أكدت لجنة الانتخابات المركزية في كازاخستان، اليوم الإثنين، أن المصوتين في استفتاء على تعديل الدستور أيدوا التعديلات التي اقترحها الرئيس قاسم جومارت توكاييف.
وروّج توكاييف للتعديلات باعتبارها أساساً لعقد اجتماعي جديد في الدولة الغنية بالنفط في آسيا الوسطى، المتحالفة مع روسيا، ويقول محللون إن التصويت يمكن اعتباره تمهيداً لمحاولته الفوز بولاية ثانية بالرئاسة.
وقالت المفوضية إن 77.18 في المائة من المصوتين في استفتاء الأحد أيدوا التعديلات التي تزيل مركزية صنع القرار، وتجرد الزعيم السابق نور سلطان نزارباييف من مكانته "كزعيم وطني". وبلغت نسبة المشاركة 68.06 في المائة.
واقترح توكاييف حزمة التعديلات بعد القضاء على محاولة انقلاب، وسط اضطرابات دامية في يناير/كانون الثاني أسفرت عن سقوط أكثر من 230 قتيلاً، وعزل راعيه السابق نزارباييف وأقاربه من مناصب مهمة في القطاع العام.
وقبل تلك الاضطرابات، كان الرئيس قاسم جومارت توكاييف (69 عاماً)، يُعدّ الذراع اليمنى لنزارباييف البالغ من العمر 81 عاماً، والذي تنحى في 2019، لكنّه احتفظ بنفوذ سياسي كبير. وشكّلت الاضطرابات منعطفاً، إذ يبدو أن توكاييف استفاد من الأزمة للتحرر من نفوذ سلفه، والتخلص من بعض المقربين منه.
وتنص التغييرات الدستورية المطروحة في الاستفتاء على تعديل حوالي ثلث مواد القانون الأساسي الكازاخستاني، وعلى وجه الخصوص تجريد نزارباييف من لقب "إلباسي" أو "قائد الأمة". وهي مكانة تمنحه سلطة كبيرة.
ويهدف الاستفتاء إلى إقرار تعديلات تشمل ثلث بنود الدستور. كما يلحظ التعديل الدستوري منع المقرّبين من القادة من تولي مناصب حكومية رفيعة المستوى، وهو تدبير يبدو أنه يستهدف خصوصاً عائلة نزارباييف.
وبحسب توكاييف، يفترض أن يضع الاستفتاء حداً للنظام الرئاسي بامتياز، الذي لطالما حصر النفوذ بيد نزارباييف.
وقال المحلل السياسي غزيز ابيتشيف لوكالة "فرانس برس": "يمكننا الآن بثقة القول إن عهد إلباسي قد انتهى".
واعتبرت إينيش آتمانبيكوفا، التي جاءت للادلاء بصوتها، الأحد، مع ابنتها في ألماتي، العاصمة الاقتصادية للبلاد، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، أن هذه التعديلات الدستورية "ضئيلة للغاية ... لكننا نأمل أن تكون للأفضل".
وبحسب توكاييف، يفترض أن يضع الاستفتاء حدا للنظام "الرئاسي بامتياز" الذي لطالما حصر السلطات بأيدي نزارباييف.
ولم تجرِ أي حملة مناهضة للاستفتاء في هذه الدولة المعروفة بقمع أي انتقاد. ولا يزال الغموض يلف الأسباب التي أدت إلى أعمال الشغب في يناير/كانون الثاني وبالجهات التي تقف وراءها. فقد خلفت أعمال العنف أضراراً كبيرة في وسط ألماتي، علماً أن العاصمة نور سلطان التي سمّيت أيضاً تيمّناً بالرئيس السابق في 2018 بقيت بمنأى عنها.
واتّهم توكاييف "إرهابيين" بالسعي إلى الاستيلاء على السلطة. وعزز اعتقال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي في كازاخستان كريم ماسيموف، المقرّب من نزارباييف، في الثامن من كانون الثاني/ يناير، التكهنات بصراع على السلطة.
وبعد أزمة كانون الثاني/يناير، وجّه توكاييف انتقادات علنية لنزارباييف، متّهماً إياه بحماية "الأثرياء" خلال عهده على حساب الشعب. وأوقف ابن شقيق الرئيس السابق خيرت ساتيبالدي، في مارس/آذار، واتُهم بالاختلاس. لكنّ توكاييف نوّه في المقابل بإنجازات سلفه، أحد الكوادر السابقين للحزب الشيوعي، الذي عمل على تنمية البلاد الباردة والقاحلة والمليئة بالسهوب بالاعتماد على مواردها النفطية.
ويقيم كلّ من نزارباييف وتوكاييف علاقات وثيقة مع روسيا المجاورة، بالتوازي مع شراكات مع الغرب والصين.
وخلال أعمال الشغب، طلب توكاييف من روسيا المساعدة، فأرسلت قوات لإعادة إرساء الأمن في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التحالف العسكري بقيادة موسكو. ويؤكد الكرملين أن لا خلفيات سياسية لهذا التدخل.
ومنذ أزمة كانون الثاني/يناير، لم تسجل أي إطلالة علنية لنزارباييف، لكنه دعا، في مقابلة أجريت معه الإثنين، إلى التصويت لصالح التعديلات الدستورية.
(رويترز، فرانس برس)