استمع إلى الملخص
- التقييمات الإسرائيلية تشير إلى تدمير جزء كبير من ترسانة حزب الله ومقتل العديد من مقاتليه، لكن الحزب يظل قادراً على تنفيذ عملياته بفضل هيكله المرن واستعداد قادته المحليين.
- حزب الله لم ينهار رغم الضربات، ويواصل تكبيد جيش الاحتلال خسائر، مستعداً لاستخدام ترسانته المتطورة في حال تصاعدت الهجمات الإسرائيلية.
رغم الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق التي دمّرت - وفق تصريحات قادة الاحتلال - جزءاً كبيراً من أسلحة حزب الله، إضافة إلى تصفية العديد من مقاتليه وقادته، إلا أن الحزب أثبت أنه أبعد ما يكون عن العجز وهو ما يؤكّده تعثّر جيش الاحتلال في عملية غزو جنوب لبنان التي بدأها قبل 3 أسابيع تقريباً. وقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، في تقرير نشرته اليوم السبت، أن جيش الاحتلال واجه "عدواً مرناً"، يستخدم البيئة لشنّ عمليات معقدة ومميتة في بعض الأحيان.
ووفق مسؤولَين عسكريَّين إسرائيليين كبيرين، تحدثا إلى الصحيفة شرط عدم الكشف عن هويتيهما، فإن التقييمات الإسرائيلية تشير إلى أن الكثير من ترسانة حزب الله، بما في ذلك أكثر من نصف صواريخه الموجهة بدقة، قد تمّ تدميرها، بالإضافة إلى مقتل المئات من مقاتليه وإصابة الآلاف. ويقول أحد المسؤولين إن بعض المناصب الرئيسية في المجموعة شغلها أشخاص لا تعرف إسرائيل أسماءهم، لأنهم كانوا سابقاً في مواقع بعيدة في سلسلة القيادة.
وعلى الرغم من شنّ الاحتلال الإسرائيلي غارات واسعة على مناطق مختلفة في الجنوب، قبل محاولات التوغل البري، فقد وجد الجيش الإسرائيلي هناك صعوبة في التعامل مع حزب الله، وفقاً لستة مسؤولين عسكريين إسرائيليين مشاركين في الحملة على لبنان، تحدثوا إلى الصحيفة الأميركية شرط عدم الكشف عن أسمائهم.
ويتحدث المسؤولون عما قالوا إنها بدت محاولة لأسر جنود في وقت سابق، عندما دخل جندي إسرائيلي منزلاً مهجوراً، وقُتل برصاص مقاتل من حزب الله، فاندفع جنود آخرون لاستعادته، وأطلق حزب الله عليهم صواريخ مضادة للدبابات من اتجاهات متعددة، وبدأوا معركة استمرّت أكثر من أربع ساعات. ويشير المسؤولون إلى أن طائرة مسيّرة إسرائيلية، رصدت في مرحلة ما، شاحنة تندفع بمقاتلي حزب الله إلى المنطقة، في ما اعتقدت إسرائيل أنها محاولة لأسر الجنود، لكن المحاولة فشلت. ويرى المسؤولون أن هذه الحادثة أظهرت أن حزب الله قادر على تعبئة قواته بسرعة، بناءً على تطورات ساحة المعركة.
ويقول نيكولاس بلانفورد، الخبير في شؤون حزب الله في المجلس الأطلسي، وهو منظمة للشؤون الدولية في واشنطن، إن إسرائيل وجهت ضربة قوية للقيادة السياسية والعسكرية للحزب، لكن يبقى أن نرى كيف يؤثر ذلك على الاتصالات الداخلية، وسلسلة القيادة. ويرى في حديثه إلى "نيويورك تايمز"، أن ما ساعد حزب الله على البقاء في القتال، هو ما يقرب من عقدين من التحضيرات للحرب الكبرى القادمة مع إسرائيل، والهيكل المرن الذي يسمح للقادة المحليين بتنفيذ خططهم الخاصة.
ويضيف بلانفورد، أن "رجال حزب الله على الأرض، وما زالوا يتمتعون بقدر كبير من السيطرة التكتيكية، ولديهم قدر كبير من الاستقلالية"، مشيراً إلى أنهم "يعرفون ما هي المهمة الأساسية: ضرب الجنود الإسرائيليين القادمين عبر الخط". ويرجح الخبير في شؤون حزب الله، أن يكون الحزب ينتظر قيام إسرائيل بقصف الجسور، والموانئ البحرية، ومحطات الطاقة، وغيرها من البنى التحتية الرئيسية في لبنان، لاستخدام أسلحته الأكثر قوة، معتبراً في المقابل أن التحدي الأكبر بالنسبة إلى الحزب هو مدى الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي له، والذي يتمثل بتمكّن إسرائيل من قتل العديد من قادته. ويضيف: "الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي قد يستمر في تقويض حزب الله. هناك العديد من القادة الآخرين الذين قد يتمكن الإسرائيليون من العثور عليهم والقضاء عليهم".
من جهته، يقول الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جيرشون هاكوهين، إن "الضربات حتى الآن أضعفتهم، لكنها لم تؤدِ إلى انهيارهم"، في إشارة إلى مقاتلي حزب الله، معتبراً أنهم "في محنة"، لكن هذا لا يعني أنه تمّ تدميرهم. وتقول: "واشنطن بوست" إن أنشطة حزب الله العسكرية كانت سرية على الدوام، مما يجعل من الصعب تقييم قدراته، لكن قبل حرب غزة، كان يُرجح أن لدى الحزب ما بين 20 و30 ألف مقاتل مدربين تدريباً جيداً، فضلاً عن عدد أكبر من عناصر الاحتياط، وترسانة تضم أكثر من 120 ألف صاروخ وقذيفة، وأسلحة متطورة أخرى، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، والصواريخ الموجهة بدقة والتي يمكنها ضرب مواقع حساسة في عمق إسرائيل.
يذكر أن حزب الله أعلن مساء الخميس، إطلاق مرحلة جديدة وتصاعدية في المواجهة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي رداً على العدوان الذي كثفه على لبنان منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، موضحاً أن عناصره يواصلون تكبيد جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة في عدّته وعديده من ضباط وجنود، على امتداد محاور المواجهة عند الحافة الأمامية في جنوب لبنان وصولاً إلى أماكن وجوده في عمق فلسطين المحتلة.