ليبيا: حوار جديد بين مجلسي النواب والدولة... بحث حلّ أم سبيل جديد للمماطلة للبقاء في السلطة؟
يستعدّ المجلس الأعلى للدولة لعقد جلسة، اليوم الخميس، لتشكيل لجنة نظيرة للجنة إعداد خارطة الطريق المنبثقة عن مجلس النواب، لمواصلة مشاوراتهما حول شكل المرحلة المقبلة، فيما رجحت مصادر أن يترأس الجلسة رئيس المجلس خالد المشري، بعد عودته من المغرب، في وقت يشكك فيه مراقبون في جدوى استئناف المجلسين حوارهما، والهدف من التقارب الجديد بينهما.
وشكّل مجلس النواب، في 23 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لجنة نيابية مكونة من 10 نواب، للتواصل مع كافة الأطراف في البلاد، لوضع تصوّر سياسي لخارطة الطريق للمرحلة المقبلة، بعد إعلان مفوضية الانتخابات عدم قدرتها على إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر الماضي.
وعرضت اللجنة النيابية على رؤساء اللجان الدائمة في المجلس الأعلى للدولة، خلال أول لقاء بينهما الأحد الماضي، "مهامها وهدفها وآليات عملها"، وفق بيان للجنة النيابية، واتفقا على أن يتركز العمل في المرحلة الحالية "على المسار الدستوري بالتشاور مع جميع الأطراف الليبية".
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة السنوسي محمد، إن مجلس الدولة سيشكل، خلال جلسة سيعقدها اليوم بمقره في طرابلس، لجنة نظيرة للجنة النيابية المكلفة بإعداد خارطة الطريق.
وفيما أشار محمد في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن الخطوة تأتي تجاوباً مع مساعي مجلس النواب للتقارب من أجل حلحلة الانسداد الحاصل في المشهد الليبي، كشفت مصادر مقربة من رئاسة مجلس الدولة النقاب عن إمكانية ترؤس جلسة اليوم من قبل المشري بعد عودته من رحلته إلى المغرب والتي دامت لأيام، مؤكدة لقاءه هناك مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
وأفادت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، بوجود مطالب من عدد من أعضاء مجلس الدولة، تتعلق بضرورة اطلاعهم على مجريات لقاء المشري بصالح في المغرب، مرجحة أن يتجاوب مع تلك المطالب خلال جلسة اليوم، ويكشف عن جانب من مضمون محادثاته معه.
وطيلة الأسبوع الجاري، لفّ الغموض موعد ومضمون اللقاء الذي جمع بين المشري وصالح في المغرب، في وقت لم يصدر عن اللقاء أي بيان، كما لم يعلن المغرب بشكل رسمي عن استضافته للقاء، لكن المشري تحدث في عدة تصريحات سابقة عن عزمه لقاء صالح لـ"الوصول إلى حلّ حقيقي" للأزمة في البلاد، بما فيه مناقشة الأساس الدستوري للانتخابات.
وبحسب قراءته للمستجدات، يرى الناشط السياسي الليبي مالك هراسة أن لقاء المشري وعقيلة صالح تمهيد لفترة انتقالية جديدة، يتم خلالها إطلاق حوار جديد بين المجلسين، بهدف إضاعة الوقت. وقال متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إن "قادة المجلسين يبحثان في كيفية الاستفادة من الوضع الحالي كفرصة للبقاء في المشهد، فقبيل انتهاء عمر خارطة الطريق، سيعلنان عن رؤيتهما لفرضها وتحويلها إلى واقع، كما فعل مجلس النواب في الفترة الماضية عندما أصدر القوانين الانتخابية قبل موعد الانتخابات بشهر فقط، ما جعله أمراً واقعاً وقبل به الجميع"، معتبراً أن المجلسين، رغم تاريخ الخلاف السياسي الظاهر بينهما، إلا أنهما متفقان على ضرورة خلق عراقيل وتعقيدات في كل مرحلة بهدف البقاء في المشهد.
ويلفت هراسة الى أن عدد اللقاءات التي حدثت بين المجلسين طيلة السبع سنوات الماضية فاق العشرة لقاءات، وتمت خلالها حوارات لم تنتهِ إلى شيء، وتساءل "الآن يطرح الدستور ضمن مقترحات الحل للفترة المقبلة، وليكون أساساً دستورياً للانتخابات المقبلة، على الرغم من أن الدستور أمام المجلسين منذ عام 2017 ينتظر الاستفتاء فقط، فما الجديد الآن ليتذكراه؟"، معتبراً أن الحديث عن الدستور يأتي كمحطة من محطات المماطلة فقط.
ويدلّل هراسة على ذلك بأن مجلس النواب شكّل لجنة لإعداد خارطة طريق ولم يشكلها للحوار، ما يعني، بحسب رأيه، أن مجلس النواب لا يزال مصراً على التفرد بالقرارات، وأن تقاربه مع مجلس الدولة مجرد حديث إعلامي فقط، قائلاً: "إذا كان المشري وصالح جادين في التقارب، فلماذا كل هذا الغموض حول لقائهما في المغرب؟".
ويذكّر هراسة بأن آليات التفاهم السياسي مبينة في الاتفاق السياسي ويمكن البناء عليها، وأيضاً هناك خطوات شبه نهائية بين لجان المجلسين في المسار الدستوري في اجتماعات الغردقة المصرية، انتهت على الاستفتاء على الدستور ويمكن مواصلتها، ولذا فهو يتساءل "لماذا مسارات حوارات جديدة إذا كانت النية صادقة لدى قادة المجلسين؟"، معتبراً أن كل ما يجري هو تجاوب من عقيلة صالح، بعد أن خسر الرهان على الانتخابات بالقوانين التي فصّلت على مقاسه وحلفائه، لدعوات التقارب مع مجلس الدولة للإعداد لصفقة سياسية جديدة تبقي المجلسين في السلطة.
وهي آراء قريبة من قراءة الباحثة السياسية الليبية مروة الفاخري أيضاً، لكنها ترى أن المجلسين لم تعد لديهما القوة السياسية الكافية لفرض نفسيهما لمراحل أخرى، قائلة: "أعتقد أن الزخم حول الانتخابات داخلياً وخارجياً لضرورة عقدها سيقطع الطريق أمام أي صفقة سياسية جديدة"، مشيرة في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن تجديد المواعيد الجديدة للانتخابات هي الورقة الوحيدة بيد مجلسي النواب والدولة، ويمكن تجاوزهما من خلال إعادة تفعيل ملتقى الحوار السياسي.
لكنها ترى أيضاً أن أوراق الضغط على المجلسين للقبول بأي مقترح يفضي لانتخابات قريبة "كثيرة، ومنها التهديد بالمضي في إجراء انتخابات برلمانية تفرز مجلساً تشريعياً جديداً، باعتبار أن الخلاف منحصر في إجراء الانتخابات الرئاسية فقط".
وفي ذات الوقت، ترى الفاخري أن تقارب المجلسين مهمّ في هذه المرحلة، مذكرة بأنّ المجلسين لديهما القدرة على العبث بالوضع الأمني المهم لإجراء الانتخابات، فـ"كلاهما له ارتباط بالمجموعات المسلّحة على الأرض، ولذا يجب الترحيب باللقاءات بينهما، لكن بتحديد فترات زمنية محددة لها، وتأكيد أن هدفها فقط الانتخابات".