لماذا ولدت دعوة بايدن لتعديل الدستور "ميتة"؟

30 يوليو 2024
الرئيس بايدن خلال قمة لحلف الأطلسي في واشنطن، 11 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **دعوة بايدن لتعديل دستوري:** دعا الرئيس بايدن إلى تعديل دستوري لإنهاء الحصانة الرئاسية، لكن الجمهوريين رفضوا ذلك بشدة، معتبرينها اعتداء على استقلال القضاء.

- **صعوبة تحقيق التعديل:** يتطلب التعديل موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وثلاثة أرباع الولايات، مما يجعل تحقيقه صعباً في ظل الانقسام الحزبي.

- **تأثير المحكمة العليا:** المحكمة العليا تتألف من 6 قضاة محافظين و3 ليبراليين، مما يثير جدلاً حول تأثيرها على النظام السياسي.

مع دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إجراء تعديل دستوري لإنهاء الحصانة في الجرائم التي ارتكبها رؤساء سابقون أثناء توليهم مناصبهم، تطرح تساؤلات حول إمكانية إجراء التعديل وما هي فرصه؟ طلب بايدن في خطابه أمس بإجراء هذا التعديل يوصف بأنه "ولد ميتاً"، خاصة في ظل رفض الجمهوريين بالكامل للمساس بالمحكمة العليا وقضاتها، وإشادتهم بالأحكام الصادرة مؤخراً الذي منح الرؤساء حصانة دستورية على جرائم تم ارتكابها في فترة الرئاسة، ومنح الولايات القرار في ما يخص حق الإجهاض.

وعلق جمهوريون منتقدون تصريحات بايدن بخصوص التعديل الدستوري، ووصفه رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، بأنه "ميت عند وصوله". وقال السيناتور جون كورنين إن الرئيس بايدن يضع الثقل الكامل للحزب الديمقراطي "وراء الاعتداء على استقلال القضاء والنظام الدستوري". وقال السيناتور تشارز غراسلي إن "الديمقراطيين يقترحون إطاراً لتمزيق دستورنا وتحويله إلى أشلاء من خلال ما يطلقون عليه إصلاح المحكمة العليا لأنهم لا يحبون الأحكام الأخيرة".

وطبقاً للمادة الخامسة من الدستور الأميركي، يتطلب إجراء تعديل دستوري، في حال اقتراحه من الكونغرس، موافقة ثلثي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وموافقة ثلاثة أرباع الولايات الـ50، وهو ما يعني ضرورة موافقة غالبية الجمهوريين ليس فقط في الكونغرس، وإنما أيضاً في الولايات. أما في حال اقتراحه من الولايات فيعقد مؤتمر دستوري لهذا الغرض ويشترط موافقة ثلثي هذه الولايات، وثلاثة أرباع المجالس التشريعية بها، وهو الأمر المستحيل تحققه على هذا التعديل الدستوري الذي يقترحه بايدن.

رحلة أغرب تعديل

بالعودة إلى آخر التعديلات، في مايو/ أيار 1992، أعلن الكونغرس الأميركي، الموافقة على التعديل الـ27 من الدستور، بعد تصويت العدد المطلوب من الولايات لصالح ذلك، في رحلة هي الأغرب في تاريخ التعديلات الدستورية، فقد استغرق إقراره 202 عامين في سابقة نادرة لم تحدث من قبل.

وينص التعديل الـ27 الذي أقره الكونغرس 1789، على أنه "لن يسري أي قانون يغير تعويضات خدمات أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب حتى تتم انتخابات جديدة لمجلس النواب"، ولم يحدد التعديل بمدة زمنية للتصديق عليه من الولايات، وصدقت عليه 6 ولايات فقط في البداية ثم ولاية أخرى. وفي ثمانينيات القرن الماضي أجرى طالب يدعى غريغوري واتسون في جامعة تكساس بحثاً عن تعديلات دستورية لم يتم التصديق عليها، وكتب عن تعديل أعضاء الكونغرس، وجادل أنه لا يوجد حد زمني للتصديق عليه، ومن ثم يمكن اعتماده اليوم، وحصل على تقدير جيد من أساتذته، فلم يعجبه تقدير أساتذته لجهده، فقرر مخاطبة المشرعين في أميركا، تم تجاهله في البداية قبل أن يلاقي اقتراحه إعجاب أحد أعضاء الكونغرس. وتزامن ذلك مع حالة استنكار شعبي لأداء الكونغرس والرواتب والمزايا الإضافية، فتم إطلاق حملة شعبية لدفع الولايات إلى التصديق على التعديل وهو ما تم بالفعل في 1992.

ورغم إجراء الكونغرس الأميركي والولايات 10 تعديلات في القرن الماضي تعلق أحدها بحق النساء في التصويت، وكان التعديل قبل الأخير يخص حق تصويت من هم في سن الـ18 عاماً، فإن الحزبين لم يوافقا على أي تعديل في القرن الحالي رغم مرور نحو ربع قرن، خاصة في ظل اتساع هوة الانقسام بين مبادئ الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ورغم تحذيرات خبراء قانون، من أن عدم تغيير الدستور للتكيف مع الاحتياجات الحديثة، وحال أصبحت المحكمة العليا مسيسة وقوية للغاية، فإن ذلك ربما يؤدي إلى انهيار النظام السياسي.

وكان بايدن عقب توليه الرئاسة شكل لجنة لبحث زيادة عدد قضاة المحكمة العليا، غير أن المحكمة حذرت من التأثير السلبي لإجراء أي تعديلات، واقترحت تحديد مدة زمنية لتولي القضاة مناصبهم، وتضم المحكمة العليا 9 قضاة منذ 1869، ويملك الكونغرس سلطة تغيير العدد.

وتعد المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة، وهي المفسر النهائي للقوانين بما فيها الدستور، ويستمر قضاتها مدى الحياة في مناصبهم، ومنذ انتهاء فترة الرئيس الأسبق رونالد ريغان (1981-1989) لم يعين أي رئيس أميركي، حتى هؤلاء الذين أمضوا ولايتين رئاسيتين، أكثر من قاضيين، باستثناء الرئيس السابق دونالد ترامب الذي عين 3 قضاة في فترة واحدة، مما رفع عدد القضاة المحافظين إلى 6 قضاة مقابل 3 ليبراليين، أحدهم بسبب رفض مجلس الشيوخ، الذي كانت الأغلبية فيه للجمهوريين آنذاك، تعيين قاضٍ في العام الأخير من فترة باراك أوباما، معللين بأنه يجب الانتظار لحين انتخاب الرئيس الجديد، وفي العام الأخير من فترة ترامب توفي أحد القضاة، ولكن الجمهوريين قرروا أنهم لن ينتظروا لحين انتخاب الرئيس الجديد.

المساهمون