أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الثلاثاء، اتفاق رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مع أعيان منطقة "سوق الجمعة" بطرابلس على وقف إطلاق النار بتسليم آمر اللواء 444 محمود حمزة إلى جهة محايدة.
جاء ذلك في تصريح أدلى به الناطق باسم الحكومة محمد حمودة لـ"الاناضول"، الذي قال إنّ الدبيبة "اتفق مع أعيان سوق الجمعة بوقف الاشتباكات وتسليم آمر اللواء 444 محمود حمزة إلى جهة أمنية محايدة" دون إضافة تفاصيل.
وأكد وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة الدبيبة، وليد اللافي، إنه "تم تسليم آمر اللواء 444 إلى جهة محايدة"، دون أن يذكرها.
وكانت اشتباكات مسلحة بين فصيلي "اللواء 444 قتال" وجهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة، قد اندلعت بالعاصمة الليبية طرابلس، منذ مساء الاثنين، على خلفية اعتقال جهاز الردع آمر "اللواء 444 قتال" العقيد محمود حمزة.
وتوسعت دائرة الاشتباكات، اليوم الثلاثاء، لتضم محيط المركز الطبي، أكبر مستشفيات العاصمة، ومقر جامعة طرابلس المتاخم للمركز الطبي.
وأفاد مصدر طبي تابع لوزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية، بوقوع أربع ضحايا بين مدنيين وعسكريين، بالإضافة لارتفاع أعداد الجرحى إلى 30 جريحاً على الأقل.
وقال أحد المصادر المطلعة، أن رئيس أركان الجيش التابع للحكومة، الفريق محمد الحداد كان يُعد للتفاوض لحلّ الأزمة.
وأوضح المصدر ذاته أن الحداد كان قد دعا قادة جميع المجاميع المسلحة في طرابلس لاجتماع في أحد المقرات العسكرية بحي الأندلس بالعاصمة، من أجل مناقشة الوضع الحالي، ونقل المصدر مشاعر استياء بالغة لدى قادة المجاميع المسلحة إزاء موقف قائد جهاز الردع المتشدّد.
إلى ذلك، كشفت مصادر متطابقة مقربة من المجلس الرئاسي ومديرية أمن طرابلس، أن المجلس الرئاسي تدخل بهدف "رأب الصدع الحاصل بين أكبر فصائل العاصمة طرابلس، ولإنهاء حالة التصعيد العسكري".
وتطابقت معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، بأن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، كان قد أصدر أمراً بإحالة آمر "اللواء 444 قتال"، العقيد محمود حمزة، إلى المدعي العسكري، لبدء التحقيق معه حول قضايا تتعلق به، وشبه فساد موجهة له.
وفي التفاصيل، أوضحت معلومات المصادر أن جهود المنفي طرحت خياراً مفاده أن يتسلم رئيس الأركان الفريق محمد الحداد، العقيد محمود حمزة، وينقله إلى أحد المقرات التابعة لرئاسة الأركان داخل قاعدة معيتيقة، ليتمكن مكتب المدعي العسكري من إجراء تحقيقاته معه.
وأشارت معلومات المصادر إلى أن مقترح المنفي كان يأتي كمحاولة لتلبية مطالب الطرفين، حيث كان قائد جهاز الردع الملازم عبد الرؤوف كاره، يرفض تسليم العقيد محمود حمزة خارج قاعدة معيتيقة، لكنه في الوقت ذاته سيخرج العقيد حمزة من قبضة جهاز الردع.
وفي الوقت الذي أكد فيه الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ الحكومي أسامة علي، لـ"العربي الجديد"، استمرار الجهاز في محاولات الوصول إلى العائلات العالقة في مناطق الاشتباك من أجل إجلائها، أصدر وزير الصحة بحكومة الوحدة الوطنية رمضان أبو جناح، بياناً طالب فيه بوقف الاشتباكات لمدة ساعتين من أجل تمكن فرق الإنقاذ من إخراج العائلات العالقة.
وأشار أبو جناح في بيانه إلى تعرض رجال الإنقاذ وسيارات الإسعاف إلى إطلاق نار، وقال إن هذا "يُعد خرقاً واضحاً لأحكام القانون الدولي الإنساني، ويحول دون إنقاذ أرواح المواطنين".
من جانبهما، كان مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة قد أدانا، في بيانين منفصلين، أعمال العنف المندلعة في العاصمة، وما يتعرض له المدنيون وممتلكاتهم من خطر.
وتوافق المجلسان في دعوة أطراف القتال إلى وقف الاشتباكات، والاحتكام للغة الحوار والتهدئة، وفتح ممرات آمنة تضمن سلامة المواطنين.
وانفرد بيان مجلس النواب بتحميل مسؤولية التصعيد "وحالة الفوضى وعدم الاستقرار في العاصمة" لرئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، قائلاً إنّ المجلس يُحمل "رئيس الحكومة منزوعة الصلاحية، والمشاركين في الأعمال القتالية وجرائم الخطف، مسؤولية جرائم الخطف، وحالة الفوضى وانعدام الاستقرار في طرابلس".
إلى ذلك، دعا المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، جميع الأطراف إلى ضرورة "إيلاء الأولوية القصوى لحماية المدنيين"، معبراً عن قلقه "العميق إزاء التطورات الأمنية الجارية في العاصمة طرابلس".
وشارك باتيلي، عبر حسابه، بيان للبعثة الأممية، كانت قد حذرت فيه من التأثيرات الوخيمة على المدنيين، جراء الأحداث والتطورات الأمنية التي تشهدها طرابلس.
ودعت البعثة في بيانها الذي شاركه باتيلي، جميع الأطراف إلى "الوقف الفوري للتصعيد، ووضع حد للاشتباكات المسلحة المستمرة"، كما حثّت الأطراف المسلحة على "الحفاظ على المكاسب الأمنية التي تحققت في السنوات الأخيرة، ومعالجة الخلافات من خلال الحوار".
وفي سياق المتابعة الدولية للأحداث في طرابلس، عبرت بعثة الولايات المتحدة الأميركية لدى ليبيا عن "قلقها البالغ" إزاء أعمال العنف في العاصمة، وطالبت بضرورة التراجع الفوري عن التصعيد الحالي، من أجل الحفاظ على المكاسب الليبية الأخيرة نحو الاستقرار والانتخابات.
كما عبرت السفارة البريطانية لدى ليبيا عن قلقها حيال "رؤية اشتباكات عنيفة في طرابلس"، ودعت جميع الأطراف إلى "حماية أرواح المدنيين".