في تطور لافت، بدأت مليشيات عراقية معروفة بمناهضتها للوجود الأجنبي في العراق، منذ الجمعة الماضي، بتغيير مواقفها من الاستهداف المتكرر للبعثات الأجنبية، ولا سيما السفارة الأميركية. فبعد أن كانت تؤيد علناً، أو بشكل غير مباشر، الهجمات، رفضت خلال اليومين الماضيين استهداف البعثات الدبلوماسية، معتبرة أن ذلك لا يحقق المصلحة لأحد. وجاءت تلك المواقف بعد يوم واحد من تنديد وزارة الخارجية الإيرانية بالهجوم الذي استهدف سيارة دبلوماسية تتبع السفارة البريطانية في بغداد.
القيادي في مليشيات "عصائب أهل الحق"، المدعومة من طهران، جواد الطليباوي، اعتبر في تغريدة على "تويتر" أن استهداف البعثات الدبلوماسية أمر غير مقبول، مبيناً أن هذا الأمر يمسّ بهيبة الدولة.
وتابع: "قلنا مراراً وتكراراً إذا استجابت أميركا لقرار مجلس النواب العراقي بخروجها من أرض العراق المقدسة، فإن أي عمل عسكري ضدها سيكون بلا غطاء شرعي وبلا غطاء قانوني، والعكس صحيح".
— جواد الطليباوي (@Metaq7) September 18, 2020
وقال المتحدث العسكري باسم مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية، أبو علي العسكري، إن استهداف البعثات الدبلوماسية لا يشكل أي مصلحة ما دامت لم تشكل خطراً داهماً أو واضحاً يتفق عليه العقلاء، داعياً في تغريدة على موقع "تويتر" إلى "إبعاد المدن المقدسة عن أعمال العنف".
وطالب بخروج القوات العسكرية الموجودة في محيط السفارة الأميركية بالعاصمة بغداد، موضحاً أنها باتت تشكل خطراً على المدنيين في المناطق القريبة منها، فضلاً عن كونها تمثل "خرقاً واضحاً لسيادة البلاد"، بحسب قوله.
— أبو علي العسكري (@abualialaskary) September 18, 2020
واعتبر عضو البرلمان العراقي عن حركة "صادقون" (الجناح السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق) محمد البلداوي، أن الجهات التي تستهدف السفارات والبعثات الدبلوماسية تعمل من أجل تخريب علاقة العراق بدول العالم، مبيناً في تصريح صحافي أنها تسعى إلى إظهار العراق بموقف ضعيف أمام الجميع، من أجل إسقاط هيبة الدولة.
ولفت إلى أن السفارات والبعثات هي نافذة العراق للتواصل مع العالم، مطالباً حكومة مصطفى الكاظمي بتوفير الحماية لكل مَن يوجد على الأراضي العراقية بصفة قانونية.
كذلك رفض زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، في وقت سابق، عمليات استهداف المقرات الدبلوماسية العاملة في العراق، داعياً إلى اتباع السبل السياسية لإخراج الاحتلال،
ولفت الصدر في تغريدة على موقع "تويتر" إلى عدم وجود مصلحة في إدخال العراق في نفق مظلم، وفي أتون العنف، مضيفاً: "لا أجد من المصلحة استهداف المقرات الثقافية والدبلوماسية".
والخميس الماضي، ندّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده بأي هجمات تطاول الوفود والبعثات الدبلوماسية في العراق، داعياً الحكومة العراقية إلى توفير الحماية اللازمة لها، من خلال تشديد الحراسة للأماكن الدبلوماسية وتعزيزها وضمان سلاسة تنفيذ المهام الدبلوماسية في العراق.
وعزا مسؤول عراقي هذا التحول إلى الرفض الإيراني لتلك الهجمات، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، "أن الفصائل المسلحة التي تدور في فلك إيران تتلمس مواقفها وتتبناها مباشرةً، وبما أن الخارجية الإيرانية نددت، يجب أن ينددوا هم أيضاً"، وفقاً لقوله.
وكشف أن البريطانيين، بعد استهداف إحدى السيارات التابعة للسفارة البريطانية في بغداد الخميس الماضي عند مدخل المنطقة الخضراء، ألمحوا إلى أنها قد تتوجه نحو مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يدين تلك الهجمات وحثّ حكومة بغداد على التزام حماية البعثات العاملة في بغداد في حال تكرارها.
يشار إلى أن مليشيات عراقية تستهدف بشكل متكرر السفارة الأميركية في بغداد الموجودة داخل المنطقة الخضراء بصواريخ الكاتيوشا، كذلك انفجرت الأسبوع الماضي عبوة ناسفة على سيارات تابعة للسفارة البريطانية دون حدوث خسائر.