عزّزت الأحزاب الانفصالية الكتالونية غالبيتها في البرلمان الإقليمي، ما يمكّنها من الاحتفاظ بالسلطة في كتالونيا إثر انتخابات طغت عليها الجائحة، وفاز فيها بفارق ضئيل مرشح رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز.
وبعيداً عن السياسة، ميّز الاقتراع مشاهد القيّمين على الانتخابات بملابسهم الواقية البيضاء وهم يشرفون على تصويت المصابين بكوفيد-19 في مراكز الحجر.
وأظهرت نتائج فرز أكثر من 90 بالمئة من الأصوات، تصدّر مرشّح سانشيز، وزير الصحة السابق سلفادور إيلا، بنحو 23 بالمئة من الأصوات، ونيله 33 مقعداً في البرلمان الإقليمي المؤلف من 135 نائباً.
لكن إيلا الذي رشّحه سانشيز لكسر هيمنة الانفصاليين على السلطة التي يستأثرون بها منذ عام 2015، لا يزال بعيداً عن تحقيق هدفه.
إيلا الذي رشّحه سانشيز لكسر هيمنة الانفصاليين على السلطة التي يستأثرون بها منذ العام 2015، لا يزال بعيدا من تحقيق هدفه
فبعدما تعهّدت الأحزاب الانفصالية في وثيقة خطية بعدم التحالف معه، لم يعد لدى إيلا هامش مناورة يمكّنه من نيل الأصوات اللازمة لتشكيل ائتلاف حاكم في الإقليم الواقع في شمال شرق إسبانيا والبالغ عدد سكانه 7,8 ملايين نسمة.
وبعد ثلاثة أعوام ونيّف على محاولة الانفصال عن إسبانيا، لم تحل الخلافات بين الأحزاب الانفصالية والاستياء في صفوف قواعدها الشعبية دون تعزيز غالبيتها من 47,5 بالمئة في انتخابات عام 2017 إلى أكثر من 50 بالمئة في انتخابات الأحد.
ومع نيل "اليسار الجمهوري" 33 مقعداً، وحزب "معاً من أجل كتالونيا" الذي يتزعّمه رئيس الإقليم كارليس بوتشيمون 32 مقعداً، وحزب "الترشيح من أجل الوحدة الشعبية" تسعة مقاعد، عزّزت الأحزاب الانفصالية غالبيتها البرلمانية من 70 مقعداً في الانتخابات الماضية إلى 74 مقعداً.
لكن سيتعيّن عليها تخطّي خلافاتها لتشكيل ائتلاف حاكم. ويبدو مرشّح "اليسار الجمهوري" بيري أراغونيث، الأوفر حظاً للفوز برئاسة الإقليم.
ويحكم المنطقة حالياً ائتلاف بين "اليسار الجمهوري" المنادي بالانفصال عن مدريد و"معاً من أجل كتالونيا" المعتدل والداعم لسانشيز في البرلمان الإسباني.
تصويت المصابين بكورونا
وخصصت الساعة الأخيرة لتصويت المصابين بالفيروس ومن يخضعون للحجر.
وأثار القرار جدلاً في سياق صحي لا يزال معقداً، رغم تحسنه في الأيام الأخيرة.
خشية الإصابة بالفيروس، امتنع عدد كبير من الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم. وإلى حدود الساعة 17,00 ت غ، شارك 45,7 بالمئة فقط من إجمالي 5,5 ملايين ناخب، أي بتراجع 22 نقطة مقارنة بالانتخابات الإقليمية السابقة عام 2017.
وقالت المدرّسة كريستينا كاباليرو (34 عاماً) من برشلونة لـ"فرانس برس": "حسمت قرار التصويت من عدمه في اللحظة الأخيرة".
وإثر تسجيل ارتفاع كبير في الإصابات جراء أعياد نهاية السنة، قررت حكومة كاتالونيا إرجاء الانتخابات إلى نهاية أيار/ مايو، إلا أن القضاء تدخل لإقامتها في موعدها الأساسي.
وقال سيرجي لوبيز (40 عاماً): "واضح أن هذه ليست اللحظة المناسبة لتنظيم انتخابات (...) إننا معرضون (للفيروس) يومياً في أماكن العمل أو في الميترو".
وفي مؤشر على تخوّف الناخبين من الوباء، طلب نحو 35600 من بين 82 ألف شخص اختيروا بالقرعة لتأمين الانتخابات إعفاءهم، وقد جرى الاقتراع بسلاسة رغم قبول 23300 مطلب.
وقال خافيير نافيس (45 عاماً): "كنت خائفاً من المجيء، لكن إذا لم تأتِ فستُعاقَب بغرامة. في النهاية، لم يكن لدي خيار".
ولتقليص المخاطر، قررت السلطات تركيز مكاتب الاقتراع في فضاءات مفتوحة.
ونُظّمت الانتخابات بعد أكثر من ثلاث سنوات بقليل على فشل محاولة انفصال إثر تنظيم استفتاء في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2017 على تقرير المصير، منعه القضاء وأدى إلى تدخلات عنيفة للشرطة.
ولا يزال رئيس الحكومة الكتالونية في تلك الفترة كارليس بوتشيمون، يعيش في المنفى في بلجيكا، فيما حُكم على تسعة من القادة الانفصاليين عام 2019 بالسجن لفترات تراوح بين تسع و13 سنة.
(فرانس برس)