شهدت المدن الفلسطينية داخل أراضي عام 48 على مدار الأيام الماضية مظاهرات وفعاليات ضد اعتداءات الشرطة الإسرائيلية، وعلى إثرها قمعت قوات الاحتلال المشاركين بالرصاص الحي والمطاط وقنابل الغاز والصوت، كما اعتقلت أكثر من ألف شاب، فيما استشهد الشابان محمد كيوان برصاص الشرطة وموسى حسونة على يد مستوطن متطرف.
هذه الفعاليات والاحتجاجات كشفت فشل مشروع أسرلة الفلسطينيين داخل أراضي 48، وأكدت أنهم جزء أصيل من الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق تقول مديرة "مركز مدار للدراسات الإسرائيلية"، هنيدة غانم، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ "سياسة إسرائيل الممتدة منذ سبعة عقود فشلت في احتواء المصير الفلسطيني المشترك، والهوية الفلسطينية الجامعة، وهو ما رأيناه في الالتفاف حول القضية والهوية الفلسطينية".
وأضافت أنّ "الهبة الشعبية نجحت في إنهاء سياسة خصخصة القضية الفلسطينية، والتعامل معها بمنطق الجماعات المنفصلة التي تحظى كل منها بخصوصية معينة، أي وضع مجموعة قواعد لإدارة كل مجموعة (..) مثل القدس لها طريقتها الخاصة، وكذلك الداخل الفلسطيني له طريقته الخاصة، وكذا الضفة وغزة واللاجئين".
وتشير غانم إلى أن ما حصل كسر هذا النموذج الذي كان سائدًا، مرجحة أن تضع إسرائيل هذا التغيير مستقبلًا بعين الاعتبار عند وضع سياستها تجاه القضية الفلسطينية.
وأوضحت غانم أنّ التطور الأخير "ينتج تيارين أحدهما سيحاول إعادة تموضع الشعب الفلسطيني في الداخل كجزء من الشعب الفلسطيني بشكل عام، وكجزء من صيرورة تحررية فلسطينية كاملة. وتيار آخر مناقض للأبارتهايد، يذهب باتجاه المطالبة بحقوق المواطنة الجمعية".
من جانبه، قال المحامي خالد الزبارقة من اللد، لـ"العربي الجديد"، تعليقًا على سياسة الاعتقالات التي شنتها السلطات الإسرائيلية، إنّ "العدوان الجديد يتميز بتكونه من مليشيات يهودية تأتي من المستوطنات، وبدعم إسرائيلي رسمي، وذلك لاحتلال الحيز العام بالمنطقة وتهويده".
وأضاف زبارقة أنّ "هذه الاعتداءات خطيرة جداً وستتكرر بسبب الدعم الإسرائيلي الرسمي"، مشيرًا إلى أنّ "الحكومة تعمل على تكريس فوقية اليهودية مقابل دونية العرب، ومحاربة كافة الرموز العربية كالمساجد والمآذن، وكافة المظاهر العربية في الحدائق والشواطئ".
يقول زبارقة: "نحن نحاكم على خطابنا ورفضنا للظلم. خروج الشباب هو وقفة بطولية ضد الظلم والعدوان والغطرسة والعنصرية. الاعتقالات جاءت بهذا السياق. يريدون إخضاع المجتمع العربي للاعتراف بفوقة اليهودية وتكريس دونية العرب".
وأوضح زبارقة أنّ الحكومة الإسرائيلية تصف الشبان العربي بـ"مثيري الشغب"، فيما تتغاضى عن الهجمات التي تشنها المليشيات اليهودية على المدن العربية، مبينًا أنّ الحكومة تسعى لتحميل العرب المسؤولية عن الوضع الحاصل، ومؤكدًا أن سياسة الاحتلال ومحاولة إخضاع المجتمع العربي عن طريق العنف والإجراءات الرسمية الأخرى هما سبب ما يحصل اليوم في الداخل.
بدوره قال القيادي في "الحراك الفحماوي الموحد" محمد جبارين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ الشعب الفلسطيني "أثبت أنه لن ولم ينس قضيته المقدسة"، مؤكدا أنّ "الحراك مستمر في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، وأنّ الحرب التي شنها الاحتلال ما هي إلا وصمة عار على جبين إسرائيل"، بحسب تعبيره.
وأضاف جبارين أنّ "الشعب الفلسطيني ظهر كشعب موحد، وأثبت للعالم أنه شعب لا ينسى قضيته المقدسة".