تعرض آلاف المتظاهرين في مسيرات بالعاصمة السودانية الخرطوم لدخان الغاز المسيل للدموع، اليوم الجمعة، خلال تظاهرهم احتجاجاً على الانقلاب العسكري المستمر منذ سنة تقريباً، وسط جهود للتوصل إلى تسوية سياسية.
وشهد السودان اضطرابات سياسية واقتصادية منذ الانقلاب الذي وقع يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، لكن الأحزاب السياسية قالت هذا الأسبوع إنّ مناقشات بدأت، بدعم من منسقين دوليين، للتوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة مدنية جديدة.
ورفض كثير من المتظاهرين المشاركين اليوم الجمعة هذه التسوية، وحملوا اللافتات ورددوا هتافات "لا تسوية ولا تفاوض مع القتلة".
وقتلت قوات الأمن 117 شخصاً على الأقل في المظاهرات المناهضة للانقلاب، فيما قال القادة العسكريون إن التحقيقات جارية في حالات الوفيات.
وشوهدت قوات الأمن المنتشرة بكثافة في وسط الخرطوم، وهي تطلق الغاز المسيل للدموع وتلاحق المتظاهرين على بعد كيلومتر واحد تقريباً من المطار، كما أُطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين عبر نهر النيل في أم درمان، وشوهد متظاهر مصاب وهو يُحمل بعيداً.
وحدثت مظاهرات أخرى في مدينة بحري القريبة من المكان، بالإضافة إلى مظاهرات على مستوى البلاد في مدن نيالا وعطبرة والقضارف من بين مدن أخرى.
وجاءت المظاهرات التي تتزامن مع ذكرى انتفاضة 1964، استجابة لدعوة من لجان المقاومة السودانية التي رفضت المحادثات مع الجيش، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية المشاركة في الوقت الحالي في المناقشات.
وشوهد متظاهرون من جميع الأعمار محتشدين في الطريق المؤدي إلى مطار العاصمة، حاملين مكبرات صوت ومعلقين ملصقات، فيما أحرق آخرون إطارات سيارات لإغلاق الطرقات.
وقال المتظاهر جمال صلاح (36 عاماً): "الثورة سوف تستمر، نرفض أي تسوية لابد من محاكمة قتلة الشهداء".
وكانت عدة اجتماعات قد انعقدت في الفترة السابقة للوصول إلى تسوية بين المدنيين والعسكر. وطبقاً لأكثر من مصدر تحدث إليه "العربي الجديد"، فإن اجتماعات عُقدت خلال الأيام الماضية بين المكون العسكري و"قوى إعلان الحرية والتغيير"، تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والسعودية والإمارات، بمشاركة من الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيقاد"، توصلت إلى جملة من التفاهمات على أساس مسودة الدستور الانتقالي المقترحة من قبل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين.
وأوضحت المصادر أن الجانبين تجاوزا نسبة 90 بالمائة من الخلافات، وتبقت فقط نسبة عشرة بالمائة يمكن تجاوزها خلال الساعات المقبلة، مشيرةً إلى أنّ الآلية الثلاثية، وبعد التوافق النهائي، سيترك لها صياغة الاتفاق بشكل نهائي والدعوة لتوقيع الأطراف عليه.
وأكد مصدر داخل "الحرية والتغيير" أنّ الاتفاق "سينهي انقلاب قائد الجيش كلياً، ويعيد الحكم المدني للبلاد، ويعيد الجيش إلى ثكناته بعيداً عن السياسة، على أنّ تشكل سلطة مدنية كاملة تختارها القوى المدنية، بدءاً من رئيس الوزراء، كما سيتم تكوين مجلس أعلى للأمن والدفاع تحت إشراف رئيس الوزراء المدني".
(العربي الجديد، رويترز)