قصف طيران يُعتقد أنه أردني، أمس الاثنين، مواقع في الجنوب السوري من المرجح أنها مخابئ لمهربي المخدرات في محاولة للحد من عمليات تهريبها إلى الأردن، انطلاقاً من الأراضي السورية، وهي ظاهرة تفاقمت في الآونة الأخيرة وباتت تشكل تهديداً للأمن الوطني الأردني.
وذكرت شبكات إخبارية محلية أن أربعة أشخاص لقوا حتفهم على الأقل، بينهم طفلان وامرأة، جراء غارة جوية استهدفت مزرعة قرب بلدة ذيبين جنوبي السويداء، على مقربة من الحدود السورية الأردنية، يقيم فيها "أبو جمعة الحمادة" مع عائلته، وهو من عشائر قرية الأصفر، ويعمل في رعاية المواشي.
وأكدت المصادر أن المزرعة دُمرت فوق رؤوس من فيها، وسقط أفراد العائلة بين قتيل وجريح، كما نفق عدد كبير من رؤوس الماشية، وقال مصدر طبي في مستشفى السويداء الوطني إنّ ثلاثة ضحايا وصلوا إلى المستشفى، مع جريح واحد، ويبدو من الصعب التعرف إلى ملامح الضحايا، الذين تحول بعضهم إلى أشلاء.
وفي قرية أم شامة جنوب شرقي السويداء، استهدفت إحدى الغارات الجوية منزل شاكر الشويعر، وهو من المتهمين بالضلوع في تجارة المخدرات، كما طاول أحد المواقع في بلدة المناعية الواقعة في الريف الجنوبي لمحافظة درعا.
وأكد مواطنون من البلدات الحدودية مع الأردن أن أصوات الطيران الحربي جاءت من الحدود الأردنية قبل سماع صوت الانفجار.
من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل تاجر المخدرات ناصر فيصل السعدي، المقرب من "حزب الله" اللبناني والأجهزة الأمنية للنظام السوري، بضربة جوية يرجح أنها أردنية على منطقة صلخد بريف السويداء.
وأكد أبو محمود الحوراني، وهو ناطق باسم تجمع أحرار حوران، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "السعدي لم يقتل في الغارة بل قتل جاره واسمه هشام جبور"، مشيراً ألى أن ضربة أردنية استهدفت بئر مياه جنوب بلدة المناعية، مضيفاً: "هناك حديث عن مرور المهربين من هذه المنطقة".
وجاءت الضربات بعد مواجهات خاضها الجيش الأردني لأكثر من 10 ساعات على طول حدوده الشمالية مع سورية، وانتهت بإعلانه القبض على تسعة مهربين وضبط أسلحة وذخائر وصواريخ وشاحنة محملة بالمتفجرات.
وقال الجيش الأردني إنه أحبط، الاثنين، مخططاً لعشرات المتسللين من سورية المرتبطين بمليشيات موالية لإيران بعدما عبروا حدود الأردن، بقاذفات صواريخ وألغام مضادة للأفراد ومتفجرات.
وهذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها الجيش الأردني سلاح الطيران لقصف تجار مخدرات أو مخابئ لهم، حيث وجه في مايو/ أيار الماضي، ضربتين إلى داخل الأراضي السورية باستهداف مصنعين للمخدرات، ما أدى إلى مقتل مرعي الرمثان، تاجر المخدرات المرتبط بمليشيات إيران والمحكوم عليه في الأردن بتهمة ترويج وتهريب المخدرات.
الأردن يتوعد المتسللين والمهربين
في السياق، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأردني، اللواء الركن يوسف الحنيطي، اليوم الثلاثاء، عزم القوات المسلحة استخدام جميع الإمكانات والقدرات لمنع عمليات التسلل والتهريب عبر الحدود. وأكد الحنيطي أن هذه الخطوة تأتي بهدف الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، وضمان سلامة مواطنيه، مع التصدي القوي لأي تهديد يشكل خطرًا على الأمن الوطني.
ووفقًا للموقع الرسمي للجيش الأردني، أعلن الحنيطي أن "قوات حرس الحدود، بالتعاون مع إدارة مكافحة المخدرات والأجهزة الأمنية العسكرية، تصدت لمجموعات مسلحة حاولت التسلل من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية بطرق غير قانونية". وأشار إلى أن "عملية التصدي استمرت لمدة 14 ساعة، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المهربين، واعتقال تسعة آخرين، بالإضافة إلى ضبط كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة الأتوماتيكية والصواريخ".
وأكد الحنيطي "قوة وحزم القوات المسلحة في منع مثل هذه العمليات ومواجهة أي تهديد على الحدود". وأثنى على جهود وحدات حرس الحدود، مشيداً "بالمعنويات العالية والاحترافية التي تظهرها في أداء واجباتها للحفاظ على سلامة الحدود الأردنية". واختتم بالتأكيد" على استمرار القوات المسلحة في متابعة الوضع والتصدي لأي تهديد يشكل خطرًا على الأمن الوطني الأردني".
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد حذر، الأربعاء الماضي، خلال لقائه نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في جنيف، من أن "المملكة ستتخذ كل الخطوات اللازمة لمنع استمرار هذا التهديد لأمن الأردن الوطني، بما في ذلك ضرب وملاحقة المجرمين الذين يعتدون على أمن الأردن أينما وجدوا".
وفي هذا الصدد، قال الباحث السياسي محمد سالم في حديث مع "العربي الجديد"، إن الضربات التي جرت "دليل على استنفاد الخيارات السياسية للمراهنة على قدرات النظام على التعامل مع هذا الملف الشائك"، مضيفاً: "الأردن يعيد التذكير بأنه سيعتمد على نفسه للقضاء على تهريب المخدرات".
وتابع: "أعتقد أن التدخل العسكري الأردني في سورية سيظل محدوداً فعمان ليس لديها القدرة أكثر من ذلك. ربما يعاود الجيش الأردني القيام بعمليات قصف مماثلة فتهريب المخدرات يهدد الأمن الوطني الأردني".
وكان تقرير لـ"معهد نيولاينز" للأبحاث، ومقره واشنطن، قدّر قيمة تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط خلال عام 2021 بحوالي 5.7 مليارات دولار، وأشار التقرير إلى تورط رئيس النظام بشار الأسد وأفراد من عائلته ونظامه في هذه التجارة إلى جانب شريكه الرئيسي "حزب الله" اللبناني.
وهذا الرقم يشمل فقط قيمة تجارة التجزئة بالاستناد إلى قيمة المضبوطات التي حددها التقرير بـ 420 مليون حبة من عقار الكبتاغون فقط.