسطينية لن تتوقف، فشعبنا يدافع عن أرضه وممتلكاته ومقاومتنا العسكرية ستكون للاحتلال بالمرصاد".
من جانبه، يقول مسؤول المكتب الإعلامي لحركة "الجهاد الإسلامي"، داود شهاب، إن "ساحة المعركة التي يخوضها الشعب دفاعاً عن نفسه وأرضه ومقدساته هي ساحة واحدة، وكل الخيارات مفتوحة أمام المقاومة في التصدي لهذه الحرب".
ويضيف شهاب لـ"العربي الجديد": "تصعيد المقاومة هو فعل طبيعي في مواجهة سياسة الهدم والقتل والاقتحامات المستمرة، الضفة والقدس"، موضحاً أنّ "المقاومة سواء كانت في غزة أو أي مكان آخر ستكون درع القدس وسيفها".
ويتابع شهاب: "الضفة الغربية ومدينة القدس تشهدان حرباً إسرائيلية واضحة ومعلنة، ولا يكاد يمر يوم دون أن ترتكب فيها جرائم بحق الشعب الفلسطيني سواء بالقتل أو الاعتقال أو تدمير المنازل وتجريف الأراضي".
والشعب الفلسطيني لا يجد وسيلة للدفاع عن نفسه وحماية أرضه سوى بالمقاومة التي هي حق مشروع في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي، وفق حديث شهاب، الذي لفت إلى أنّ "قادة العدو يصعدون لهجة التحريض والتهديد.. ونحن نقول لهم إن عليهم أن يدركوا أنه ليس لدينا ما نخسره، وإن عليهم أن يتحملوا مسؤولية ما يقومون به من جرائم وعدوان وإرهاب".
ويحذر من أن "الأوضاع مقبلة على تصعيد وانفجار كبير، ولا يوجد أفق لمنع هذا الانفجار في ظل التراخي والعجز الدوليين عن مواجهة ولجم سياسات حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، والصمت عن تشكيل مليشيات مسلحة من المستوطنين بهدف القتل والعدوان ضد شعبنا".
وفي قراءته للاعتداءات الإسرائيلية في ظل جهود التهدئة، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن "الاحتلال لن يلتزم للوسطاء بأي شيء وهو يواصل الإجراءات القمعية والتصعيدية ولا يلتزم بأي أمر قد يؤدي إلى حدوث نوع من الهدوء ولذلك لقاءات القاهرة لم تحقق أي تقدم على الصعيد المتعلق بالمقاومة والتهدئة".
ويشير الصواف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "المقاومة مستمرة ولن يوقفها أي حديث عن التهدئة ما لم يلتزم الاحتلال بوقف ما يرتكبه من جرائم في القدس والضفة"، موضحاً أنّ "المقاومة في غزة لها حسابات مختلفة، وهي تراقب الاحتلال وتعمل على تثوير الضفة لمزيد من المواجهة والردود العسكرية وتطوير ودعم العمل العسكري بكل الإمكانيات".
ويوضح أن دخول المقاومة في غزة على خط المواجهة مع الاحتلال لن يطول، وذلك نظراً لما يرتكبه الاحتلال من جرائم، موضحاً أنّ "المقاومة الفلسطينية المسلحة تراقب الأحداث بالضفة والقدس عن كثب، وأن جرائم الاحتلال في حال استمرت لن تصمت وأيدي المقاتلين على الزناد".
وحول امتناع جيش الاحتلال عن الرد على الصاروخ الذي أطلق من القطاع، مساء السبت، قال الصواف، إن ذلك ربما يأتي "نتيجة ضغط أميركي مصري على الاحتلال بعد اللقاءات التي جرت بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي مع رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل الأسبوع الماضي".