بعدما انحصر السباق على رئاسة الوزراء في بريطانيا، أمس الأربعاء، بين وزير المالية السابق ريشي سوناك ووزيرة الخارجية ليز تراس، ازدادت فرص تراس المعروفة بتحين الفرص وتغيير مواقفها، لا سيما انتقالها من معارضة "بريكست" إلى تبني موقف متشدد، مع رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون، ضد بروكسل في مفاوضات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة وقضية أيرلندا الشمالية.
وتظهر استطلاعات الرأي أن تراس ستتغلب على سوناك في ما يتعلق بأصوات أعضاء الحزب، لكن كل شيء يمكن أن يتغير مع بدء المتسابقين، الاثنين، حملة انتخابية لأسابيع في أنحاء البلاد أمام أعضاء الحزب.
وبحسب ما تذكر تقارير إعلامية بريطانية، فإن تراس ولدت لأبوين يناصران بشدة اليسار شمالي إنكلترا، وتلقت تعليمها بمدرسة حكومية في ليدز، ورغم أنها واصلت مشوراها التعليمي، مثل سائر الأعضاء البارزين بحزب المحافظين، بدراسة العلوم السياسية والفلسفة والاقتصاد في جامعة أوكسفورد، إلا أنها كانت في السابق منخرطة في الحزب الليبيرالي الديمقراطي، ولم تنضم إلى المحافظين إلا في العام 1996.
وبعدما قضت فترة وجيزة من العمل في المحاسبة، تمكنت تراس من الحصول على مقعد بالبرلمان في العام 2010، لتتحمل بعدها عدداً من المناصب الوزارية في حكومات ديفيد كاميرون وتيريزا ماي.
هذا التحول والتقلب في المواقف سيصل إلى ذروته على خلفية التصويت على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست". فبعدما شاركت تراس في حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي ودعمت التصويت برفض الانسحاب، لم تجد حرجاً في تغيير مواقفها بعد التصويت لصالح الانسحاب، وأشهرت دعمها العلني لما قد يحمله "بريكست" من امتيازات اقتصادية لبريطانيا، فضلا عن دعمها حملة جونسون لتولي منصب رئيس الوزراء في العام 2019.
تراس، التي ستكمل قريباً عقدها السابع والأربعين، تقلدت منصب وزيرة التجارة الخارجية، قبل أن تصبح وزيرة للخارجية بدءاً من 2021، لتتلقى وفق ما أوردته مجلة "فوغ" الإطراء على موقفها المتصلب بخصوص الغزو الروسي لأوكرانيا، والانتقاد لتشددها كذلك في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بخصوص الترتيبات التجارية لما بعد "بريكست".
غير أن التحول اللافت في المواقف كان موقف تراس من رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر، أو المرأة الحديدية، فقد شاركت وزيرة الخارجية منذ صغرها في عدة تظاهرات ضد تاتشر، ولم تكن تخفي انتقاداتها للوزراء المحافظين.
وبررت تراس تحولات مواقفها بالقول، خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت الأحد الماضي بين المتبارين على زعامة المحافظين، وبالتالي تولي منصب رئاسة الوزراء: "أبي وأمي كانا من نشطاء اليسار، وقد عشت رحلة سياسية منذ ولدت". كما قالت الخميس لإذاعة "بي بي سي" إنها أخطأت في ما يخص "بريكست".
والآن يبدو أن تراس تسير على خطى تاتشر، لا سيما بتبنيها سياسة خارجية متشددة وتعهدها برفع الميزانية العسكرية، وكذا تشبثها على طريقة تاتشر بخفض الضرائب، وهو ما عدته مجلة "فوغ" محاولة من جانبها لاستمالة أكبر عدد من أعضاء حزب المحافظين. فهل تكون الوريثة الجديدة لحزب تاتشر؟