نفت الحكومة المكلفة من مجلس النواب في ليبيا قيامها بغلق فروع المفوضية العليا للانتخابات، في ردّ على اتهامها من قبل المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، بغلق 11 فرع انتخابات في مناطق سيطرتها، وطالبت الأمم المتحدة بـ"إبعاد" باتيلي واستبداله.
وكان باتيلي قد تحدث، خلال إحاطة قدمها إلى مجلس الأمن مساء أمس الخميس، عن توجيه حكومة مجلس النواب بتعليق أعمال 11 فرعاً تابعاً للمفوضية العليا للانتخابات في مناطق سيطرتها وإغلاق مقارها، متهماً الحكومة بالتدخل في أعمال مفوضية الانتخابات.
وفيما اعتبر باتيلي، خلال حديثه، أن إجراء الحكومة "تدخل غير مقبول"، دعاها إلى "رفع الحظر المفروض" على نشاط ومكاتب المفوضية العليا للانتخابات، متوجهاً لحكومتي البلاد، حكومة مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية، باعتماد الميزانيات اللازمة للمفوضية كي تتمكن من إجراء الانتخابات المحلية البلدية.
لكن رئيس حكومة مجلس النواب أسامة حماد، نفى حديث باتيلي، مؤكداً أن ذلك "لم يحدث بشكل رسمي أو غير رسمي"، وأن المكاتب التابعة للمفوضية لا زالت "موجودة على رأس عملها".
وفي خطاب وجهه حماد إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وأعضاء مجلس الأمن، ونشره مكتبه الإعلامي، أشار حماد إلى كتاب سابق موجه من مفوضية الانتخابات إلى مجلس النواب للاستفسار حول مزاعم غلق مكاتب المفوضية، مشيراً إلى أن مجلس النواب والحكومة وجها جهاز الأمن الداخلي للرد على كتاب المفوضية، وأن جهاز الأمن الداخلي نفى "الشائعات" التي تتحدث عن غلق مكاتب المفوضية، بل وأكد الاستعداد لتوفير المناخ الأمني المناسب لدعم نجاح العملية الانتخابية.
وفيما أكد حماد أن حكومته خصصت ما يفوق ثمانية ملايين دينار لإجراء انتخاب 14 مجلساً محلياً للبلديات الواقعة في مناطق نفوذها، اتهم باتيلي بـ"الانحياز"، وأن معلوماته استقاها من حكومة الوحدة الوطنية التي وصفها بـ"منتهية الولاية".
وطالب حماد الأمين العام للأمم المتحدة بإبعاده عن المشهد الليبي، واختيار شخصية أخرى تخلفه تركز على "حل الانسداد السياسي وليس مصالحه الشخصية أو التشبث بآرائه الخاصة، والتي لا تعكس إرادة هيئة الأمم المتحدة في تيسير وتسيير الحوار في ليبيا ولم شمل الليبيين".
واستدل حماد في معرض حديثه على انحياز باتيلي، بأنه سعى لإقصاء حكومة مجلس النواب من الحوار الخماسي الذي دعت إليه البعثة الأممية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأكد أن هذا الإقصاء هو ما حدا بـ"رئيس مجلس النواب والقيادة العامة لرفض المشاركة في أي حوار لا يعترف بمخرجات مجلس النواب، السلطة الشرعية والتشريعية الوحيدة والمنتخبة من كل أفراد الشعب الليبي".
وجاء حديث باتيلي عن غلق حكومة مجلس النواب مكاتب مفوضية الانتخابات في سياق رصده للوضع السياسي وتأثيره على أعمال مفوضية الانتخابات في إنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ نهاية العام 2021، وحثه قادة الأطراف الليبية على ضرورة الانخراط في مبادرة اللقاء الخماسي التي سبق ودعت إليها البعثة الأممية.
وخلال إحاطته، أكد باتيلي استمرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، في تمسكهما بشروطهما للانضمام للقاء الخماسي الذي دعت إليه البعثة الأممية، مشيراً إلى أن صالح اشترط مشاركة حماد في اللقاء الخماسي، إذا شارك رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
وعن حفتر، أكد باتيلي أنه اقترح مشاركة الحكومتين أو إقصاءهما معاً، مشيراً إلى أن الدبيبة أكد له أنه "لن يتخلى على منصبه إلا بإجراء الانتخابات".
وخلص باتيلي إلى أن قادة الأطراف الرئيسية في ليبيا غير مستعدة لتسوية الأمور الخلافية التي تحول دون إجراء الانتخابات، مشيراً إلى تمسك كل طرف بشروطه للمشاركة في اللقاء الخماسي.
وأكد باتيلي أن التقدم نحو إجراء الانتخابات "يقتضي تسوية كل المشاكل التي تعوق الانتخابات"، مشدداً على ضرورة مشاركة القادة الخمسة في الحوار المقترح من البعثة الأممية دون شروط، وضمن جدول زمني واضح يؤدي إلى الانتخابات.
وفي نوفمبر الماضي، دعت البعثة الأممية القادة الأساسيين الخمسة، وهم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة لقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، إلى تسمية ممثليهم للمشاركة في اجتماع تحضيري لتحديد "موعد اجتماع قادة مؤسساتهم، ومكان انعقاده، وجدول أعماله، وتحديد المسائل العالقة التي يتوجب حلها لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الشروع في تنفيذ قانوني الانتخابات الصادرين عن مجلس النواب".