استمع إلى الملخص
- **موقف طهران من الأزمة**: قاآني نقل موقف طهران بضرورة احتواء الأزمة ووقف التصعيد الإعلامي ضد رئيس الوزراء السوداني، وبحث ملف انسحاب القوات الأميركية من العراق.
- **تداعيات الأزمة السياسية**: الأزمة تفاقمت بعد الكشف عن "خلية التجسس"، مما أدى إلى تصاعد الخلافات داخل الإطار التنسيقي، وتدخل قاآني قد يهدئ الأوضاع.
أجرى قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني زيارة غير معلنة إلى العاصمة العراقية بغداد، أمس الثلاثاء، عقد خلالها عدداً من الاجتماعات مع قادة سياسيين ضمن الإطار التنسيقي، إضافة إلى قادة بعض الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من طهران. وجاءت زيارة قاآني إلى بغداد مع استمرار الأزمة السياسية إثر الكشف عن "شبكة التنصت"، الشهر الماضي، داخل مكتب رئيس الحكومة، والتصعيد المتواصل من قبل بعض قادة "الإطار التنسيقي" الحاكم، أبرزهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم جماعة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي تجاه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وقالت مصادر عراقية مطلعة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "قاآني وصل مساء الاثنين إلى بغداد في زيارة لم يُعلن عنها، وعقد خلالها عدة اجتماعات مع قادة في الإطار التنسيقي وقادة في بعض الفصائل العراقية المسلحة، وبحث معهم ضرورة احتواء الأزمة الحالية، ووقف التصعيد الإعلامي ضد السوداني وحكومته من قبل تلك الأطراف". وأضافت المصادر أن "قاآني نقل للأطراف السياسية والمسلحة، خلال اجتماعاته، موقف طهران في ضرورة احتواء الأزمة ووقف التصعيد ضد السوداني وحكومته".
وبيّنت أن "قاآني بحث خلال اجتماعاته في بغداد ملف انسحاب القوات الأميركية، وشدد على ضرورة وضع جدول زمني معلن وواضح لهذا الانسحاب، وأكد أن الوجود الأميركي القريب من إيران يشكل خطراً وتهديداً لأمنها القومي". وتضغط طهران منذ مدة على بغداد في ملف إنهاء دور التحالف الدولي وانسحاب القوات الأميركية من العراق، باعتباره واحداً من الملفات الرئيسة لإيران في ما يتعلق بالشأن العراقي.
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة قاآني إلى بغداد في هذا التوقيت وفي هذه المرحلة التي تمر بأزمة سياسية كبيرة غير معلنة تؤكد أن الصراع بين بعض الأطراف داخل الإطار التنسيقي من جهة، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني من جهة أخرى، وصل إلى مراحل خطرة، ولهذا جاء الدور الإيراني، الذي هو معتاد، ويتدخل لضبط إيقاع البيت السياسي الشيعي عند أي صراع".
وبيّن الحكيم أن "الصراع بين أطراف داخل الإطار التنسيقي والسوداني وصل إلى مراحل خطيرة، والتهديد بالإقالة والذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة أمر واقعي وحقيقي، بعد اكتشاف أن شبكة التنصت كانت تستهدف بالدرجة الأولى قادة في الإطار والفصائل، وهذا ما أثار غضبهم ووسع الخلافات مع السوداني"، مضيفاً أنه "بعد تدخل قاآني لإيقاف التصعيد ضد السوداني وحكومته من قبل قادة في الإطار التنسيقي والفصائل، قد نرى خلال الأيام المقبلة تغييراً واضحاً لجهة التهدئة ووقف التصعيد الإعلامي".
ودخلت الساحة العراقية حالة سياسية غير مسبوقة منذ الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003، مع تعرض تحالف الإطار التنسيقي الحاكم في البلاد، المكون من مجموعة من القوى السياسية العربية الشيعية المعروفة بقربها من طهران، لخلافات داخلية ناجمة عن حصول أزمة ثقة بين أطرافه. وتفاقمت الخلافات بسبب "خلية التجسس" التي كُشف عنها أخيراً، والتي تورط فيها موظفون في المكتب الحكومي، والمتمحورة حول عمليات تنصت طاولت هواتف مسؤولين وقضاة وأعضاء برلمان، وباشر القضاء التحقيق فيها منذ عدة أسابيع.
وتشكلت حكومة السوداني في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 بدعم تحالف "إدارة الدولة" الذي يضم جميع الأحزاب السياسية التقليدية باستثناء التيار الصدري (أصبح اسمه التيار الوطني الشيعي). والتزم السوداني بمبدأ "التقييم" الذي نص عليه برنامجه الحكومي، والذي يتطلب تقييم أداء الوزراء خلال ستة أشهر. وقد بدأ بتنفيذ هذا الالتزام، كما حدث في حالة محافظ القادسية الذي استُبدل، رغم أن المحافظ الجديد ينتمي لنفس حزب سلفه، ما أثار تساؤلات بين الناشطين. وتتألف الحكومة الحالية من 23 وزارة موزعة بين الأحزاب السياسية السنية والشيعية والكردية، إضافة إلى الأقليات، وفق نظام "المحاصصة" المعروف بالاستحقاق الانتخابي، الذي وصفه مراقبون بأنه "توافقي".