تتجه العلاقة بين نقابة القضاة والسلطة في الجزائر إلى التوتر في أعقاب الكشف عن مضمون مسودتي القانون الأساسي للقضاء وقانون تنظيم المجلس الأعلى للقضاء، إذ اعتبرت النقابة أنه جرت صياغتهما في ما وصفتها بـ"الغرف المغلقة".
وقال بيان للمكتب التنفيذي للقضاة، عقب اجتماعه الأخير في العاشر من الشهر الحالي، إنه اطلع على مسودة مشروع القانون العضوي الذي يحدد انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وقواعد تنظيمه، معربة عن أسفها الكبير لـ"عمل الغرف المظلمة التي أفرغت، وبشكل مفضوح، مقترحات اللجنتين الوزاريتين المكلفتين بإعداد مسودتي القانون من محتواهما".
واتهمت نقابة القضاة الحكومة بالالتفاف على الدستور، كما اعتبرت أن هذه الخطوة تؤكد انعدام الإرادة السياسية الحقيقة لتكريس ما هو منصوص عليه في صلب الدستور بشأن حماية القضاء ودور المجلس الأعلى للقضاء ضامناً لاستقلالية القضاء، مشيرة إلى أن وزارة العدل نكثت بوعودها والتزاماتها الرسمية بالإبقاء على ما توصلت إليه اللجنتان المكلفتان بإعداد القانون الأساسي للقضاء والقانون المنظم لعمل المجلس الأعلى للقضاء.
وقالت نقابة القضاة إن إقدام وزارة العدل على تغيير ما اتفق عليه بشأن مشروعي القانونين والتنصل منه واستبدال مضمونه، "يضر بمصداقية الدولة ويعاكس جهود تعزيز استقلالية القضاء وجعلها على رأس الأولويات، كما هو معبر عنه في مخطط عمل الحكومة".
واتهمت وزارة العدل بعدم الشفافية لتغييب القضاة عن صياغة القوانين التي تخصهم، إضافة "لانتهاج أسلوب بعيد عن مبدأ الشفافية في عرض محتوى الصياغة النهائية للقانونين قبل إحالتهما على البرلمان، وهو ما يدل على غياب النية في إشراك القضاة في إعداد النصوص التي تحكمهم، كما يأتي في إطار استمرار فرض وصاية السلطة التنفيذية على نظيرتها القضائية"، بحسب البيان.
ودعت نقابة القضاة الجهات المعنية للإسراع في استدراك الاختلالات واحترام الالتزامات الرسمية المقدمة في هذا الخصوص، كما دعت القضاة إلى المشاركة في اجتماع بمجلس قضاء العاصمة الجزائرية في 26 فبراير/ شباط الجاري، لمناقشة القضية واتخاذ الخطوات اللاحقة احتجاجا على تنصل الحكومة من التزاماتها.
وكانت نقابة القضاة، التي قادت أول مواجهة مفتوحة مع السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قد حذرت، في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الحكومة من مغبة "إفراغ المبادئ الدستورية من محتواها عند مباشرة إعداد القوانين العضوية المرتبطة بتنظيم السلطة القضائية"، وطالبت حينها بإعادة النظر في تنظيم النيابة العامة وفك ارتباطها بوازرة العدل، تحقيقا لاستقلالية القضاء.