اكتسحت الذراع الطلابية لحركة حماس انتخابات جامعة بيرزيت، مساء اليوم الأربعاء، حيث فازت كتلة الوفاء الإسلامية بـ28 مقعداً بنسبة تقارب 55% من مجمل المقاعد التي تبلغ 51 مقعداً، مقابل 18 مقعداً لكتلة "الشهيد ياسر عرفات" الذراع الطلابية لحركة فتح، بنسبة تقارب 35% من مجمل المقاعد. و5 مقاعد للقطب الطلابي الديمقراطي التقدمي الذراع الطلابية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بنسبة تقارب 10%.
وفازت كتلة الوفاء بأكثر من خمسة آلاف صوت، مقابل نحو ثلاثة آلاف صوت لكتلة "الشهيد ياسر عرفات".
وأعلنت جامعة بيرزيت نتائج انتخابات مجلس اتحاد طلبة الجامعة، بنسبة اقتراع بلغت 78.1 في المائة.
وأوضحت الجامعة في بيان لها أن نسبة الحسم هي 187 صوتاً، بتصويت 9782 طالباً من أصل 12521 عدد طلبة الجامعة، والأوراق اللاغية 155، والفارغة 84، فيما لم تصل كتلة اتحاد الطلبة التقدمية، وكتلة الوحدة الطلابية إلى نسبة الحسم.
ويعتبر الفارق بين الكتلتين الكبيرتين لصالح الكتلة الممثلة لحركة حماس بعشرة مقاعد، فارقا كبيرا نادر الحصول في تاريخ انتخابات جامعة بيرزيت، التي لم تتوقف خلال السنوات الماضية ما بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007، رغم توقف معظم الانتخابات الأخرى، ولذا تكتسب أهمية خاصة كونها مستمرة لسنوات بمشاركة الفصيلين الكبيرين فتح وحماس.
وأعلن عميد شؤون الطلبة النتائج في مؤتمر صحافي مقتضب بعد انتهاء الفرز الذي كان يبث على الهواء مباشرة، مباركا للطلبة ما قال إنه العرس الديمقراطي في الجامعة، ونجاح العملية الديمقراطية. مشيرا إلى أن ثلاث كتل حصلت على مقاعد في مؤتمر مجلس الطلبة، فيما لم تحصل كتلتان، وهما كتلة الوحدة الطلابية التابعة للجبهة الديمقراطية، وكتلة اتحاد الطلبة التقدمية التابعة لحزب الشعب، على أية مقاعد.
ووصف ممثل الكتلة الإسلامية أسيد قدومي، في حديث مع "العربي الجديد"، فوز كتلته بأنه تأكيد على دعم الشعب الفلسطيني لنهج المقاومة ولفظ أي نهج يمثل المساومة، حسب تعبيره. مشيرا إلى أن هذا الفوز يأتي بعد اعتقال ثمانية من زملائه من قيادة الكتلة الإسلامية من قبل قوات الاحتلال أمس، وهو ما أراد الاحتلال من خلاله، حَسب قدومي، كسر شوكة الكتلة وترهيب الطلبة، بأن التوجه للانتخاب سيؤدي بهم إلى الاعتقال والملاحقة، إضافة إلى تهديدات تعرّض لها الطلبة، لكنهم حسب قدومي ذهبوا للتصويت وأثبتوا للاحتلال أن الاعتقالات والحملة الشرسة لن تؤثر ولن ترهب الطلبة.
ووجّه قدومي رسالة شكر لإدارة الجامعة على إنجاح العرس الديمقراطي، كما قال. مضيفا أن الجامعة دائما علّمت الطلبة معنى الديمقراطية ومفهوم الحرية، مؤكدا أن كتلته لن تشكل مجلس الطلبة بشكل منفرد رغم اكتساحها للنتيجة، بل إنها ترحب بالشبيبة الطلابية والقطب الطلابي للمشاركة في مجلس بقيادتها.
ويتعرض كوادر الكتلة الإسلامية والقطب الطلابي عادة إلى اعتقالات وملاحقات من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعتبرها كتلتين محظورتين كونهما تتبعان لحركتي حماس والجبهة الشعبية. وخلال العام الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال مدخل الجامعة واعتقلت ممثلين عن الكتلتين خلال اعتصام للحركة الطلابية. وكان جيش الاحتلال أعلن، في آب/أغسطس عام 2020، القطب الطلابي منظمة غير مشروعة، فيما يتعامل مع الكتلة الإسلامية على الأساس ذاته.
وعبّر رئيس الجامعة بشارة دوماني، في حديث مع "العربي الجديد"، عن فخره بالعملية الديمقراطية داخل الجامعة رغم كل الظروف الصعبة تحت الاحتلال، مؤكدا أنها تقليد مستمر منذ عشرات السنين، وهي إرث للجامعة تحافظ عليه وتحترم نتائجه، وأمل بأن تواجه الجامعة مع الطلبة ونقابة العاملين كل الصعوبات والتحديات، مثمّنا نسبة التصويت العالية والتي بلغت 78.1% والتي تدلل برأيه على وعي الطلبة، والرغبة في المشاركة في العملية الديمقراطية.
خليل شاهين: تصويت عقابي تجاه حركة فتح
من ناحية أخرى، اعتبر مدير البحوث في مركز مسارات خليل شاهين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما شهدته الجامعة هو تصويت عقابي تجاه حركة فتح، لتماهيها مع السلطة الفلسطينية إلى حد كبير خلال الفترة الماضية.
وقال شاهين: "لم نشهد في بيرزيت انتخابات السنة الماضية التي كانت حافلة بالتطورات والأحداث، وخاصة فيما يتعلق بأداء السلطة الفلسطينية وحركة فتح، التي تماهت مع السلطة الفلسطينية بشكل كبير"، في إشارة إلى أن التصويت هذا العام جاء ردا على ذلك، وتابع: "إذا أردنا سرد الأحداث التي جرت فنتحدث أولا عما يتعلق بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو العنوان الرئيسي الذي يؤكد عليه الفلسطينيون، فقد بدت السلطة الفلسطينية في وادٍ آخر غير الوادي الذي كان الفلسطينيون من خلاله يعملون على استعادة طبيعة الصراع مع الاحتلال، وهو صراع قائم على علاقة طبيعية بين شعب خاضع للاحتلال من جهة، وسلطة قائمة بالاحتلال من جهة أخرى، أي علاقة مقاومة، غابت عنها السلطة الفلسطينية، وإلى حد بعيد غابت عنها فتح الرسمية، ولا أريد أن أقول فتح غير الرسمية، لأن أعضاء ومناضلين في فتح كانوا منخرطين في هذه العملية في القدس وغيرها".
وتحدث شاهين عن عناوين أخرى، أهمها "اغتيال نزار بنات، والاعتداء على الحريات العامة، وحقوق الإنسان تجاه قطاع غزة، وغير ذلك من القضايا الرئيسية" التي جعلت، برأي شاهين، فئات واسعة من الشعب الفلسطيني ترى أن الخيارات التي تتبعها السلطة الفلسطينية ليست الخيارات التي يريدونها. ومن جهة أخرى، فإن تماهي حركة فتح برأيه بات أكثر وأكثر مع السلطة الفلسطينية، ما جعلها عرضة لتحمل المسؤولية عما ترتكبه السلطة من أوزار.
وتابع: "لذلك فإن فتح وكتلة الشبيبة عمليا رغم كفاحية العديد من عناصر الشبيبة، حملت أوزار السلطة الفلسطينية من التنسيق الأمني إلى العلاقة الاقتصادية المستمرة مع الاحتلال وغير ذلك من ممارسات، وكانت النتيجة طبيعية، فالعديد من الطلبة، سواء من الموالين لكتلة حركة حماس، أو من غير الموالين لها، بما في ذلك أطراف ينتمون للتيار الوطني، عاقبوا حركة فتح على موقفها خلال الفترة الماضية".
ويذكر شاهين بأن الساحة الفلسطينية شهدت تصويتا عقابيا في الانتخابات التشريعية في عام 2006، واليوم يعود ذلك في انتخابات جامعة بيرزيت، الأمر الذي يدعو حركة فتح، حسب شاهين، إلى التوقف مرة أخرى أمام ما يحدث، وهي ضرورة أن تنتبه إلى أنها إما أن تكون هي السلطة أو لا تكون هي السلطة.
حماس: عرس ديمقراطي
واعتبرت حركة حماس في بيان لها، أن النجاح في إجراء الانتخابات الطلابية في جامعة بيرزيت لهذا العام عرس ديمقراطي، يمثل فخراً للحركة الطلابية والشعب الفلسطيني، ونجاحًا في معركة مصيرية أمام الاحتلال الذي يسعى لتعطيل الحياة الديمقراطية واستهداف الحركة الطلابية.
وقالت حماس: "إن هذا الإنجاز المقدر لأبناء الكتلة الإسلامية الميامين يأتي بفضل الله، رغم التحديات الكبيرة، خاصة الاستهداف الصهيوني المركّز بالحظر والاعتقال والملاحقة ومنع الأنشطة، إضافة إلى التضييق والملاحقة من الأجهزة الأمنية، التي تعزز أجواء الترهيب والعنف وغياب الحريات العامة".
وشددت الحركة على أن هذا الفوز الواضح تأكيد آخر على الالتفاف الشعبي حول خيار المقاومة، الذي يتمسك بالثوابت والوحدة الوطنية، في مواجهة مشاريع التصفية والتفريط في الحقوق والتنسيق مع الاحتلال.
وأضافت حماس "لقد أكد الطلاب اليوم دعمهم والتحامهم مع أبناء الكتلة الذين تقدموا الصفوف وسطروا أروع الأمثلة في الرباط داخل المسجد الأقصى المبارك، والدفاع عنه في وجه قوات الاحتلال والمستوطنين".
ودعت حركة حماس مختلف الكتل الطلابية وإدارة الجامعة إلى الحفاظ على هذه الأجواء الديمقراطية، والعمل المشترك لخدمة الطلاب والمسيرة التعليمية، والحفاظ على بيرزيت نموذجاً للوحدة والديمقراطية.