غضب فلسطيني بعد إعلان بن غفير نيته إقامة كنيس في المسجد الأقصى

حيفا
نايف زيداني
نايف زيداني
صحافي فلسطيني من الجليل، متابع للشأن الإسرائيلي وشؤون فلسطينيي 48. عمل في العديد من وسائل الإعلام العربية المكتوبة والمسموعة والمرئية، مراسل "العربي الجديد" في الداخل الفلسطيني.
القدس المحتلة

محمد عبد ربه

avata
محمد عبد ربه
26 اغسطس 2024
غضب بعد إعلان بن غفير نيته إقامة كنيس في المسجد الأقصى
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصريحات بن غفير وإثارة الجدل:** أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن رغبته في إقامة كنيس داخل المسجد الأقصى، مما أثار ردود فعل غاضبة وانقسامات سياسية في إسرائيل، حيث حذر بعض الوزراء من تداعياتها على التحالفات مع الدول الإسلامية.

- **ردود الفعل الفلسطينية والدولية:** قوبلت تصريحات بن غفير بغضب واسع من الجهات الفلسطينية والدولية، حيث حذرت الرئاسة الفلسطينية من حرب دينية وأدانت الخارجية الأردنية والفلسطينية هذه التصريحات.

- **تحذيرات الهيئات الإسلامية والمختصين:** رفضت الهيئات الإسلامية في القدس تصريحات بن غفير، محذرة من أنها تهدف لتغيير هوية المسجد الأقصى وفرض الطقوس التوراتية بالقوة، مما ينقل الصراع إلى مرحلة خطيرة.

قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، في حديث لإذاعة جيش الاحتلال، اليوم الاثنين، إنه يريد إقامة كنيس في المسجد الأقصى، مضيفاً أن "السياسة (الحالية) تسمح بالصلاة في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)"، وأن هناك "قانوناً يساوي بين اليهود والمسلمين" في هذا الخصوص، فيما سارع ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى إصدار توضيح بأنه "لا يوجد تغيير في الوضع القائم" في الحرم القدسي.

وأثارت تصريحات بن غفير عاصفة من ردود الفعل في الحلبة السياسية الإسرائيلية، خاصة في صفوف من يرون أنه يسعى لإشعال الوضع، أو من أولئك الذين يستندون إلى عقيدة دينية ترى أن الوقت لم يحن لذلك، ومنهم من طالب نتنياهو بوضع حد لتصرفاته.

وجاءت أقوال بن غفير في اللقاء مع الإذاعة على خلفية قيام مجموعة مستوطنين، أمس الأحد، بتوثيق أنفسهم يؤدون طقوساً توراتية في المسجد الأقصى، حتى تلك التي يفترض أن تكون ممنوعة، مثل الانبطاح على الأرض في إطار ما يُسمى السجود الملحمي، فيما يقف بجانبهم عناصر من الشرطة يتحدّثون ولا يفعلون شيئاً لمنعهم من ذلك، رغم مخالفتهم القوانين التي يفترض أن تسري في المسجد.

ويأتي ذلك بعد نحو أسبوعين من إثارة بن غفير زوبعة كبيرة إثر اقتحامه المسجد الأقصى خلال ما يُسمى صوم "التاسع من آب"، وفق التقويم العبري.

انتقاد بن غفير

وحذّر وزير الداخلية موشيه أربيل من تصريحات بن غفير بقوله: "إن كلماته غير المسؤولة تضع على المحك تحالفات إسرائيل الاستراتيجية مع دول إسلامية تشكّل تحالفاً ضد محور الشر الإيراني.. افتقاره إلى الحكمة قد يؤدي لسفك الدماء"، وطالب أربيل نتنياهو بوضع حد لتصرفاته. ونقلت وسائل إعلام عبرية، منها موقع واينت، عن مقربين من بن غفير وصفهم الوزير أربيل بأنه "متملق يساري (رغم أنه من حزب شاس الحريدي المتديّن).. لا يكل (من التملق)، لليسار، وللعرب، وللجهاز القضائي. وفي حالة جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، (يتملق) لحماس والأوقاف. اتهاماته المستمرة لليهود تخلق خطرا أمنيا. اختار ناخبو شاس اليمين وحصلوا على موشيه ميرتس (اسم حزب يساري) أربيل".

وقال وزير التربية والتعليم يوآف كيش إن "أي تغيير في الوضع القائم في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، خاصة في زمن الحرب، يجب أن يتم بمهنية في المجلس الوزاري (الكابينت) مع دراسة كل المعاني والعواقب... أقوال غير مسؤولة من قبل الوزير بن غفير في وسائل الإعلام في هذه القضية، غير ضرورية، وشعبوية وغبية".


وهاجمت أوساط أخرى حتى من المعارضة تصريحات بن غفير. ولفت الموقع العبري إلى أنه منذ "التاسع من آب" (أغسطس) يبدو أن هناك تغييراً في تحركات الشرطة بشأن صلاة المستوطنين في المسجد الأقصى، إذ جرى في حالات مختلفة توثيق عشرات اليهود يمارسون طقوساً ممنوعة في المكان، دون أن تفعل الشرطة شيئاً، بخلاف ما كان في الماضي. ويمكن أن تشير هذه الظاهرة إلى سياسة جديدة يتم تنفيذها، أو تجاهل للإجراءات المتفق عليها.

كما ذكر الموقع أن "غضّ الشرطة النظر عما يحدث يتم بشكل رئيسي في الجزء الشرقي من الحرم القدسي. وربما يرى الضباط الجانب الشرقي كمنطقة احتمالات اشتعال الأوضاع فيه أقل، لأنه أبعد ويمر به عدد أقل من الزوار العرب يومياً. ونشطاء جبل الهيكل، من جانبهم، يشيرون أيضاً إلى سبب شرعي، وهو أنه من الطبيعي أكثر الصلاة في الجانب الشرقي، إذ يوجد إجماع أكبر على أنه موقع جبل الهيكل الأصلي والمقدس"، وفق مزاعمه.

غضب فلسطيني من تصريحات بن غفير: الأقصى خط أحمر

إلى ذلك، لقيت تصريحات بن غفير غضبا من مرجعيات دينية ووطنية وجهات فلسطينية رسمية، إذ قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن دعوات بن غفير لإقامة كنيس داخل الأقصى "خطيرة جداً"، مؤكداً أن "الشعب الفلسطيني لن يقبل المساس بالمسجد الأقصى المبارك، وهو خط أحمر لا يمكن السماح بالمساس به إطلاقا".

وعبّر أبو ردينة في تصريح صحافي، عن رفضه وإدانته المساس بالمسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات هي محاولات لجر المنطقة إلى حرب دينية ستحرق الجميع، مؤكداً أن مساحة الحرم الشريف البالغة 144 دونما هي ملك للمسلمين فقط. ودعا المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأميركية إلى التحرك الفوري للجم هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، وإجبارها على الالتزام بالوضع القانوني والتاريخي السائد في الأقصى. وأشار إلى أن الدعم الأميركي السياسي والعسكري والمالي هو الذي شجع هؤلاء المتطرفين على الاستمرار في عدوانهم على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.

كما اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، تصريحات بن غفير بمثابة دعوة علنية وصريحة لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه. ودانت الوزارة بشدة اقتحامات غلاة المتطرفين اليهود للمسجد وقيامهم بأداء رقصات وصلوات تلمودية في باحاته بما في ذلك ما يسمى بالسجود الملحمي وغيره. وحذرت من المخاطر المترتبة على دعوات بن غفير بصفتها وصفة لتفجير ساحة الصراع والمنطقة برمتها، وتخريبا متعمدا للجهود الدولية والإقليمية المبذولة لوقف العدوان وحرب الإبادة والتهجير على الشعب الفلسطيني.

من جانبه، وصف رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري تصريحات الوزير المتطرف، بأنها الأخطر وتمنح المستوطنين ضوءاً أخضر للمسّ بالمسجد الأقصى. وقال في حديث إلى "العربي الجديد"، "إن هذه التصريحات تزيل القناع عن الوجه البشع لحكومة الاحتلال التي توفر كامل الحماية للمستوطنين الذين يدنسون يومياً المسجد الأقصى ويؤدون طقوسهم الاستفزازية فيه وبأعداد غير مسبوقة، في الوقت الذي تفرض قيوداً مشددة على دخول المصلين المسلمين وتعتدي عليهم بالضرب والاعتقال والإبعاد". وطالب باتخاذ موقف عربي وإسلامي جاد وحقيقي لحماية المسجد الأقصى من الأخطار المحدقة به.

كما قال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية القيادي في حركة فتح، حاتم عبد القادر في حديث لـ"العربي الجديد"، "إن الشعب الفلسطيني لن يسمح بإقامة الكنيس الذي أعلن عنه بن غفير وسيتصدى له، كما كان عليه الحال في هبتي باب الرحمة، والبوابات الالكترونية". وأضاف: "نحن ننظر ببالغ الخطورة لهذه التصريحات التي تأتي في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، وفي ظل حالة غير مسبوقة من العجز العربي والإسلامي الذي جعل وزيراً في حكومة الاحتلال يتطاول على حق المسلمين الحصري في المسجد الأقصى، وفي تدنيسه المستمر باقتحامه الاستفزازي المثير لمشاعر الغضب".

هيئات إسلامية: تصريحات وتصرفات بن غفير تحريض وإرهاب غير مسبوق

في غضون ذلك، أكد كلّ من مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، والهيئة الإسلامية العليا، ودار الإفتاء الفلسطينية، ودائرة قاضي القضاة، في القدس، ودائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك، في بيان مشترك، رفضها كمرجعيات إسلامية في القدس الشريف تصرفات وتصريحات بن غفير. واعتبرت الهيئات الإسلامية ذلك تحريضاً وإرهاباً غير مسبوق في سياق مخطط تيار يهودي متطرف سياسياً ودينياً باتجاه احتلال وتهويد الأقصى.

وحمّلت الهيئات الإسلامية المجتمع الدولي وبالأخص الأمة الإسلامية الرسمية مسؤولية الانتهاكات الأخيرة التي تحدث ضد المسجد الأقصى بسبب تقاعس وتقصير دول العالم الإسلامي عن أداء واجبها لنجدة وإنقاذ الأقصى من أفعال التدنيس والتهويد. وناشدت الهيئات "شعوب العالم الإسلامي الالتفاف حول المسجد الأقصى المبارك، وكذلك كل مسلم وكل مسيحي وكل حر شريف في العالم للقيام بواجبه من موقعه وحسب قدرته لحماية المسجد".

الباحث ابحيص: تبديل هوية الأقصى بات البرنامج العملي للحكومة الإسرائيلية

من ناحيته، قال الباحث المختص بشؤون المسجد الأقصى زياد ابحيص لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات بن غفير تُدخِل المسجد الأقصى في دائرة الخطر الأشد كونها تصدر عن وزير في حكومة الاحتلال تتولى شرطته المسؤولية عن المسجد الأقصى وتنتهكه يومياً من خلال الاعتداء على المصلين المسلمين ومحاولة تفريغه منهم. وأكد أن تبديل هوية المسجد الأقصى وتحويله إلى هيكل باتا البرنامج العملي للحكومة الإسرائيلية، مع إمساك المتطرفين من أتباع الصهيونية الدينية بزمام القرار؛ مشيرًا إلى أن سلوك شرطة الاحتلال والأجهزة الأمنية تجاه الأقصى تحت إمرة بن غفير، أحد المؤمنين بعقيدة الهيكل المزعوم، يشير إلى الجهد المبذول لتهويد المسجد وفرض ذلك بالقوة، وهو ما ينقل الصراع إلى مرحلة خطيرة من التصعيد.

ووفق ابحيص، "فقد تجلى هذا الخطر في أكبر اقتحام شهده المسجد الأقصى في تاريخه في يوم 13 أغسطس في الذكرى التوراتية المسماة (ذكرى خراب الهيكل)، حيث اقتحم الأقصى نحو ثلاثة آلاف مستوطن، أدوا الطقوس التوراتية فيه بشكل علني وجماعي شرق قبة الصخرة وغربها، في توسيع غير مسبوق لمساحات فرض الطقوس التوراتية". وأضاف: "صرح بن غفير للمرة الثالثة بأن شرطة الاحتلال ستسمح بصلاة اليهود العلنية في المسجد الأقصى في مسعىً علني لتغيير هوية الأقصى، ورغم النفي الكاذب والبروتوكولي الصادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلا أن الأقصى يشهد الانبطاح المسمى (السجود الملحمي) الجماعي بشكلٍ يومي منذ ذلك التاريخ".

وشدد ابحيص على أن "حرب الابادة على غزة ومحاولة الإحلال الديني في الأقصى كلٌّ متكامل، فالمشروع الصهيوني كان يتخذ من تغيير هوية الأقصى وتحويله إلى هيكل مدخلاً لمعركة الحسم وعنواناً لإلغاء الحضور الفلسطيني والعربي والإسلامي على أرض فلسطين، فنجاحه في حسم معركة المقدس على صعوبتها يعني نجاحه في حسم كل ما سواها".

الأردن يدين تصريحات بن غفير: نعد ملفات قانونية للتحرك في المحاكم الدولية

من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الأردنية تصريحات بن غفير مشيرة إلى أنها تمثل تحريضاً مرفوضاً يتطلب موقفاً دولياً واضحاً بإدانته والتصدي له. وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة في بيان "رفض المملكة المطلق وإدانتها بأشد العبارات تصريحات الوزير الإسرائيلي المتطرف، الذي يغذي سياسة التطرف ويعمل على تغيير الوضع التاريخيّ والقانوني في القدس ومقدساتها عبر فرض وقائع وممارسات جديدة مدعومة بسردية إقصائية متعصبة".

وشدد القضاة على أن الأقصى وبكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الأقصى كافة وتنظيم الدخول إليه. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة إن استمرار الانتهاكات بحق الأقصى والتحريض عليه من قبل بن غفير يصب في اتجاه فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، مؤكداً في هذا السياق أن الأردن سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لوقف الاعتداءات على المقدسات، وأنه "يعد الملفات القانونية اللازمة للتحرك في المحاكم الدولية ضد الاعتداءات على المقدسات، التي تشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي، وتصعيداً خطيراً سيواجهه الأردن بكل السبل الممكنة".

ذات صلة

الصورة
ما تركه المستوطنون من أشجار مقطوعة ومحصول مسروق في قرية قريوت (العربي الجديد)

سياسة

تعرضت الأراضي الزراعية في موقع "بطيشة" غربي قرية قريوت إلى الجنوب من مدينة نابلس لهجوم كبير من المستوطنين الذين قطعوا وسرقوا أشجار الزيتون المعمرة
الصورة
تظاهرة للحريديم ضد قرار تجنيدهم بالجيش، مايو 2024 (مصطفى الخروف/الأناضول)

سياسة

سعت إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 إلى ترميم صورتها، لا سيما العسكرية، فارتكبت جرائم حرب وإبادة في غزة لكن الشعور بالخطر الوجودي لم يُلغ الاختلافات السياسية.
الصورة
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى / القدس المحتلة 13 أغسطس 2024 (Getty)

سياسة

يخشى المقدسيون من أن تكون تحركات المستوطنين بشأن بناء كنيس يهودي في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى قد بدأت تأخذ منحنى جدياً في الأيام الأخيرة.
الصورة
عكرمة صبري بعد إفراج الاحتلال عنه ، 17 ديسمبر 2023 (الأناضول)

سياسة

أصدرت الشرطة الإسرائيلية صباح اليوم الخميس، قرارًا بمنع خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري من الدخول إلى المسجد وباحاته لمدة ستة أشهر.