لا أحد يعرف اللحظة التاريخية المناسبة التي سيخرج فيها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ليدلي بدلوه حول الاشتباكات العنيفة التي عاشتها مدينة إربد الأردنية ليلة الثلاثاء- الأربعاء الماضية، التي انتهت بتفكيك قوات الأمن الأردني خلية إرهابية تتبع للتنظيم وتنشط على الأرض الأردنية، لكن الثابت أنه حين يقرر أن لحظة البوح قد حانت، فإنه، بمعجمه اللغوي، سيطلق على ما حدث وصف "غزوة إربد"، ويتبجح بقدرته على وضع موطئ قدم على الساحة الأردنية.
صمت التنظيم أو تأخره في الإعلان عن دوره في أحداث إربد يخالف عادته التي درج عليها في سرعة إعلانه رسمياً عن عملياته "الكبيرة" أو حتى إعلان أعضائه الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عن العملية في معرض احتفالهم بها واستعراضهم لقوة التنظيم الذي ينتمون إليه. سلوك يثير المخاوف حول أهداف "الصمت الإعلامي" للتنظيم تجاه الأردن، وهو الذي لم يعلن تبنيه لعمليات سابقة أقل خطورة من العملية الأخيرة، رغم أن الشبهات كلها كانت تتمحور حول وقوفه خلفها أو أقلها تعاطف منفذيها معه. مند ولادة التنظيم الذي لم يخف حماسته للتمدد أردنياً، ونجح في استقطاب العشرات من الأردنيين للقتال في صفوفه في العراق وسورية، تبنى إستراتيجية خاصة في التعامل مع الأردن تقوم على عدم استثارة المملكة إعلامياً - باستثناء حادثة إعدام الطيار معاذ الكساسبة حرقاً - وترك أجهزتها ومواطنيها ضحية للشك والريبة. إستراتيجية لم تغفل حلم التمدد "الداعشي" وأوحت بإمكانيته لناحية زرع عناصر "بصمت" في بؤر متعددة وانتظار اللحظة المناسبة، التي فوّتها الأمن الأردني.
الخطة التي تحتاج إلى نفس "داعشي" طويل، لم تكشفها أحداث إربد فقط، لكن حادثة تجنيد فتاة أردنية نهاية العام الماضي، واستعادتها قبل الالتحاق بـ"عاصمة التنظيم"، أعطت مؤشراً خطيراً، حين تبين أن المدة التي استغرقها التنظيم لتجنيد الفتاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجاوزت العامين، وأن سيدة مجهولة الهوية للآن سلمت الفتاة نيابة عن "داعش" المال وتذكرة سفر. خيوط عند جمعها تثير الخوف وتدعو إلى مزيد من اليقظة.