جدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الأحد، ترحيبه بمبادرة البعثة الأممية الخاصة بدعوة القادة الليبيين الخمسة الأساسيين لطاولة حوار سياسي جديدة.
وناقش الدبيبة، خلال لقاء مع سفراء إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا واليونان ومالطا وفنلندا ورومانيا والنمسا وهولندا والمجر والتشيك وبلغاريا لدى ليبيا، عدداً من القضايا السياسية وملف التعاون بين ليبيا ودول الاتحاد الأوروبي، وفقاً للمكتب الإعلامي للحكومة.
وفيما رجب الدبيبة، خلال كلمته في اللقاء، بعودة سفارات الاتحاد الأوروبي للعمل من ليبيا وتقديم خدماتها من خلال سفاراتها وقنصلياتها، تطرق خلال لقائه مع السفراء إلى الشأن السياسي الليبي.
وأفاد المكتب الإعلامي بأن الدبيبة ناقش مع السفراء "المبادرة المقدمة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا"، مؤكداً ترحيبه بهذه الدعوة "طالما أنها تأتي ضمن الجهود الدولية لإجراء الانتخابات وفق قوانين عادلة ونزيهة"، مؤكدًا أن "الشعب الليبي يرفض المراحل الانتقالية ويرغب في الاستقرار من خلال إجراء الانتخابات".
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي قد وجّه في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم دعوة لممثلي من وصفهم بـ"الخمسة الكبار"، وهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وقائد معسكر شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لتسمية ممثليهم لعقد اجتماع تحضيري "لتحديد موعد اجتماع رؤساء مؤسساتهم ومكان انعقاده وجدول أعماله والمسائل العالقة التي يجب حلّها لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الشروع في تنفيذ قانوني الانتخابات الصادرين عن مجلس النواب".
وقالت البعثة الأممية إن باتيلي "وجّه دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسة في ليبيا للمشاركة في اجتماع سيُعقد في الفترة المقبلة بغية التوصل إلى تسوية سياسية حول القضايا التي تشكل مثار الخلاف السياسي والمرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية".
وفي 28 من نوفمبر/ تشرين الثاني من نوفمبر المنصرم، أعلن الدبيبة عن قبوله دعوة باتيلي "للاتفاق حول الإشكاليات الكبرى، الموجودة في القوانين الانتخابية"، مبدياً استعداده "للتجاوب مع كل المقترحات بجدية، لتوسيع الثقة بالمهام الموكلة للحكومة في العملية الانتخابية"، مطالباً بأن "تركز كل النقاشات والحوارات، والتقاربات، للوصول إلى أساس قانوني دستوري متين، لضمان نجاح الانتخابات".
وقال إن "المسار السياسي في تحقيق الانتخابات قد تعطل، وأن القوة القاهرة التي عطلت انتخابات 2021، هي القوانين المعيبة، بدليل أنها إلى اليوم، لم تنجز بالشكل الصحيح الذي يمكننا من إجراء الانتخابات".
كما طالب بضرورة وقف "أي مسار جانبي هدفه التشويش على الهدف الأساسي وهو الانتخابات حتى يعترف الجميع بمخرجات الحوار المقبل ويدعمها"، معتبراً أن أي مسار جانبي "هدفه أن يؤدي الى مرحله انتقاليه جديدة هو مضيعه للوقت ومرفوض من الشعب الليبي الذي ينتظر نتائج مختلفة لا تكرار نفس التجربة الخطوات السابقة".
وجاء إعلان الدبيبة قبوله دعوة باتيلي بعد ساعات من إعلان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في 28 من نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، قبوله دعوة باتيلي شريطة استبعاد الدبيبة من المشاركة في الطاولة الخماسية.
وبرر صالح رفضه مشاركة الدبيبة بأن "مجلس النواب سحب الثقة من حكومته، وهو ليس طرفاً في العمل السياسي، بل رئيسا للوزراء كلف لفترة وانتهت ولاية حكومته، وأن الحكومة الشرعية هي المنبثقة من مجلس النواب، ورئيسها المكلف حالياً هو أسامة حماد".
وخلافاً لاشتراط الدبيبة تركيز الطاولة الخماسية نقاشها حول القوانين الانتخابية، أكد صالح أن "القوانين الانتخابية، نافذة ومقبولة، وحتى باتيلي أكد أنها صالحة لأن تكون أساساً لإجراء الانتخابات"، مشترطا أنه الذهاب للاجتماع الخماسي "على أن يكون جدول الأعمال تشكيل حكومة موحدة جديدة"، وقال "طالبت بأن يكون هذا الاجتماع مجدداً لغرض إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة مصغرة ومحددة، تنال ثقة مجلس النواب، ويزكى رئيسها من أعضاء مجلسي النواب والدولة".
وفيما لا يزال الجدل دائراً حول موضوع الطاولة الخماسية بين الدبيبة وصالح، لم يصدر حتى الآن أي موقف واضح من المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي وخليفة حفتر بشأن قبول الدعوة الأممية من عدمها.
وليل الجمعة الماضي أصدر ثمانية أعضاء من لجنة 6+6 المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لإعداد القوانين الانتخابية، بيانا دعوا فيه مجلسي النواب والدولة إلى الحوار والتوافق لقطع الطريق أمام المبادرة الأممية الخاصة بالاجتماع الخماسي بين القادة الليبيين الأساسيين.
واعتبر بيان أعضاء لجنة 6+6 أن المبادرة الأممية تهدف إلى "تكرار نموذج جنيف" في إشارة إلى اتفاق ملتقى الحوار السياسي السابق في جنيف السويسرية في فبراير/ شباط 2021 والذي نتج عنه تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، كسلطة تنفيذية للإشراف على إجراء الانتخابات نهاية العام 2021.
وأكد الأعضاء الموقعون على البيان أن القوانين الانتخابية تم "إنجازها بشكل توافقي وقانوني وبالتالي فإنه لا يحق لأي جهة دولية أن ترفض عملا يخضع للسيادة الليبية، ولا يحق لأي جهة محلية الاعتراض إلا عبر الطعن الدستوري أو بطلب للتعديل يقع النظر فيه وفق الإجراءات التشريعية"، مؤكدين أن النسخة التي أصدرها مجلس النواب مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي "هي أفضل الممكن، وقد لاقت ترحيباً شعبياً كبيراً وقبولاً واسعاً من كل الأحزاب والقوى الوطنية".
وحذر الأعضاء من إعادة فتح القوانين الانتخابية أمام أي محاولة للتعديل عليها، مشيراً إلى أن "إعادة فتحها ليس له هدف منها إلا هدم التوافق الذي حصل وإيقاف مسيرة الانتخابات والعودة مجدداً إلى المربع الأول".
وبعد إصدار لجنة 6+6 نسخة من القوانين الانتخابية في بوزنيقة المغربية مطلع يونيو/ حزيران الماضي، طالب مجلس النواب والبعثة الأممية إجراء تعديلات عليها لتكون قابلة للتنفيذ، قبل أن تجري اللجنة التعديلات المطلوبة التي أصدرها مجلس النواب مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
في غضون ذلك، أعلن المجلس الأعلى للدولة تمسكه بالنسخة الأولى التي صدرت في يونيو/ حزيران الماضي، رافضاً إجراء أي تعديلات على نصوص القوانين الانتخابية باعتبارها "إلزامية ونهائية" بحسب نصوص التعديل الدستوري الذي تشكلت بموجبه لجنة 6+6.