لقاءات موازية لمسارات الحل في ليبيا... هل تصعب مهمة الأمم المتحدة؟

25 سبتمبر 2020
الحل الليبي رهين الأجندات الخارجية (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

في وقت تتجه الأنظار إلى استعدادات استئناف حوار سياسي ليبي، برعاية أممية، في العاصمة السويسرية جنيف، مطلع الشهر المقبل، لتشكيل سلطة جديدة موحدة، يبرز خلاف دولي مكتوم قد يهدد بتأجيل توصل الأطراف الليبية الى حل ينهي الانقسام والفوضى الأمنية.
وأبدت باريس رغبتها في استضافة لقاء مع دول الجوار الليبي لمناقشة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، ما يراه الباحث السياسي الليبي سعيد الجواشي خطوة فرنسية تستهدف إضعاف الحلف التركي مع حكومة الوفاق في وقت حساس تمر به الحكومة ورئيسها فايز السراج الذي أعلن عن رغبته في الاستقالة نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وتأتي رغبة فرنسا في استضافة هذا اللقاء تزامنا مع قمة دولية جديدة بشأن ليبيا، قال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، إن الأمم المتحدة رتبت مع ألمانيا بشأنها. وأشار إلى أنها ستعقد في برلين في الخامس من الشهر المقبل، وتضم الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والجامعة العربية بمشاركة الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والصين وتركيا والإمارات والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر.
وبحسب دبلوماسي ليبي تحدث لـ"العربي الجديد" فإن القمة الأممية الجديدة في ألمانيا ستبحث التوافق الدولي حول ملفي إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة المقرر أن تناقشها الأطراف الليبية في جنيف، الشهر المقبل، في محاولة من الأمم المتحدة لحشد الموقف الدولي لإنجاح اللقاءات الليبية المرتقبة.
وأوضح الجواشي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن مسارات الحل الليبية ما تزال شاقة وتواجهها كثرة المبادرات واللقاءات على الهامش في عدة عواصم إقليمية دولية، مضيفا أنه ما يزال أمام الأمم المتحدة الكثير من الصعوبات يجسدها عدم قدرتها على تسمية مبعوث جديد لها إلى ليبيا بسبب خلافات الدول الأعضاء بمجلس الأمن.
وفي هذا الصدد، طالب السراج بضرورة الإسراع في استئناف الحوار وتوسيع قاعدة المشاركين على أن "يشمل كل القوى السياسية الليبية"، مشددا على ضرورة دعم قوي من المجتمع الدولي في "إنجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي انتظرها طويلا كل المؤمنين بالدولة الوطنية ودولة المؤسسات".
وأكد السراح، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 75 ليل الخميس، تمسكه بـ "الخيار السلمي القائم على الحوار البناء كخيار وحيد لتجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد"، مشيرا إلى أن حكومته "تعاطت بشكل إيجابي مع جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام في ليبيا".

 

لكن السراج، اعتبر أن الخطوات العملية التي تضمن نجاح الحوار السياسي تنبني على "التزام الطرف الآخر بإعادة المرتزقة لبلادهم، وإعادة فتح المنشآت النفطية"، في إشارة واضحة للواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر.
ويشي ذلك برفض السراج الضمني للاتفاق المعلن من جانب قيادة حفتر مع عضو المجلس الرئاسي، أحمد معيتيق، السبت الماضي بشأن إعادة استئناف إنتاج وتصدير النفط.
ولقاء فشل مساعي حفتر لاستثمار ورقة النفط لصالحه لإعادة فرض نفسه في المشهد مجدداً بعد هزيمته العسكرية، سعت القاهرة، الحليف الأقرب لمعسكر شرق البلاد، إلى استضافة لقاء جمع الأخير برئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، ما قد يعزز فرضية تنامي الخلاف بين الرجلين في شرق ليبيا، وسعي القاهرة لتبديد الخلافات بينهما بعد صمت من جانب صالح حيال الاتفاق بين حفتر ومعيتيق ما يعني رفضه ضمنيا لاتفاق.
وفي الأثناء سربت وسائل إعلام موالية لحفتر، ليل أمس الخميس، ما اعتبرته "بوادر اتفاق" بين صالح وحفتر من جانب، وشخصيات فاعلة موالية لحكومة الوفاق على بدء خطوات فعلية لتشكيل قوة مشتركة لتأمين سرت لتستضيف السلطة الجديدة الموحدة حال التوافق عليها خلال الحوار السياسي المرتقب بين الأطراف الليبية في جنيف مطلع الشهر المقبل.
لكن الجواشي يرى أنها تسريبات متعمدة للتشويش على جهود القاهرة التي يبدو أنها لم تعد تخدم سياسات دول الخليج، لا سيما أن تلك التسريبات ورد بعضها على شاشة فضائية ممولة من السعودية أشارت إلى أن حفتر طلب من مصر مساعدتها في سحب مرتزقة "فاغنر" الروس من الحقول النفطية.
ويضيف الجواشي أن تشكيل اللجنة الأمنية المشتركة بشأن تأمين سرت بات أمرا واقعا، لكن القوة لن تتمكن من العمل قبل انسحاب مليشيات حفتر، التي توجد في المدينة رفقة مرتزقة روس وبدعم خليجي إماراتي، من المدينة الى خطوط ومواقع لم يتم التوافق على تحديدها حتى الآن.
واعتبر أن محاولات الإعلام السعودي والإماراتي الزج بمصر في قضية المرتزقة محاولة للتأثير على مواقفها الجديدة بشأن الأزمة الليبية، خصوصاً أن الحديث عن المرتزقة جاء بالتزامن مع إعلان السراج إعادة المرتزقة لبلادهم شرطا لنجاح الحوار السياسي.
ويقرأ الجواشي استضافة القاهرة للقاء بين صالح وحفتر محاولة منها لتقليل تأثيرات الدول التي ما تزال تراهن على حفتر ولقطع الطريق أمامها لاستثماره بتقريب وجهات النظر بينه وبين خصمه السياسي في شرق البلاد ولتحييد تأثير حفتر الطامح في العودة للمشهد.

 

وبينما ركز اتفاق حفتر ومعيتيق على تقاسم عائدات النفط من دون وضوح آليات التوزيع، تجاهلت نصوصه السبعة مسألة سيطرة المرتزقة على مواقع النفط ومناطق التماس في سرت والجفرة، ما حدا بالمؤسسة الوطنية للنفط إلى الإعلان عن استئناف عملية إنتاج وتصدير النفط جزئيا ورفع حالة القوة القاهرة في المواقع النفطية الآمنة، بحسب تعبير بيانها السبت الماضي.
وأكد بيان المؤسسة ضرورة انسحاب مرتزقة "فاغنر" الروس من حقول وموانئ النفط كشرط لرفع حالة القوة القاهرة وعودتها للعمل. ويبدو أن النفي الروسي المتكرر لوجود قواتها على الأراضي الليبية ومشاركة "فاغنر" لمليشيات حفتر في سيطرتها على مواقع النفط ومدينتي سرت والجفرة، قد يصطدم مع أنباء سقوط مروحية تقل أربعة مقاتلين روس بالقرب من قاعدة الجفرة.