وجّه القيادي في حركة "النهضة" التونسية، عبد اللطيف المكي، مساء السبت، رسالة مطولة إلى الرئيس قيس سعيد، قال فيها إنه يوجه له نصيحة كما وجهها لـ"صاحبه"، ويقصد رئيس الحركة راشد الغنوشي.
وجاء في الرسالة، التي نشرها المكي على صفحته في "فيسبوك"، أن "الحكم قبل أن يكون بالأغلبية يكون بالانسجام مع طبيعة البلد والشعب، ومع طبيعة أخلاقه ومكتسباته وطموحاته"، مستدركاً القول: "إن حصولك على الأغلبية، ولو بنسبة عالية، لا يسمح لك بأن تفعل ما تشاء من دون مراعاة طبيعة البلاد".
وأشار إلى أن "هناك طريقين لا ثالث لهما للخروج مما نحن فيه"، موضحاً أن الطريق الأول ينطلق من عدم إنكار أن ما كان يحصل قبل يوم 25 يوليو/تموز 2021 كان "خليطًا من الأخطاء الخطيرة لا يجب أن يستمر، ومن ضرورة الاستفادة من هذه الصدمة للانطلاق في إصلاح الأوضاع ضمن الدستور".
ورأى المكي أن ذلك يكون بـ"إعادة البرلمان وإصلاح أخطائه بصورة كاملة، عبر تغيير نظامه الداخلي، وتجديد رئاسته، وعبر تعاقدات سياسية تمكّن من أداء دوره بفعالية، ومقاومة الفاسدين والمعتدين على القانون، وبسيادة الاحترام بينه وبين باقي مؤسسات الدولة، وبتشكيل حكومة متفق عليها تقدم برنامج إنقاذ تواجه به التحديات التي تواجه البلاد والمواطنين".
وأردف: "إن هذين الإجراءين يمكنان من عدم العودة إلى الوراء عبر إعادة المؤسسات، مع التخلص من مشاكلها السابقة، ثم بعد ذلك الانطلاق في إصلاح القوانين الأساسية، كقانون الانتخابات وتنقيح النظام السياسي للبلاد، وفق الصيغ الدستورية وبآليات يتفق عليها، عندها يمكن تقديم الانتخابات أو تركها في موعدها المحدد".
واعتبر القيادي في حركة "النهضة" أنه "بهذا التمشي تخرج تونس أكبر وأعلى شأناً أمام العالم، خاصة أنه يتماشى مع الخصائص الحضارية لشعبنا وتاريخنا وميله إلى الحلول الهادئة والمرنة والفعالة"، مشدداً على أن "الرجّة التي حصلت في عمق الوجدان الوطني ستدفع إلى مراجعات كثيرة وإيجابية من قبل كل الكيانات ذات العلاقة بملفات الحكم والتنمية ومقاومة الفساد وإنفاذ القانون".
ويرى القيادي في حركة "النهضة" أن هذا الخيار "سهل وسلس ومنظم من داخل الدستور ومضمون النتائج ويتماشى مع خصائص بلدنا وشعبه". وتابع موجهاً كلامه للرئيس: "هذا الحل يقربك من حلفائك الحقيقيين الذين انتخبوك، ويبقيك رئيساً للجميع وليس رئيساً منتصراً لآراء أنصارك فقط، ويمكّن من التركيز على قضايا الناس الأساسية ويجلب الاحترام أمام العالم"، وأنه "أفضل ترجمة عملية لما رددته مراراً أنك لست انقلابياً ولا ديكتاتوراً".
في حين، أشار عبد اللطيف المكي إلى أن الطريق الثاني "يبدأ بتعليق الدستور وحل البرلمان والدخول في المجهول والاجتهاد والاجتهاد المضاد، ويشجع على المغامرات"، مردفاً: "لقد سمعنا جميعاً بتشكيل ما يسمى بالحشد الشعبي. فماذا بعد؟".
واستطرد: "كما أنه حلّ ربما يتطلب التعويل على القوة الصلبة لفرض وجهة النظر هذه، ولتسيير الدولة، مما سيؤدي إلى تسييس هذه المؤسسات القائمة على الحياد الجمهوري ويؤدي إلى جفوة بين الحاكم وقطاعات واسعة من الشعب، خاصة بعد هبوط موجة الحماس لما يحدث الآن أمام حقائق الحياة الصعبة".
ووصف المكي هذا الطريق بـ"الصعب ومجهول النتائج والمرتجل وخارج الدستور"، معتبراً أنه "يهمش قضايا الناس ويفرق ولا يجمع، ويستدعي التدخل الخارجي"، على حد ما جاء في تدوينته.
وختم: "فما ألجأنا إلى سلوك هذا المسلك الصعب غير مضمون النتائج والحل الأول موجود وقادر على تعبئة الجميع حوله، وعلى إدخال البلاد في موجة من الأمل والطمأنينة والعمل، بعد أن حدثت الصدمة النفسية الإيجابية وأقنعت بضرورة التدارك والتغيير والخروج مما كنا فيه من حالة نكدة"، مشدداً على أن "استعجال الوقت جزء من سلامة الحلّ".