وافقت لجنة الخارجية في البرلمان التركي، اليوم الثلاثاء، على مشروع القانون الخاص بالموافقة على بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ليحال إلى البرلمان لإجراء تصويت نهائي عليه في موعد غير محدد بعد.
وأفادت وسائل إعلام تركية بأن اللجنة الخارجية في البرلمان التركي ناقشت مشروع القرار بعد تأجيله سابقاً، ليتم إدراجه في أجندة اليوم والموافقة عليه، حيث سيتم تحديد موعد من قبل رئاسة البرلمان بعد وضعه في الأجندة حسب الأولويات، والتصويت عليه.
وقالت قناة "سي إن إن تورك" إن الموافقة جاءت في اللجنة "بعد التصويت بالموافقة من قبل ممثلي كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري وانسحاب حزب ديم الكردي، فيما رفض الحزب الجيد وحزب السعادة المشروع".
وتحتاج الموافقة على إقرار المشروع إلى تصويت أغلبية الحضور في جلسة مكتملة النصاب، ويمتلك التحالف الجمهوري الحاكم أغلبية كافية تتيح له تمرير المشروع حيث يمتلك 324 مقعداً برلمانياً من أصل 600، وأيضاً يتطلب مصادقة الرئيس رجب طيب أردوغان على القرار بعد البرلمان.
ومن الواضح أن عدم تحديد موعد التصويت بعد يعتمد على مسألة المساومات التي تجري بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية، بعد أن تحرك الملف عقب مكالمة بين الرئيسين التركي ونظيره الأميركي جو بايدن قبل أكثر من أسبوع، وبناء على التطورات سيتم تحديد الموعد في البرلمان.
وكان ملف انضمام السويد إلى الناتو مربوط من قبل تركيا وأميركا بمسألة تمرير الكونغرس الأميركي بيع تركيا طائرات إف 16، وشهدت أميركا قبل أيام اجتماعاً على صعيد وزارتي الدفاع تناولت مسألة الصناعات الدفاعية، ما حرك ملف انضمام السويد في البرلمان التركي.
مراحل عديدة لانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي
ومرت مرحلة انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي بمراحل عديدة، بدأت من ترشحها مع فنلندا إلى عضوية الناتو في عام 2022 وتوقيع مذكرة ثلاثية صيف نفس العام مع تركيا لتنفيذ بعض المطالب التركية، ومنها حظر بعض الأحزاب والجماعات المحظورة بتركيا في الدولتين وتسليم مطلوبين ومحكومين منها، وتم تشكيل آلية لمتابعة تطبيق هذه الاتفاقيات.
وفي الوقت الذي سار فيه مسار انضمام فنلندا بشكل سلس وتكلل بالموافقة عليه من قبل تركيا في إبريل/ نيسان الماضي، إلا أن مرحلة انضمام السويد تشهد مخاضاً طويلاً. ففي يناير/ كانون الثاني الماضي شهدت السويد حوادث أدت إلى استفزاز الحكومة التركية على خلفية تظاهرات لأنصار حزب العمال الكردستاني في استوكهولم، وسماح السلطات السويدية لزعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان بإحراق نسخة من القرآن قرب السفارة التركية في استوكهولم، وسط حماية مشددة من الشرطة، التي منعت اقتراب أي أحد منه أثناء ارتكابه العمل الاستفزازي.
وبسبب الأحداث الأخيرة لم تكتف تركيا بالإدانة، بل حاولت ثني الحكومة السويدية عن مسألة السماح بالإساءة للقرآن ولم تلفح هذه الجهود، ما أدى إلى سلسلة إجراءات تركية تمثلت بإلغاء زيارة رئيس البرلمان السويدي إلى أنقرة، ولاحقاً إلغاء زيارة وزير الدفاع السويدي، وإلغاء اجتماع آلية التنسيق الثلاثية التي تجمع تركيا والسويد وفنلندا لانضمام الأخيرتين للناتو.
الموقف التركي تبعه ارتفاع حدة ولهجة التصريحات من قبل جميع الأطراف السياسية في البلاد، وخاصة في حادثة الإساءة للقرآن الكريم، وشملت أحزاب المعارضة، وشكل هذه الملف إحدى الأوراق الانتخابية التي جرت في مايو/ أيار الماضي بيد حزب العدالة والتنمية الحاكم مع سعي الحكومة للمحافظة على الكتلة الناخبة من المحافظين والقوميين.
وفي الوقت الذي كانت المواقف غير واضحة، فاجأ الرئيس أردوغان حلفاءه في حلف الشمال الأطلسي قبل قمة الحلف في ليتوانيا في يوليو/ تموز الماضي بوضعه شرطاً جديداً يصعب تحقيقه، وهو فتح الباب أمام دخول تركيا للاتحاد الأوروبي، مقابل فتح أنقرة الباب لدخول السويد للحلف.
وقال أردوغان في كلمته حينها "تركيا مع توسعة الناتو، تم توقيع مذكرة ثلاثية العام الماضي مع السويد وفنلندا، ونفذت الأخيرة تعهداتها ودخلت في إبريل/ نيسان الماضي الحلف، فيما لا تزال مرحلة انضمام السويد متواصلة ويتم الحوار بين المؤسسات بشكل شفاف".
ورغم أن الشرط الجديد الذي قدّمه أردوغان يعد تصعيداً جديداً وتغييراً بقواعد اللعبة، إلا أنه خلال قمة الناتو في ليتوانيا، اتفقت تركيا والسويد والناتو على تحويل الحكومة التركية لبروتوكول انضمام السويد للناتو إلى البرلمان مقابل دعم السويد لتركيا في مرحلة انضمامها للاتحاد الأوروبي، والاعتراف بالمنظمات المصنفة في تركيا بأنها منظمات إرهابية.
وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وقع أردوغان بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي ليتحول بذلك إلى البرلمان من أجل مناقشته وإقراره، ويمتلك التحالف الجمهوري الحاكم في البرلمان الأغلبية الكافية لتمرير البروتوكول، إذ لديه 324 مقعداً من أصل 600.
وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قررت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي تأجيل مناقشة مشروع القانون الخاص بالموافقة على بروتوكول انضمام السويد إلى "الناتو"، قبيل أن تقرر إدراجه في أجندة مناقشاتها اليوم الثلاثاء، وبعد مناقشته تم تحويله إلى البرلمان للتصويت عليه، وهذا التطور جاء بعد مكالمة هاتفية جمعت أردوغان مع الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أكثر من أسبوع.