ليبيا: قادة السلطة التنفيذية يتوجهون لزيارة دول الجوار متجاهلين دعوة حفتر للاستعراض العسكري
يبدو أنّ قادة السلطة التنفيذية في ليبيا وجدوا في الدعوات الموجهة إليهم من دول الجوار، وسيلة للرد ضمنياً على الدعوة التي وجهها لهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر لحضور استعراض عسكري احتفالاً بذكرى "عملية الكرامة"، لا سيما أنّ الرأي العام لا يزال منقسماً حيالها.
وبالتزامن مع الاستعدادات التي تجريها قيادة حفتر لإقامة الاستعراض العسكري، في مدينة بنغازي، اليوم السبت، يتوجه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى تونس في زيارة لمدة ثلاثة أيام تلبية لدعوة رسمية، فيما يتوجه في ذات الوقت رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إلى الجزائر برفقة وفد وزاري رفيع المستوى تلبية لدعوة أخرى.
وجاءت الخطوتان اللتان لم تخفيا تجاهلاً لحفتر وإصراره على البقاء عسكرياً في المشهد، بعد بيان من المجلس الرئاسي، حذر فيه من أنّ "القيام بأي تصرفات أحادية ذات طابع عسكري من أي طرف"، بما في ذلك إجراء المناورات والتحركات الميدانية والاستعراضات العسكرية، ربما تكون سبباً "في نشوء صراع جديد" وفق البيان.
وفي إشارة لاستعراض حفتر العسكري، رأى الرئاسي، في بيانه، مساء أمس الجمعة، أن "مثل هذه التصرفات ستخلق عوائق كثيرة في سبيل توحيد المؤسسة العسكرية، وتهدد السلم الأهلي، وتظهر المؤسسة العسكرية وكأنها قائمة على الانقسام".
ويرى مراقبون للشأن الليبي أنّ الاستعراض العسكري هدفت قيادة حفتر من خلاله إلى الرد على أخبار مرضه وسفره لتلقي العلاج في مصر. ونقلت قناة "الحدث"، التي يملكها نجله صدام، ليل أمس الجمعة، أنّ حفتر كان في ملعب كرة قدم لحضور مباراة بين نجوم سابقين.
واضطرت ردة فعل المجلس الرئاسي، الناطق باسم قيادة حفتر، أحمد المسماري، إلى التأكيد أنّ الاستعراض "لا يستهدف أحداً"، في محاولة لتخفيف حدة الموقف من الخطوة العسكرية في بنغازي.
وفي محاولة للعزف على وتر محاربة الإرهاب مجدداً، زعم المسماري، في تصريح له، أنّ الاستعراض "جاء ونحن في حالة حرب ضد الإرهاب والجريمة، وما زلنا نطارد ذئاباً منفردة".
وفي مزيد من التبريرات، ادعى المسماري أنّ الاستعراض العسكري لــ"قوة الوطن وحماة الوطن وقدراتنا القتالية، ونقدم للشعب الليبي هذا الاستعراض ليطمئنوا على وطنهم وسيادة وكرامة الدولة الليبية".
ويعلق منذر أبوشيبة، الناشط السياسي من بنغازي، بالقول إنّ "مشاركة قادة السلطة التنفيذية في هذا الاحتفال، وإلى جانب حفتر بالذات، لا يتناسب مع مبادئها وأهدافها التي جاءت من أجلها"، لافتاً إلى أنّ الجدل الحاصل حول استعراض حفتر لم يكن محسوباً من جانبه.
وأضاف أبو شيبة متحدثاً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "حفتر ربما يمارس ضغوطاً على عقيلة صالح لقبوله الدعوة بالمشاركة وإضفاء بعد سياسي على الاستعراض، لكن رد إدارة قادة السلطة التنفيذية، شكّل ضربة قاسية له".
وفي ذات الوقت، يرى الناشط السياسي من بنغازي أنّ الساعات القليلة المتبقية للاستعراض ستظهر أيضاً كذبة حاضنته الشعبية، مضيفاً "فمن المؤكد أنّ حفتر سيحشد أنصاره الذين لا يتجاوزون العشرات للمشاركة في الاحتفال في ساحات بنغازي".
ومن المنتظر أن يستعرض حفتر أسلحة حديثة ضمن الاستعراض العسكري، خلال الساعات المقبلة.
وترى الباحثة الليبية في الشأن السياسي مروة الفاخري، أنّ سفر المنفي إلى تونس، الأمر الذي يعكس تجاهله لحفتر بشكل واضح "غير كاف كونه القائد الأعلى للجيش الليبي"، معتبرة أنّ "حفتر أوقع المنفي في حرج كبير، وعلى الأخير أن يتخذ موقفاً واضحاً من مجاهرة عسكرية كهذه من قبل حفتر".
وأضافت "تصرفات حفتر كمنعه الحكومة من دخول بنغازي والاستعراض العسكري ومخالفته قرار الرئاسي بشأن منع الظهور الإعلامي وتصريحات المسماري بأنّ قيادة حفتر لا تتعامل مع الحكومة، كلها تصريحات تقلل من أهمية صفة المنفي"، محذرة من أنّ "خطوات حفتر قد تؤدي إلى انهيار الثقة داخل اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 باعتبار أنّ نصفها من ممثلي حفتر".
ورغم كل هذه المخاطر، إلا أنّ الفاخري ترى، في الوقت ذاته، أنّ تصرفات حفتر "لا تشير إلى أكثر من فقدانه البوصلة، وأنه بات يتحرك في فراغ يحركه داعموه الإقليميون والدوليون، وكونه عسكرياً لم يعد يمكنه مجاراة التغيرات السياسية الكبيرة في المنطقة"، مرجحة أنّ مزيداً من هذه التصرفات قد تعجل بقرار دولي يزيحه من المشهد كلياً.