كشفت مصادر عراقية متطابقة، عن إعادة انتشار واسعة أجرتها فصائل عراقية مسلحة داخل الأراضي السورية، خلال الشهرين الماضيين، تضمنت الانسحاب من مراكز بعض البلدات والمدن التي تسيطر عليها قوات النظام.
وأوضحت أن الفصائل ركزت انتشارها الجديد في مناطق حدودية مع العراق، ضمن محور التنف ــ البوكمال، وريف دير الزور، بعضها في مناطق تحاذي مناطق سيطرة مسلحي "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
وتنتشر نحو 10 فصائل عراقية مسلحة، مرتبطة بإيران، داخل الأراضي السورية منذ الأشهر الأولى لاندلاع الثورة. وأبرز الفصائل "النجباء"، و"كتائب الإمام علي"، و"سيد الشهداء"، و"جيش المؤمل"، و"حركة الأبدال"، و"سرايا الخراساني"، و"كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق". ويتورط كثير منها بجرائم وانتهاكات إنسانية بحق المدنيين، خلال قتالهم إلى جانب قوات نظام بشار الأسد.
أعلن كمال الحسناوي أنه تم افتتاح مكاتب للإرشاد الديني لتنفيذ بعض الأعمال التطوعية والدعوية
وكشف عضو بارز في جماعة "النجباء"، التي يتزعمها أكرم الكعبي، عن انسحابات متتالية لمسلحي الفصائل من مناطق مختلفة داخل ما وصفه بـ"العمق السوري".
قوات النظام لم تعد بحاجة لمساعدة
وذكر أن من بين المناطق التي تُركَت أخيراً لقوات النظام وتشكيلات مسلحة أخرى، لم يسمِّها، القصير والضبعة، وتدمر، والنبك، وموقعين في المدينة الصناعية في حلب، كان يوجد فيهما عناصر فصيلين عراقيين منها. وعزا ذلك إلى أن "الجيش السوري (قوات النظام) لم يعد بحاجة إلى مساعدة".
وكشف، في حديث مع "العربي الجديد"، عن انتقال الغالبية منهم إلى مناطق وبلدات سورية مجاورة للعراق، ضمن محور التنف ــ البوكمال، وصولاً إلى العارضة ضمن بادية دير الزور. وتحاذي تلك المناطق عراقياً بلدات القائم وحصيبة ومكر الذيب.
وأكد، في الوقت ذاته، وجود "مناطق أخرى ما زالت على حالها دون تغيير ضمن ريف إدلب، حيث تنتشر مليشيات عراقية هناك، إلى جانب قوات النظام".
وأكد الشيخ كمال الحسناوي، نائب زعيم مليشيا "الأبدال"، التي تمتلك جناحاً مسلحاً يقاتل إلى جانب قوات الأسد منذ عام 2013، هذه المعلومات.
وقال، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنهم إلى جانب فصائل مسلحة أخرى، جميعها عراقية، سحبت عناصرها من داخل مراكز المدن السورية التي كانت تنتشر فيها، مثل حمص وحلب وريف دمشق وغيرها، بعد انتهاء ما وصفه بـ"التكليف الشرعي"، لتلك الفصائل.
افتتاح المليشيات مكاتب للإرشاد الديني
وأوضح الحسناوي أنها افتتحت في تلك المناطق "مكاتب للإرشاد الديني، لاستقبال الزائرين للعتبات المقدسة في سورية، وكذلك تنفيذ بعض الأعمال التطوعية والدعوية"، وفقاً لقوله.
وأشار إلى أن قوات فصيله المسلح تتركز حالياً على الحدود السورية العراقية، "ضمن مهام التصدي لمحاولات تسلل مسلحي داعش بين البلدين"، وفقاً لقوله.
لكنه اعتبر أن عودتهم إلى مواقعهم السابقة في سورية أمر "وارد جداً، وخصوصاً إذا صدر لنا تكليف شرعي. والفصائل العراقية قادرة على العودة بسرعة إلى مناطق العمق السوري، في حال وجود أي خطر على مقدساتنا".
الفصائل توسع رقعة انتشارها على الحدود
في المقابل، أكد ضابط في قوات حرس الحدود العراقي المنطقة الثانية، لـ"العربي الجديد"، توسيع فصائل مسلحة، أغلبها عراقي، رقعة انتشارها على الجهة المقابلة ضمن مناطق الهري والزاوية والعبيد السورية الملاصقة للأراضي العراقية، وتتزود بما تحتاج إليه من داخل الأراضي العراقية لقربها، بما في ذلك الوقود والمواد الغذائية.
وأشار الضابط إلى أنّ "من غير المعروف أين كانت العناصر الجديدة قبل انتشارها الأخير في تلك المناطق، لكن أغلب المساحات الحدودية المشتركة مع سورية أصبحت تسيطر عليها قوات فصائلية، باستثناء معبر الوليد الرئيس بين البلدين ومحيطه، حيث توجد قوات النظام السوري بشكل رئيس هناك".
في المقابل، نفى الصحافي أمجد الساري، وهو من محافظة دير الزور والمتابع لشؤون المليشيات العراقية، وجود عمليات انسحاب كاملة للمليشيات في أي من مواقعها. لكنه أكد، في المقابل، أن وجودها بات أقل من السابق، وتجري عمليات تبديل ورديات بين عناصر المليشيات، كل 15 أو 20 يوماً، كذلك تحصل عمليات مشابهة بين العناصر الموجودين في محافظتي حمص وحماة باتجاه دير الزور.
حيدر البرزنجي: انسحاب كل الفصائل من سورية أمر غير صحيح، بل هو إعادة انتشار بمناطق محددة
وبيّن الساري أن "مليشيا الأبدال تجري أحياناً انسحابات تكتيكية في محافظة دير الزور، في أثناء وجود خطر لضربات من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، أو من إسرائيل، فتعمد إلى إخلاء بعض المواقع الظاهرة، وتتخفى ضمن المناطق السكنية".
واعتبر الخبير في الشأن السياسي العراقي والمقرب من فصائل "الحشد الشعبي"، حيدر البرزنجي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "انسحاب بعض الفصائل المسلحة، وليس كلها، جاء بعد استعادة القوات السورية سيطرتها على تلك المناطق، وعدم وجود حاجة حقيقية لبقاء بعض الفصائل العراقية".
إعادة انتشار للفصائل بمناطق محددة
وقال البرزنجي إن "هناك فصائل عراقية موجودة في سورية بهدف الدعم والإسناد، ولمواجهة أي خطر قد يحصل ويهدد المقدسات. والحديث عن انسحاب كل الفصائل من سورية أمر غير صحيح، بل هو إعادة انتشار بمناطق محددة".
وأشار إلى أن "خطوة سحب بعض الفصائل عناصرها من مدن سورية لا يرتبط بجانب سياسي، بل تقدير موقف داخل سورية مرتبط بالتطورات الميدانية على الأرض"، على حد قوله.