لا يزال إقرار حكومة "الوفاق الوطني" في ليبيا يواجه تعقيدات كبيرة، فيما بدأت تتصاعد تحذيرات من مغبة إرسال قوات أجنبية إلى تلك البلاد بذريعة محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ودفع استمرار التعقيدات في وجه حكومة "الوفاق الوطني"، التي سقطت في امتحان الحصول على تأييد برلمان طبرق، بفرقاء ليبيين إلى العودة إلى مدينة الصخيرات المغربية من أجل استئناف المفاوضات حول التشكيلة الحكومية. وبحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن ممثلين عن برلمان طبرق إضافة إلى بعض الممثلين عن "حكومة الوفاق"، يتواجدون في المغرب لاستئناف المفاوضات من جديد لإعادة دفع الحكومة.
وبحسب المصادر، فإن اجتماع المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" في الصخيرات، يبحث تشكيل حكومة توافق مصغرة غير تلك التي رفضها مجلس نواب طبرق خلال الأسبوع الماضي، إذ ستجري مناقشة لمجموعة من الأسماء التي يتم تقديمها من طرفي الحوار قبل انتهاء المُهلة التي أعلنها البرلمان. وكان مجلس النواب طبرق رفض التشكيلة الحكومية المقدمة، وطالب بإعادة تشكيلها خلال 10 أيام وعرضها على البرلمان للتصويت عليها، مما اعتبره متابعون "ضربة قوية" للجهود الأممية التي تدفع باتجاه تشكيل هذه الحكومة.
في السياق نفسه، يتمسك المؤتمر الوطني العام الليبي برفض لاتفاق الصخيرات الذي أقر حكومة "الوفاق الوطني". وفي السياق قرر المؤتمر إقالة أعضاء منه وقّعوا على هذا الاتفاق "من دون تخويل ومن دون تكليف من المؤتمر"، كما أعلن، مشدداً على أن هذا الاتفاق "باطل".
اقرأ أيضاً: وصول الفرقاء الليبيين إلى المغرب لمناقشة تشكيلة الحكومة
وألمح نائب رئيس المؤتمر الوطني العام، عوض عبد الصادق، في مؤتمر صحافي، إلى إمكانية طرح مسار جديد للحوار الليبي والتجاوب معه بقوله إن رئيس المؤتمر، نوري بوسهمين، أطلع الأعضاء على وجود بعض التواصل من بعض الدول المختلفة التي ترى بأن اتفاق الصخيرات اصطدم بعدم قبول الكثير من الأطراف الليبية وكذلك مختلف أطياف الشعب، قبل أن يضيف "هذه الأمور كلها ربما دعت بعض الدول الكبرى من أجل مناقشة الأزمة السياسية في ليبيا والتوجه نحو خيار آخر للحل السياسي".
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية أمس الأربعاء، أن هناك بحثاً جدياً في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية لتشكيل قوة متعددة الجنسيات قوامها ستة آلاف مقاتل، يمكنها تقديم الدعم لتشكيل حكومة "وحدة وطنية ليبية" وتساعد في القضاء على تهديد "داعش". وتأتي التسريبات الجديدة بعدما حاول وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس التقليل من الأنباء عن المساعي للتدخّل العسكري، نافياً على هامش مؤتمر روما الثلاثاء، وجود "أي نية لفرنسا بالتدخل عسكرياً في ليبيا"، ومشيراً إلى أن "مجموعة صغيرة تمارس ضغوطاً في هذا الاتجاه، لكنه ليس موقف الحكومة".
ولفت الكاتب كون كوغلن، في مقال نشرته "تلغراف"، إلى أن القوة العسكرية المتعددة الجنسيات، ستشمل ما يقارب من ألف بريطاني، لكنه حذر من توابع إرسال قوات حفظ سلام متعددة الجنسيات إلى ليبيا، على حد وصفه، "لأنها سوف تكون هدفاً لتنظيم داعش وغيره من الجهاديين"، كما قال. وانتقد الكاتب عدم وجود رؤية لما بعد سقوط العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، ما أدى إلى الفوضى في ليبيا، مشيراً إلى أن "غياب أي تخطيط جدي لما بعد الصراع، وهو ما بدا مألوفاً، ورفض بريطانيا وحلفائها نشر قوات برية، أدى إلى انزلاق البلاد بسرعة إلى الفوضى". واعتبر كوغلن أن "النتيجة هي أن ساحل البلاد البالغ طوله 1200 ميل يشكّل اليوم ملجأ آمناً لمقاتلي داعش"، مشيراً إلى أنه "مع تنبّه السياسيين الغربيين أخيراً إلى الفوضى التي تسببوا فيها في ليبيا، فإن إصلاح الوضع لن يكون سهلاً". ونصح كوغلن بأنه في حال "هناك إجراءات واجب اتخاذها في ليبيا، فيجب أن تكون على أساس فهم عقلاني لكل المخاطر التي تنطوي عليها وليس البناء على تمنيات من جانب سياسيين يشعرهم ضميرهم بالذنب".
يأتي هذا في وقت دعا فيه الرئيس النيجيري محمد بخاري، المجتمع الدولي إلى المساعدة على إنهاء الاضطرابات في ليبيا، محذراً من أنها تتحوّل إلى "قنبلة موقوتة" تهدد إفريقيا وأوروبا. وأعرب بخاري في كلمة له أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، عن قلقه البالغ "من الوضع الخطير في جنوب ليبيا غير الخاضع لأية حكومة". وأضاف "لذلك علينا تكثيف جهودنا لإيجاد حل دائم للأزمة الليبية".
اقرأ أيضاً: تصريحات غربية متضاربة حول التدخل العسكري في ليبيا