دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الأربعاء، العراقيين إلى "كسر دائرة عدم الاستقرار" ومواصلة العمل على طريق تحقيق "الازدهار والحرية"، خلال زيارة هي الأولى للعراق منذ ستّ سنوات، أكد فيها على "التضامن" مع العراقيين.
وجاءت زيارة غوتيريس تزامناً مع مرور عشرين عاماً على سقوط نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة في آذار/مارس من العام 2003.
وقال غوتيريس في مؤتمر صحافي إلى جانب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، "أنا هنا في زيارة تضامن، وللتأكيد على التزام الأمم المتحدة بدعم العراق في توطيد المؤسسات الديموقراطية.. وحقوق الإنسان لكل العراقيين".
كما رحب غوتيريس بجهود السوداني في "معالجة التحديات التي تواجه البلاد بما في ذلك محاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة والتنويع الاقتصادي من أجل خفض البطالة وإيجاد فرص للشباب".
ويتمتع العراق بثروات نفطية هائلة، ويعتمد على النفط بنسبة 90% من إيراداته، فيما تخطّت احتياطاته بالعملة الأجنبية المئة مليار دولار. لكن بعد عقود من الحروب، لا يزال العراق يعاني من تهالك في بنيته التحتية وتلكؤ في اقتصاده الذي لا يزال نموه متعثراً خارج القطاع النفطي.
كما تواجه البلاد كذلك عدم استقرار سياسي مزمن، فرئيس الوزراء الحالي كلّف أواخر العام 2022 بتشكيل الحكومة بعد مناوشات ومفاوضات طويلة الأمد بين الأحزاب الشيعية الكبرى واشتباكات دامية في بغداد في آب/أغسطس 2022.
وشهد البلد كذلك في العام 2019 موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة المنددة باختلالات النظام السياسي والبطالة بين الشباب وهيمنة فصائل مسلحة والفساد المزمن وتهالك البنى التحتية بعد عقود من النزاعات.
وأعرب غوتيريس، الذي تعود آخر زيارة له للعراق إلى صيف العام 2017، الأربعاء عن "الأمل" في أن يكسر العراق "دائرة عدم الاستقرار والهشاشة" من أجل الانطلاق نحو "مزيد من الازدهار والحرية والسلام".
"الاستقرار الإقليمي"
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة بدور العراق "المحوري" في "الاستقرار الإقليمي"، و"التزام الحكومة بتحقيق تقدّم في الحوار والدبلوماسية". وتتوسط بغداد في مفاوضات غير مسبوقة بين إيران والسعودية، الخصمين الإقليميين، ولكن بعد عدة لقاءات مثمرة لا تزال المحادثات بين الطرفين متعثرة حتى الآن.
ودعا غوتيريس خلال مؤتمر صحافي إلى إرساء "آلية حوار" تضمّ دول الخليج الثماني. وقال "أعرف أن الأمر ليس سهلاً ولن يتحقق على الفور، لكن آمل أن يكون هناك هندسة أمنية جديدة في الخليج، قائمة على مبادئ استقلال كل بلد وعدم تدخل أي بلد في شؤون الآخر الداخلية".
من جهته، شدد رئيس الوزراء العراقي على أولويات حكومته من "توفير فرص العمل" و"محاربة الفقر ومكافحة الفساد". وأضاف السوداني "نحن ماضون في إرساء معادلة الاستقرار. حكومتنا خلقت حالة من الاستقرار السياسي والأمني، واليوم العراق هو مفتاح للحل في المنطقة وليس جزءاً من مشكلة أمنية وسياسية".
وتابع "نعمل على جلب الفرقاء والآراء المتناقضة في العراق الذي نرى أنه يلعب دوراً ريادياً بين الأشقاء والأصدقاء لخلق هذا النظام الإقليمي المستقر والذي ينعكس قطعاً على الاستقرار في عموم المنطقة والعالم".
والتقى الأمين العام للأمم المتحدة الأربعاء كذلك مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين. كما التقى أيضاً رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وبممثّلين عن منظّمات تدافع عن حقوق المرأة والشباب، وفق بيان للمتحدث باسم الأمم المتحدة.
"يوم قاتم"
دشن الغزو الأميركي للعراق في 20 آذار/مارس 2003 وسقوط نظام صدام حسين واحدةً من الصفحات الأكثر دمويةً في تاريخ العراق، من محطاتها اقتتال طائفي عنيف وصعود لجهاديي تنظيم الدولة الاسلامية.
ومتحدثاً عن "واحد من أكثر الأيام قتامةً في تاريخ الأمم المتحدة"، استذكر غوتيريس الهجوم الانتحاري في العام 2003 ضد فندق "القناة"، مقر الأمم المتحدة في بغداد حينها والذي أسفر عن 22 قتيلاً من بينهم ممثل الأمم المتحدة الخاص في العراق البرازيلي، سيرجيو فييرا دي ميلو.
وقال غوتيريس "غيّر هذا اليوم الأمم المتحدة إلى الأبد، لكنه لم يكسر عزمنا في البقاء ودعم الشعب العراقي".
ويزور غوتيريس غداً الخميس مخيّماً للنازحين في شمال العراق، قبل أن يتوجّه إلى أربيل حيث سيلتقي ممثّلين عن حكومة إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي. ومن العراق يتوجّه الأمين العام إلى قطر للمشاركة في قمّة البلدان الأقل نمواً.
(فرانس برس)