فريق بيدرسون يتجاهل مداخلات وفد المجتمع المدني المعارض في محضره

22 يناير 2021
لم يجرِ فريق بيدرسون تعديلاً على المحضر (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

اعترض ممثلو المجتمع المدني (المعارض) في اللجنة الدستورية السورية، على فريق المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، بعد أن تجاهل الأخير أهم مداخلات أعضاء المجتمع أثناء كتابة محضر اجتماع بيدرسون مع كتلة المجتمع المدني يوم 19 الشهر الجاري، في حين بقيت في المحضر مداخلات فريق النظام وتوصياته. وكان رئيس هيئة التفاوض أنس العبدة قال في وقت سابق إن الفريق الأممي "بات مهتماً أكثر بإرضاء النظام".

وعقد بيدرسون، يوم الثلاثاء الماضي، اجتماعاً مع كتلة المجتمع المدني – الموسّعة - في اللجنة الدستورية، تغيّب عنه عدد من الأعضاء المحسوبين على النظام، تخلّلته مداخلات للأعضاء وتوصيات ضمن المداخلات. وقالت مصادر "العربي الجديد" إنه بعد انتهاء الاجتماع، شارك الفريق الأممي محضر الجلسة مع الأعضاء، ليكتشف ممثلو المجتمع المدني المعارض أن المحضر قد خلا من أهم مداخلات الأعضاء المعارضين، وأبقى على النقاط التي تحدّث بها الأعضاء المحسوبون على النظام.

وأضافت المصادر أنه "على الفور، أبدى الأعضاء المعارضون في كتلة المجتمع المدني اعتراضهم، وأخبروا فريق المبعوث الأممي بأن المحضر منقوص وتجاهل أهم مداخلاتهم، وطالبوا الفريق بإعادة كتابة المحضر من جديد، وتضمين فحوى مداخلات المعارضين". وبحسب المصادر، فإن فريق المبعوث الأممي لم يقم بتعديل المحضر، واكتفى بالقول "إن هذا المحضر غير رسمي"، من دون الإشارة إلى أن "المحضر الرسمي سيتضمن مداخلات المعارضين".

وكان أعضاء وفد المجتمع المدني في المعارضة قد تحدّثوا خلال مداخلاتهم عن "ضرورة مشاركة جلسات اجتماعات اللجنة الدستورية مع اللجنة الموسعة والسوريين كافة، لأن هذا حقّهم في المعرفة والاطلاع على مداولات دستور بلادهم المستقبلي"، كما تحدّثوا عن "ملف النازحين السوريين ومعاناتهم، وملف المعتقلين وضرورة إطلاق سراحهم الفوري، وملف المُهجرين قسراً، وملف اللاجئين السوريين"، فيما ركزت مداخلات الوفد المحسوب على النظام "على العودة إلى حضن الوطن، وتحويل اجتماعات الدستورية من جنيف إلى دمشق، ورفع العقوبات عن النظام،  والإرهاب".

وبحسب محضر الجلسة الذي أعدّه فريق المبعوث الأممي، واطلع عليه "العربي الجديد"، فإن النقاشات بين بيدرسون وكتلة المجتمع المدني شملت "تعلیقات على العدید من التحدیات التي یواجھھا الشعب السوري من إرهاب وصعوبات اقتصادیة وشتاء قاسٍ، تعلیقات على ضرورة رفع العقوبات وضرورة معالجة مسألة تخصیص الموارد الوطنیة، اقتراح عودة الأعضاء الموجودین خارج سورية إلى الوطن لعقد اجتماعات داخل البلاد، تعلیقات تؤكد ضرورة تحقیق نتائج ملموسة للسوریین من خلال العملیة السیاسیة، حیث لا یزال العدید من أعضاء اللجنة یواجھون ضغوطاً من جماھیرھم، الحاجة إلى تدابیر بناء الثقة في العملیة السیاسیة، أھمیة توزیع محاضر جلسات الھیئة المصغرة لجمیع أعضاء الھیئة الوسطى الموسعة، وسؤال حول توفیر لقاحات كوفيد-19 لأعضاء اللجنة الدستوریة".

وغاب عن المحضر حديث أعضاء وفد المجتمع المدني المعارض عن ملفات إنسانية بالغة الأهمية، وهي ملفات تُعتبر ما فوق تفاوضية، كملف إطلاق سراح المعتقلين، والبيئة الآمنة، ورفع مأساة السوريين في المخيمات. ويخشى أعضاء الوفد أن يتحول هذا المحضر إلى غرفة أرشيف الأمم المتحدة، وأن يُستخدم هذا المحضر في وقت لاحق على أنه يُمثل كافة أعضاء المجتمع المدني، بمن فيهم الأعضاء المعارضون، وهو ما قد يُشكل حرجاً للأعضاء المعارضين لمخالفته مبادئهم ومطالبهم، ولأن المحضر سيضعهم ضمن من طالبوا بنقل الاجتماعات إلى دمشق، ورفع العقوبات عن النظام.

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن فريق بيدرسون  حتى اللحظة لم يُجرِ تعديلاً على المحضر، وذلك على الرغم من كل مطالبات أعضاء وفد المجتمع المدني المعارضين من المسؤول في الفريق الأممي بإجراء التعديل من دون أي تأخير. وقالت المصادر إن "فريق بيدرسون تجاهل المطالب، وما زال يكرّر تبريره بأن هذا المحضر غير رسمي"، من دون الإشارة إلى "ما إذا سيكون هناك محضر رسمي أم لا، وهل سيتم تضمين مداخلات الوفد المعارض أم لا".

وعدّت مصادر "العربي الجديد" في اللجنة الدستورية أن "فريق الأمم المتحدة يوجه أذنيه إلى وفد النظام، ويصمّهما عن وفد المعارضة السورية"، مضيفة أن هذا الأمر بات "مصدر قلق حقيقي"، خصوصاً وأن بيدرسون "كان له دور ملموس بإقناع المعارضة السورية بالقبول بجداول أعمال اللجنة الدستورية التي يقترحها النظام، متذرّعاً بضرورة عقد الاجتماعات، لأن مسار اللجنة الدستورية هو المسار الوحيد النشط في العملية السياسية".

وبحثت الجولتان الثالثة والرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية - التي بدأت قبل أكثر من عام ولم تبحث حتى اللحظة ملفات متصلة بالدستور - موضوع "الهوية الوطنية/ المبادئ الوطنية الأساسية"، وهو جدول أعمال رفضه كثيراً وفد المعارضة، قبل أن يتمكن بيدرسون من إقناعه بقبول الجدول الذي لم يتراجع النظام عنه أبداً، ورفض الحضور إلى جنيف للحديث في غيره.

وكان رئيس هيئة التفاوض السورية قد عبّر عن قلق الهيئة من عدة سلوكيات للفريق الأممي، وقال خلال مقابلة مع "العربي الجديد" قبل أيام إن الفريق الأممي "بات مهتماً أكثر بإرضاء النظام، لدرجة أن هذا الوفد يضع أولويته في حضور النظام، وذلك على حساب النقاشات والالتزام بورقة القواعد الإجرائية".

وأضاف أن "ما يثير الاهتمام أن السوريين وعدداً من الدول يلاحظون أن الأمم المتحدة تتغاضى عن ذكر مسار أساسي في العملية السياسية، وهو مسار الحكم الانتقالي"، وعدّ أن هذا التغاضي هو "انزلاق خطير من قِبل الأمم المتحدة من نواحٍ عدة، أولاً في فهم جذر العملية السياسية، وثانياً في فهم القرار 2254، وثالثاً في فهم ما يريده الشعب السوري وما ضحى من أجله".

وتنطلق أعمال الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية يوم الإثنين المقبل، وستبحث المبادئ الأساسية للدستور، وهو أول اجتماع للجنة سيتطرق إلى ملف الدستور. وعلى الرغم من ذلك، يُبدي أعضاء في اللجنة الدستورية مخاوف من أن يأتي النظام وبين يديه عوامل إفراغ الجولة القادمة من مضمونها، على سبيل ما حدث خلال الجولة الثانية التي عقدت نهاية عام 2019، والتي عطّلها النظام باشتراط أنه لن يدخل قاعة الاجتماعات قبل توقيع الوفود كافة على ورقة أطلق عليها اسم "المبادئ الأساسية التي تهم الشعب السوري"، وهي ورقة غير متصلة بالدستور، وتُدين كل من عارض النظام أو حمل السلاح ضدّه.