استمع إلى الملخص
- **توسع الدعم الدولي**: شهدت الأسابيع الأخيرة توسعاً في قائمة الدول المؤيدة للمقترح المغربي، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإسبانيا، بالإضافة إلى الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء.
- **نتائج الدعم الدولي**: يعكس الدعم الدولي المتزايد قوة الدبلوماسية المغربية، مما يعزز إمكانية تطبيق الحكم الذاتي تدريجياً ويؤدي إلى تغييرات إيجابية في قرارات مجلس الأمن الدولي.
انضمت فنلندا، اليوم الثلاثاء، إلى قائمة الدول المؤيدة للمقترح المغربي بمنح الصحراء حكماً ذاتياً، معتبرة إياه "أساساً جيداً" لحل النزاع الإقليمي، في تحول جديد في مواقف العديد من القوى الدولية بشأن سبل إنهاء نزاع يمتد لأكثر من 49 عاماً.
وجرى التعبير عن هذا الموقف، في بيان مشترك، صدر في هلسنكي، عقب اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، ووزيرة الشؤون الخارجية الفنلندية، إلينا فالطونين.
وجاء في البيان المشترك أن "فنلندا تعتبر مخطط الحكم الذاتي المقدم سنة 2007، مساهمة جادة وذات مصداقية في المسلسل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة وأساساً جيداً لتسوية متوافق بشأنها من قبل الأطراف"، مجدداً التأكيد على دعم فنلندا "المسلسل السياسي الرامي إلى التوصل إلى حل سياسي عادل، ودائم، ومقبول من الأطراف".
كما عبر الجانبان، في البيان، عن موقفهما المشترك بشأن الدور الحصري للأمم المتحدة في المسلسل السياسي، مجددين التأكيد على دعمهما قرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وتأييد بلديهما جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى الدفع قدماً بهذا المسلسل.
ويأتي الموقف الفنلندي المؤيد للحكم الذاتي، بعد أسبوع واحد على توسع لافت في قائمة الدول المؤيدة للمقترح المغربي، بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة إلى العاهل المغربي محمد السادس، أن "حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية"، وأن بلاده تعتبر أن "الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية". وقبل باريس سجل انضمام أكثر من 11 بلداً أوروبياً، من بينها إسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال والمجر.
وفضلاً عن الدعم الأوروبي، كان الاعتراف الأميركي بسيادة الرباط على الصحراء نهاية 2020، حافزاً لإعلان دول أفريقية عدة وأخرى عربية اعترافها بمغربية الصحراء وفتح تمثيليات دبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة.
وكانت قد سبقت هذا التوسع دعوة مغربية موجهة إلى الأوروبيين لـ"الخروج من منطقة الراحة الخاصة بها"، وتحذير من العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب للأمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، من أن "المغرب لن يدخل معهم في أي نهج اقتصادي أو تجاري من شأنه استبعاد الصحراء المغربية".
وفي عام 2007، قدم المغرب مبادرته حول الحكم الذاتي في الصحراء باعتبارها "فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات، بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف على أساس إجراءات توافقية، تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة".
وتنص المبادرة المغربية، التي قوبلت برفض جبهة "البوليساريو" والجزائر، على نقل جزء من اختصاصات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى "جهة الحكم الذاتي للصحراء"، ليدبر سكانها "شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي"، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية "في ميادين السيادة، لا سيما الدفاع والعلاقات الخارجية"، وكذا ممارسة الملك اختصاصاته الدينية والدستورية.
وبموجب المبادرة، تمارس جهة الحكم الذاتي اختصاصاتها التنفيذية من خلال "رئيس حكومة ينتخبه البرلمان، ويُنصّبه الملك". في حين يتكون البرلمان من أعضاء "منتخبين من مختلف القبائل الصحراوية". كما تنص المبادرة على أن سكّان الجهة يتمتعون بكل الضمانات التي يكفلها دستور المغرب في مجال حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها دولياً. في مقابل كل هذا، فإن المغرب يلتزم بمراجعة دستوره وإدراج نظام الحكم الذاتي ضمن فصوله، وإصدار عفو شامل عن كل من صدرت في حقهم أحكام لها علاقة بموضوع الصراع.
في المقابل، ترفض جبهة "البوايساريو" المقترح المغربي، مؤكدة المطالبة بإجراء استفتاء لتقرير مصير المنطقة، نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين في عام 1991 برعاية الأمم المتحدة، دون أن يجد طريقه للتطبيق.
"دعم الموقف المغربي يؤكد ثلاث نتائج مهمة لقضية الصحراء"
وفي السياق، رأى الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الموقف الفنلندي الداعم لخطة الحكم الذاتي المغربية بشأن الصحراء يأتي في سياق تواصل حصد الرباط نجاحات دبلوماسية لحسم الملف، معتبراً أن المواقف المتتالية الداعمة للموقف المغربي تؤكد ثلاث نتائج مهمة تخص قضية الصحراء.
أولها، وفق أونغير، "قوة الدبلوماسية المغربية ونهجها أسلوب الإقناع والترافع الملموس عن نجاحات تنموية وحقوقية قامت بها المغرب على مستوى الأقاليم الجنوبية، ومنها على الخصوص حرص المغرب على إشراك الساكنة الصحراوية المحلية في كل أشكال التدبير، والمشاركة الديمقراطية المستمرة عن طريق بوابة الانتخابات التي تفرز دورياً منتخبين يمثلون الساكنة ويعملون بمعية مؤسسات الدولة، من أجل تنمية وازدهار الأقاليم الجنوبية المغربية، مما جعل خريطة الحكم الذاتي مطلوبة ومرغوبة من طرف الداخل المغربي قبل الخارج، أي من قبل دول العالم المختلفة".
وتكمن النتيجة الثانية في "دعم العديد من الدول مخطط الحكم الذاتي أساساً واقعياً ذا مصداقية لحل النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية، ما يؤشر على أن المغرب سيسارع في الأشهر القليلة المقبلة، إلى بدء تطبيق الحكم الذاتي، ولو بشكل تدريجي، بدون انتظار الأطراف الأخرى. وبالتالي، سيسعى لحل الإشكال بشكل نهائي عبر تنزيل برامج وسياسات تتماشى مع الحكم الذاتي ومتطلباته"، بحسب أونغير.
والنتيجة الثالثة تتمثل في أن من شأن الاعترافات المتوالية للحكم الذاتي أن تنعكس إيجاباً على مستوى الأمم المتحدة، وخصوصاً مجلس الأمن الدولي، الذي ينتظر أن تعرف قراراته ومنطوقها تغييراً كبيراً من حيث إن غالبية أعضاء المجلس باتوا مقتنعين اليوم بأن الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية هو السقف السياسي الذي يمكن أن يقبل به المغرب، وأن جميع المواقف السابقة والخيارات الأخرى باتت متجاوزة وليست على مائدة المفاوضات.
وإجمالاً، يذهب أونغير إلى أن "الرباط ربحت أشواطاً مهمة في الدفاع عن مغربية الصحراء، وأنه تبعاً لذلك ستعرف المنطقة المغاربية برمتها تغييرات كبرى ناتجة عن حل إشكال مفتعل دام لعقود وأخّر التنمية والحوار الثنائي في المنطقة لعقود".