لماذا يرفض حلفاء نوري المالكي الانتخابات المبكرة في العراق؟

26 يونيو 2024
تظاهرات تدعو لانتخابات مبكرة، بغداد سبتمبر 2022 (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- العراق يشهد تحسناً في الاستقرار الأمني والخدمات، مما أثار مناقشات حول دعوة نوري المالكي لانتخابات مبكرة، لكن قيادات "الإطار التنسيقي" استبعدت الفكرة لاعتبارهم أن الحكومة الحالية تحقق تقدماً.
- سلام الزبيدي يؤكد أن فكرة الانتخابات المبكرة "ولدت ميتة" وتواجه رفضاً عاماً بسبب الاستقرار السياسي والحكومي ونجاح الحكومة في تقديم الخدمات.
- رغم دعوات المالكي لانتخابات مبكرة، لم يصدر "الإطار التنسيقي" وحكومة السوداني موقفاً رسمياً، مع تأكيدات من تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني على دعم استمرار الحكومة الحالية واستبعاد الانتخابات المبكرة.

فرض الاستقرار الأمني والتقدم في مجال الخدمات في العراق خلال العامين الماضي والحالي نفسه على طاولة نقاش الفاعلين السياسيين في البلاد حيال دعوة رئيس الوزراء الأسبق، القيادي في التحالف الحاكم نوري المالكي، بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، إذ أكد نواب وشخصيات سياسية أن حوارات الأيام الماضية أفضت إلى استبعاد فكرة الانتخابات المبكرة في العراق خلال هذا العام، وفقاً لما دعا إليه المالكي قبل أيام. هذا الرفض كان صادراً بالدرجة الأولى من قيادات وأطراف "الإطار التنسيقي"، وأبرزهم عمار الحكيم وحيدر العبادي وهادي العامري وقيس الخزعلي، معتبرين أن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني تتقدم في مجال الخدمات العامة بشكل جيد، وأن الاستقرار العام في البلاد لا يستدعي مثل هذه الخطوة.

رفض لفكرة الانتخابات المبكرة في العراق

وقال سلام الزبيدي، المتحدث باسم ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وهو أحد أطراف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، إن "فكرة الانتخابات المبكرة في العراق ليست مرفوضة فقط من قبل أطراف (الإطار التنسيقي) بل حتى من باقي الشركاء في القوى السياسية السنّية والكردية".

سلام الزبيدي: فكرة الانتخابات المبكرة ليست مطروحة إطلاقاً في اجتماعات الإطار التنسيقي ولا حتى ائتلاف إدارة الدولة

وقال الزبيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "طرح الفكرة من طرف سياسي يأتي ضمن الآراء الشخصية والسياسية لهذا الطرف، وهي لا تمثل بكل تأكيد توجّهات الإطار التنسيقي، الذي يتخذ قراراته بعد مناقشات وحوارات موسعة، وهذه الفكرة ليست مطروحة إطلاقاً في اجتماعات الإطار ولا حتى ائتلاف إدارة الدولة". ووصف الدعوة إلى الانتخابات المبكرة في العراق بأنها "فكرة وُلدت ميتة وتواجه رفضاً من قبل جميع القوى السياسية، كما لا توجد أي مبررات للذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة في ظل الاستقرار السياسي والحكومي، ونجاح الحكومة في تقديم الخدمات ومسيرة الإعمار، ودعم الحكومة الحالية من قبل كل الكتل والأحزاب، وهذا ما جعل الفكرة ميتة ومرفوضة سياسياً، وربما شعبياً أيضاً".

وكان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي قد دعا في الثامن من يونيو/ حزيران الحالي، إلى إجراء انتخابات بحلول نهاية العام الحالي، مؤكداً أن حكومة محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجها الانتخابي، مشدداً على ضرورة منع المسؤولين الحكوميين من المشاركة فيها إلا في حال استقالتهم من مناصبهم. ولم يصدر عن حكومة السوداني أي تعليق بقبول أو رفض دعوة المالكي لإجراء الانتخابات المبكرة في العراق كما أن "الإطار التنسيقي" لم يُصدر أي موقف رسمي إزاء الملف الذي جاء في توقيت مثير للجدل، ولا سيما أن السوداني يعمل على إنجاز مشاريع خدمية في البلاد ساهمت في تعزيز قاعدته الشعبية.

بدوره، قال المتحدث باسم تحالف السيادة، أكبر القوى العربية السياسية السنّية في البلاد، النائب خالد المفرجي، إن "حكومة السوداني تواصل برنامجاً واسعاً من تقديم الخدمات وإعادة تصحيح عامة في البلاد، ولا يوجد ما يستدعي إجراء انتخابات مبكرة حالياً". ورأى المفرجي في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه يتعيّن "على القوى السياسية كافة العمل على مساعدة الحكومة ودعمها من أجل إتمام بنود وفقرات البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء، ولا سيما المتعلقة بالجانب الحقوقي والإنساني في المناطق الشمالية والغربية المحررة من سيطرة تنظيم داعش".

خلافات داخل "الإطار التنسيقي"؟

وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنوداً كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، إلى جانب ملف النازحين والمدن التي تحتلها الفصائل الحليفة لإيران، وأبرزها جرف الصخر والعوجة، فضلاً عن تقديم تعويضات للمتضررين من الإرهاب، وقانون العفو العام. وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجب هذا البرنامج في أكتوبر/ تشرين الأول 2022. ويُعدّ مطلب الانتخابات المبكرة في العراق من أبرز مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل "الإطار التنسيقي"، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي (في أغسطس/ آب 2022).


مهدي عبد الكريم: الدعوة لانتخابات مبكرة من قبل أحد أطراف "الإطار التنسيقي" تدل على انقسامات داخل الإطار

واعتبر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الدعوة للتوجه نحو انتخابات برلمانية مبكرة من قبل أحد أطراف "الإطار التنسيقي" "تدل على خلافات وانقسامات داخل الإطار وأيضاً خلاف حول استمرار دعم السوداني وحكومته". وبيّن عبد الكريم أن "الانتخابات المبكرة في العراق غير واردة الآن. الكل مع استمرار حكومة السوداني إلى نهاية عمرها الدستوري في نهاية العام 2025، لكن هناك من يخشى من صعود شعبية السوداني ويكون قوة سياسية مؤثرة في القرار السياسي مستقبلاً، ولهذا هناك من يريد قطع الطريق عليه من الآن"، في إشارة إلى المالكي. وأضاف أن "إجراء أي انتخابات برلمانية يحتاج إلى حوارات بين كل الأطراف السياسية العراقية من دون أي استثناء، ولغاية الآن لا يوجد أي اتفاق على ذلك والموضوع لم يُطرح، بل المواقف الواضحة والمعلنة كلها رافضة للانتخابات المبكرة، والكل داعم لاستمرار حكومة السوداني".

من جهته، أكد السياسي العراقي حسن الجبوري أن "اجتماعات القوى السياسية الفاعلة في الفترة الأخيرة لم تؤيد فكرة الانتخابات المبكرة في العراق لانعدام أي مبررات لها". وبيّن الجبوري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "السوداني وحكومته مدعومون من قِبل كل قوى ائتلاف إدارة الدولة، كما أن هناك رضى شعبياً نوعاً ما بسبب بعض الإنجازات الخدمية والعمرانية، وهذا ما دعا إلى استبعاد فكرة الانتخابات المبكرة بعد تشكيل حكومة السوداني ومشاركة كل الأطراف السياسية العراقية من دون تهميش أي طرف سياسي، عدا التيار الصدري، الذي هو من اختار المقاطعة". وبحسب الجبوري، فإن "الفكرة لاقت رفضاً واضحاً من الأطراف السياسية، فلا مبررات ولا دوافع نحو انتخابات مبكرة، خصوصاً أن الانتخابات البرلمانية المقبلة لم يبقَ لها أكثر من سنة وأربعة أشهر كحد أقصى".