انتهت حرب يونيو/ حزيران الأولى عام 1967، التي عُرفت بحرب الخامس من حزيران، وحرب النكسة، وسمّاها العرب عند اندلاعها بـ"حرب إزالة آثار العدوان"، بإكمال ما لم يتمكن بن غوريون والعصابات الصهيونية المختلفة من إنجازه إبان حرب النكبة، باحتلال إسرائيل ما تبقّى من فلسطين التاريخية (إذا استثنينا شرقي الأردن التي تعتبرها الحركة الصهيونية جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل التاريخية).
وانتهت حرب حزيران الثانية، التي أطلقها مناحيم بيغن في السادس من حزيران 1982، بعد 18 عاماً من انطلاقها، لتتحول إلى فاتحة لدورات من التصعيد والحرب ضد لبنان.
ويتضح اليوم مجدداً بعد أربعين عاماً، هذه المرة بوثائق أميركية وكتاب إسرائيلي جديد صدر هذه الأيام للدكتور يغئال كيفنيس تحت عنوان "1982 لبنان، الطريق إلى الحرب"، أن الحرب على لبنان لم يكن هدفها فقط إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، ولا وقف القوات الإسرائيلية لغاية 40 كيلومتراً. فكان الهدف التوغّل بقدر ما تحتاجه أهداف الحرب الأخرى، وبينها تمكين "التيار المسيحي المريح لإسرائيل من حكم لبنان" (بحسب تقرير لـ"هآرتس" أمس)، وأيضاً ترحيل اللاجئين الفلسطينيين من لبنان إلى دول عربية واسعة ومترامية الأطراف مثل ليبيا والعراق.
هذا الكشف الأخير في "هآرتس" أمس، والذي ورد في الكتاب الجديد، يلقي ضوءاً إضافياً يعزز مقولة أن نكبة فلسطين مستمرة. ففيما انتهت حرب السادس من حزيران وغزو لبنان عام 1982 بدحر قوات الاحتلال الإسرائيلي من لبنان وانسحابها قبل 22 عاماً من اليوم، فإنه مثلما سبق أن وصف المفكر عزمي بشارة في أحد مقالاته آنذاك عن الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية عام 2000، بأنه حرب يشنها أريئيل شارون لإنهاء ما لم يتمكن من إنجازه في لبنان، فاليوم لا يمكن وصف ما يحدث من عدوان إسرائيلي متواصل في محافظة جنين في الضفة الغربية المحتلة تحت المسمى نفسه من العام 1982 "محاربة الإرهاب" والدوس على "الوضع القائم في المسجد الأقصى"، إلا بكونه استمراراً لحرب حزيران 1967.
ويبدو أن الاحتلال يشعر بأن مكاسب الحرب الجغرافية والمعنوية باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من اختلال موازين القوى اليوم لصالحه، ووجود سلطتين فلسطينيتين عاجزتين عن تبني استراتيجية موحدة، وخروج عربي من الصراع.