- عمليات تهجير للمكون العربي وتعامل مع النازحين كأجانب، وصياغة "عقد اجتماعي" يُعتبر دستورًا للمنطقة، تُظهر توجهات انفصالية وتغييرات ديمغرافية وإدارية.
- رغم التوجهات الانفصالية، تدرك السلطات الكردية أن أي مشروع انفصالي سيواجه معارضة إقليمية ودولية قوية، مما يجعل من هذه الخطوات أوراق ضغط لتحصيل اعتراف سياسي وتحقيق أهداف داخلية.
يشير أداء "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ومن خلفها الإدارة الذاتية لشمال شرق سورية، إلى اتباع تلك القوى لخطوات ممنهجة باتجاه الانفصال عن سورية وإنشاء كيان كردي مستقل في شمال شرق البلاد، بما يتناقض مع كل أدبيات حزب الاتحاد الديمقراطي بصفته الحزب الرئيسي الذي يقود كلاً من "قسد" والإدارة الذاتية والهيئات واللجان التي تتبع لهما. والخطاب السياسي المعلن للحزب يقوم على وحدة الأراضي السورية، وأقصى ما يُطالب به هو حكم لا مركزي تحظى به المحافظات السورية بهامش من الحرية على مستوى السلطة التنفيذية.
إلا أن هذا الحزب اتبع، من خلال ذراعه العسكرية "وحدات حماية الشعب" المكون الرئيسي لـ"قسد"، عمليات تهجير للمكون العربي في المنطقة، تم رصدها من قبل منظمات حقوقية وتصنيفها على أنها عمليات تغيير ديمغرافي. كذلك تعامل مع السوريين النازحين من مناطق أخرى إلى مناطق سيطرته على أنهم أجانب ووضع شروطاً لإقامتهم في تلك المناطق.
كذلك عمدت الإدارة الذاتية إلى صياغة عقد اجتماعي اعتمدته منذ نحو شهرين على أنه الدستور الخاص بتلك المنطقة، واتبَعته بإجراءات أخرى يُمكن تفسيرها على أنها تسير ضمن المخطط الانفصالي نفسه، لعل أبرزها إنجاز تقسيمات إدارية جديدة للمدن والبلدات ومراكز المحافظات بعد تغيير توصيفاتها الإدارية وتغيير أسماء الكثير منها.
رغم كل تلك الإجراءات، إلا أن سلطة الأمر الواقع شمال شرق سورية، تدرك أن أي مشروع انفصالي يمكن أن تقوم به من شأنه توحيد كل القوى الإقليمية لمحاربته وفي مقدمتها تركيا وإيران اللتان لا يمكن أن تسمحا بمشروع كهذا. كما أن الولايات المتحدة الأميركية، والتي تستخدم "قسد" كأداة لها في المنطقة، ليست بوارد أن توتر العلاقة مع حليفتها بحلف شمال الأطلسي، أي تركيا، من أجل تحقيق مثل هذا المطلب.
ويُضاف إلى ذلك أن السير بهذا المشروع من شأنه تسريع تشكيل تحالف بين تركيا والأصدقاء - الأعداء لـ"قسد" أي قوات النظام، لمواجهته وحتى سحقه. تدرك "قسد" جيداً هذه المعادلة، الأمر الذي يجعل من هذه الخطوات التي تتبعها سلطات الأمر الواقع في شمال شرق سورية، في قسم منها، أوراق ضغط على كل من المعارضة والنظام من أجل تحصيل اعتراف بها كطرف فاعل في معادلة الحل السياسي في سورية، وبالتالي إشراكها في الهيئات السياسية المعنية بتطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بسورية، فيما تسعى تلك السلطات لتحقيق أهداف أخرى داخلية تتعلق بكسب أكبر قدر ممكن من الحاضن الشعبي الكردي الذي تدغدغ مشاعره مثل هذه الطروحات الانفصالية.