رجحت مصادر ليبية تأجيل لقاء رئيسي مجلسي النواب والدولة؛ عقيلة صالح وخالد المشري، الذي كان مرتقباً عقده، غداً الأحد، في مدينة الزنتان، أقصى غربي البلاد.
وأكدت المصادر أن التأجيل على علاقة بخلافات بين قوى في المدينة، بعد أن رفض بعضها أن تستضيف المدينة اللقاء، وأن مسؤولي بلدية الزنتان أبلغو المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، الذي يشرف على اللقاء بين الرئيسين، أن مطار المدينة سيكون جاهزاً لاستقبال الرئيسين نهاية الأسبوع الجاري.
وفي الأثناء، تجرى عدة وساطات اجتماعية لإقناع القوى المحلية في الزنتان بالأهمية السياسية للقاء، وبالتالي أهمية استضافته.
ودعا خمسون عضواً من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في بيان مشترك، اليوم السبت، إلى أن يكون ترتيب التفاوض في الملفات العالقة هو الأساس الذي تنطلق منه المفاوضات مع مجلس النواب، وكذلك عرض ما سيجرى التفاوض عليه على أعضاء مجلس الدولة للتصويت عليه قبل بدء عملية التفاوض.
وفيما أشار البيان إلى أولوية الأساس الدستوري للانتخابات، طالب الموقعون بضرورة توضيح ذلك، إما على أساس مسودة الدستور، أوعلى أساس قاعدة دستورية، بالإضافة لضرورة توافق مجلسي الدولة والنواب على قانون انتخابي وموعد محدد للانتخابات.
وفي شأن الحكومة، شدد البيان على ضرورة توافق مجلس الدولة مع مجلس النواب على "مجلس رئاسي وحكومة تكنوقراط"، بعدد محدد، وبرنامج واضح يفضي إلى انتخابات عامة في البلاد.
وكان من الفترض أن يأتي لقاء صالح والمشري بعد سلسلة لقاءات جرت بينهما على مدار الأيام الماضية في القاهرة، برعاية الأمم المتحدة.
وبدأ صالح والمشري لقاءات في القاهرة منذ الإثنين الماضي، وفقاً لتأكيد عضو مجلس النواب وعضو اللجنة الدستورية المشتركة الهادي الصغير، الذي كشف لـ"العربي الجديد" عن المحاور الثلاثة الرئيسية للقاءات، وهي "المناصب السيادية، وتوحيد شامل للسلطة التنفيذية، وملف القاعدة الدستورية"، مرجحاً احتمالية أن "تسير المفاوضات نحو تشكيل حكومة جديدة".
ولم تعلن القاهرة عن استضافتها اللقاء بشكل رسمي، فيما لم يعلن صالح والمشري عن نتائجه.
وكانت مصادر مقربة من المجلسين كشفت لـ"العربي الجديد" عن نيتهما اللقاء، غداً الأحد، في مدينة الزنتان، أقصى غربي البلاد، للمضي في إتمام النقاش في الملفات الثلاثة، قبل ورود أنباء ترجح تأجيله.
وأشارت المصادر إلى أن بعض القوى في الزنتان، المؤيدة لحكومة الوحدة الوطنية، ترفض استضافة اللقاء في المدينة، الذي كان من المنتظر أن يعلن انطلاق مسار توحيد السلطة التنفيذية في ليبيا، وبدء العمل على تعيين شاغلين جدد للمناصب السيادية، بالإضافة لدعوة اللجنة الدستورية المشتركة من المجلسين لمواصلة اجتماعاتها بشأن الإطار الدستوري للانتخابات، لا سيما مع إشارة المصادر إلى تقارب كبير بين الرئيسين حول تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة مصغرة مكونة من عناصر التكنوقراط المهنيين، لقيادة البلاد نحو الانتخابات في مدة محددة لا تزيد عن ستة أشهر.
وكان صالح والمشري اتفقا خلال لقاءاتهما السابقة على ضرورة أن يزكي المجلسان الحكومة الجديدة ويمنحاها الثقة في جلسة متزامنة للمجلسين، ولفتت المصادر إلى وجود اختلاف في وجهات نظر الرئيسين حتى الآن حول شكل الحكومة، ومنها أن تكون مؤلفة من شخصيات محدودة من كلا الحكومتين الحاليتين، حكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من مجلس النواب، أو أن تكون قيادات هذه الحكومة من خارج الحكومتين.
كما كان من المنتظر أن يجرى اللقاء برعاية المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أنّ باتيلي ناقش مع صالح والمشري إطلاق مسار تفاوضي سياسي جديد على غرار ملتقى الحوار السياسي، هدفه مساعدة المجلسين على إرساء معالم واضحة ونهائية للقاعدة الدستورية للانتخابات.
وكان الدبيبة أكد لباتيلي، أثناء لقائه به في تونس الخميس الماضي، ضرورة "عقد اللقاءات السياسية كافة داخل ليبيا بين كل الأطراف"، وقال المكتب الإعلامي للدبيبة إنه أكد للمبعوث الأممي دعمه "أي لقاءات سياسية داخل ليبيا، بشرط أن يكون هدفها دعم خيار الشعب وهو إجراء الانتخابات"، مؤكداً للمبعوث الأممي "جاهزية الحكومة التامة لإجراء الاستحقاق الانتخابي".
وقال أستاذ العلوم السياسية بالأكاديمية الليبية الدوكالي الهاين، لـ"العربي الجديد"، إن "الحديث بمنطق الاقتصاد والمال مجدٍ في عالم السياسة، لكن وضع الدبيبة يختلف، فهذا المنطق سبق أن تحدث به مع القاهرة ووقع معها شراكات اقتصادية كبيرة، لكنها ترفضه اليوم"، مشيراً إلى أن تونس قد تتجاوب مع مساعي الدبيبة "لكنها لن تقف في وجه أي تغيير سياسي في ليبيا إذا حدث، فهي تتعامل مع الموجود والواقع فقط".
وتابع الهاين: "هدف لقاء عقيلة والمشري في الزنتان هو لقاء قائد مليشياتها القوي اللواء أسامة الجويلي، وإعطاء ثقل لموقعه كونه يعارض الدبيبة، لكنها خطوة لن تتعدى يوم اللقاء، فعلاوة على أن جهود عقيلة والمشري يجب أن تشمل قوى أخرى لحشد الدعم، مثل مصراتة المنقسمة بين الدبيبة وباشاغا، كذلك الزنتان تشهد انقساماً حول الجويلي، كما أن المشري الذي ينحدر من الزاوية، وهي مدينة قوية أيضاً، لن يستطيع ضمان ولاءات كل الأطياف فيها".
ووفقاً لرأي الهاين، فإن كل هذه الجهود "لن ينجح منها سوى إطلاق لجنة حوار سياسي جديدة يمكنها فرض واقع سياسي جديد، كالواقع الذي فرضه ملتقى الحوار السياسي السابق"، وقال: "أعتقد أن المختلف في اللجنة الجديدة والذي سيدفع دولاً إقليمية ودولية للقبول بها هو سعي باتيلي لإشراك القادة العسكريين في أي حوار مقبل، فمنذ أن بدأ عمله في ليبيا، كثف من لقاءاته مع قادة الأطراف المسلحة الكبرى، لتكون أي عملية حوارية أكثر ضماناً لتحقيق أي نتائج على أرض الواقع".
وفي حين لم يبد المجلس الرئاسي أي موقف معلن حيال ما يدور في كواليس المشهد الليبي، وصف مستشار رئيس المجلس الرئاسي في طرابلس لشؤون الانتخابات، زياد دغيم، محاولات إطلاق حوار دستوري بين مجلسي النواب والدولة بأنه "التفاف مباشر على خريطة الطريق وقرار مجلس الأمن".
وفي رد ضمني على مساعي صالح والمشري لاستبعاد المجلس الرئاسي، قال دغيم في تصريحات لتلفزيون ليبيا الأحرار، الجمعة، إن "اختصاص المسار الدستوري انتقل بموجب خريطة الطريق من المجلسين إلى المؤسسات الرئاسية الثلاث، وهي المجلس الرئاسي ومجلسي الدولة والنواب، أو لملتقى الحوار السياسي".
التعيينات
وفي ملف التعيينات، نجح مجلس النواب في عزل نائب محافظ البنك المركزي، علي الحبري، من منصبه، وتكليف مرعي البرعصي بديلاً عنه في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتواجه جهود المجلسين في ملف المناصب السيادية عدة عراقيل، منها تقارب أبرز رؤساء المناصب السيادية مع الدبيبة في مواقفه الرافضة التفاهمات التي تجرى بين صالح والمشري.
وفي وقت سابق، اتفق المجلسان على تعيين عبد الله أبو رزيزة رئيساً للمحكمة العليا، والصديق الصور رئيساً لمكتب النائب العام، وبقيت مناصب البنك المركزي، والمفوضية العليا للانتخابات، وديوان المحاسبة، والرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد، شاغرة.