أصبح للمعارضة التركية مرشحها بعدما استقر اختيارها، مساء يوم الإثنين، على رئيس حزب "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو لتمثيلها في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في مايو/ أيار المقبل، ويعول الأخير على تجاربه السابقة للتغلب على الرئيس رجب طيب أردوغان مستفيداً منها في تجاوز خصومه داخل حزبه وخارجه.
وبعد اجتماع دام عدة ساعات للطاولة السداسية التي تضم 6 أحزاب معارضة، خرج المجتمعون بالاتفاق على ترشيح كلجدار أوغلو (75 عاماً)، كمرشح عن المعارضة لمنافسة أردوغان.
وتضم الطاولة السداسية كلا من حزب كلجدار أوغلو، و"الحزب الجيد" بزعامة ميرال أكشنر، وحزب "السعادة" برئاسة تمل قره موللا أوغلو، وحزب "دواء" بزعامة علي باباجان، وحزب "المستقبل" برئاسة أحمد داود أوغلو، و"الحزب الديمقراطي" بزعامة غولتكين أويصال.
وكانت الطاولة السداسية قد شهدت عودة أكشنر مجددا، حيث كانت قد أعلنت قبل أيام عن انسحابها منها اعتراضا على ترشيح كلجدار أوغلو، قبل أن تعدل عن ذلك اليوم.
ولد زعيم حزب "الشعب الجمهوري" في منطقة ناظمية بولاية تونجلي، وسط تركيا، في العام 1948، وأكمل تعليمه في أكاديمية العلوم التجارية والاقتصاد في أنقرة.
وبعد تخرجه في العام 1971 عمل في وزارة المالية التركية، قبل انتقاله لفرنسا للعمل فيها كخبير حسابات لمدة عام، واستمر في مجال الحسابات إلى حدود العام 1983، لينتقل بعدها لمديرية الدخل العام، حتى تقلده منصب نائب المدير العام فيها. وفي العام 1992 انتقل لمؤسسة الضمان الاجتماعي ليعمل كمدير لها، وبعدها عمل نائب مستشار وزير العمل والضمان الاجتماعي، قبل تقاعده في العام 1999 عن سن 51 عاماً.
مباشرة بعد ذلك وفي العام نفسه بدأ كلجدار أوغلو عمله السياسي داخل "الحزب اليساري الديمقراطي"، قبل أن ينتقل لحزب "الشعب الجمهوري" وينتخب نائبا في البرلمان عن الحزب في العام 2002. واستمر عضوا في البرلمان إلى حين توليه زعامة الحزب في مايو/ أيار من العام 2010 خلفا لدنيز بايكال الذي توفي قبل أيام.
وقبل توليه زعامة الحزب ترشح لانتخابات بلدية إسطنبول في العالم 2009، ولكنه لم ينجح فيها، فيما تظل طريقة وصوله لزعامة "الشعب الجمهوري" مثار جدل بعدما استقال بايكال إثر فضيحة تسريب مشهد غير أخلاقي له. وذكرت تقارير إعلامية لمنابر مقربة من الحكومة أن الإطاحة ببايكال وتمهيد الطريق لكلجدار أوغلو قبيل انتخابات العام 2011 كانت بترتيب من جماعة "الخدمة" المحظورة حاليا بتركيا، والتي كانت آنذاك متغلغلة بمؤسسات الدولة قبيل انقلاب 2016 الذي أنهى وجودها داخل مؤسسات الدولة.
وتمكن كلجدار أوغلو من هزيمة جميع خصومه في الحزب، فيما لم يتمكن من الفوز بأي انتخابات أمام أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، منذ ترشحه لانتخابات إسطنبول المحلية وتوليه رئاسة الحزب منذ العام 2010. ويظل في محصلة إنجازاته فوز محدود في الانتخابات المحلية التي جرت في 2019، بعدما نجح تحالف "الشعب" المعارض بقيادة "الشعب الجمهوري" في الفوز بكبرى المدن وأهمها إسطنبول وأنقرة وأزمير وأنطاليا وأضنة. وجاء فوزه في إسطنبول والعاصمة أنقرة بعد سنوات طويلة من سيطرة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم عليهما.
كما تمكن لاحقا من هزيمة المرشح الرئاسي السابق في الحزب محرم إنجه، بانتخابات داخلية بعد طلب الأخير تولي الرئاسة. وفي ترشحه الأخير لانتخابات الرئاسة هزم رئيسي بلدية إسطنبول اكرم إمام أوغلو وأنقرة منصور ياواش، اللذين طالبت حليفته زعيمة "الحزب الجيد" ميرال أكشنر بتسمية أحدهما مرشحاً للمعارضة في الانتخابات الرئاسية.
ولم ينجح منشقون من الحزب في أخذ قيادة الحزب من كلجدار أوغلو، ويسعى لتتويج مسيرته السياسية بفوز على أردوغان بالرهان على توظيف الأزمات الاقتصادية التي تعصف بتركيا لصالحه، وتكتل المعارضة خلفه.
ومن أبرز ما أقدم عليه كلجدار أوغلو في السنوات الأخيرة، قيادته مسيرة مشيا على الأقدام من العاصمة أنقرة إلى إسطنبول في العام 2017 احتجاجا على حكم قضائي بحق نائب برلماني عن حزب "الشعب الجمهوري". وبحسب الحزب، فقد مشى كلجدار أوغلو 420 كيلومتراً خلال 25 يوما.
مفترق طرق
وساهم كلجدار أوغلو في دخول "الحزب الجيد" للبرلمان التركي، بعدما سمح لـ15 نائبا من حزبه بالانضمام إليه في العام 2018، ليشكل "الحزب الجيد" كتلة برلمانية مكنته من المشاركة في الانتخابات ودخول البرلمان بعدها.
كما يحسب لزعيم المعارضة تأسيسه الطاولة السداسية وتنازله كثيرا من أجل استمرارها منذ فبراير/ شباط من العام الماضي، وفي مسألة ترشحه للانتخابات بدا حازما مع حليفته ميرال أكشنر لتضطر الأخيرة للتنازل والموافقة على ترشحه ليهزمها أيضا من ضمن من هزمهم.
وتعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا مصيرية وحاسمة لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم منذ 21 عاما، فيما ترى المعارضة فيها فرصة للفوز بعد تراكم المشاكل على الحكومة، بحسب قولها، وسبق أن وصف الرئيس أردوغان هذه الانتخابات بأنها "مفترق طرق".
واليوم، الاثنين، جدد الرئيس التركي في كلمة له بعد اجتماع الحكومة، التأكيد على أن الانتخابات ستجرى بموعدها المحدد مسبقا في 14 مايو/ أيار المقبل، حيث أفاد بأنه سيصدر قراراً جمهورياً بإجراء الانتخابات في العاشر من الشهر الجاري، وينشر في اليوم التالي بالجريدة الرسمية.