ناقش مؤتمر "حالة حقل الدراسات الأمنية والاستراتيجية" المنعقد في الدوحة، والذي تنظمه وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في يومه الثاني، ثلاثة مواضيع تمحورت حول "دراسات الحرب والدفاع" و"الإرهاب والتمرد"، و"العلاقات المدنية - العسكرية". واستعرضت الجلسة الثالثة دروساً من أوكرانيا.
انعقدت الجلسة الثالثة للمؤتمر تحت عنوان "دراسات الحرب والدفاع"، وشارك فيها أربعة باحثين.
وقدّم أستاذ كرسي غلادستون لدراسات الحكومة في جامعة أكسفورد، ستاثيس كاليفاس، ورقة بعنوان "منطق التعويض في العنف السياسي"، بينما تمحورت الأوراق الثلاث التالية حول قضايا استراتيجية متعلقة بالحرب في أوكرانيا.
وحاول الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث (مستقبل- استراتيجي) في وارسو ياسيك بارتوشاك، في ورقته التي قدمها خلال الجلسة الثالثة، بعنوان "التحولات العسكرية ومستقبل الاستراتيجي: دروس من أوكرانيا"، تقييم الاستراتيجيةَ الروسية الكبرى تجاه أوروبا، إضافة إلى الاستراتيجية الكبرى لبولندا، في أعقاب الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وصولًا إلى الخلاصات التي يمكن استنتاجها من تلك الحرب، وناقش كيفية إدارة المنافسة الصاعدة بين بولندا وروسيا، سواء في إطار سيناريوهات حلف شمال الأطلسي (ناتو)، المرتبطة بالمادة الخامسة، وما قبلها وما بعدها، والمواقف الاستباقية، والأعمال الهجومية، وقدرات الإلمام بالظروف الفضائية، والضربات الطويلة المدى، والنهج الشامل لمعركة الكشافة، بما في ذلك مكونات الفضاء الخارجي.
وبعنوان "الصمود الشعبي بوصفه مكونًا للأمن القومي في أوقات الحرب: دراسة حالة أوكرانيا (2014-2022)"، قدمت المستشارة السابقة لوزارة السياسة الإعلامية في أوكرانيا ماريا زولكينا ورقة ركزت فيها على "الصمود الشعبي" الأوكراني بوصفه مسألة مرتبطة بالأمن القومي، ويلعب دورا مهما في صمود الدولة وتحقيق السيادة السياسية ووحدة الأراضي.
أمّا المدير التنفيذي لمؤسسة إلكو كوتشريف للمبادرات الديمقراطية، بترو بوركوفسكي، فتطرّق في ورقته "كتائب المقاتلين المتطوعين الأوكرانية: من الطرف الأضعف إلى سادة الحرب الحديثة" إلى ظاهرة المقاتلين المتطوعين في أوكرانيا، وأثرها الاستراتيجي على مجريات الحرب.
وكان أستاذ العلوم السياسية في جامعة مكغيل في مونتريال ركس براينن ألقى محاضرة في مستهل اليوم الثاني للمؤتمر، تحت عنوان "الألعاب الحربية أداة منهجية للتحليل والتعليم في الدراسات الأمنية"، أوضح فيها أنّ باستطاعة الألعاب الحربية وتقنيات المحاكاة التفاعلية وغيرها من الألعاب الجادة أن تمثّل أداةً قيّمة لتوفيرِ فهم أفضل لمجموعة واسعة من التحديات الاستراتيجية، متطرقا إلى نقاط القوة والضعف للألعاب الاستراتيجية بوصفها منهجيةً، مع تسليط الضوء على المقاربات والاعتبارات الأساسية، وتحديد الموارد الإضافية التي يمكنها إفادة الباحثين والخبراء في حقل الدراسات الأمنية.
الإرهاب والتمرد
وعُقدت الجلسة الرابعة التي ترأستها أستاذة السياسات العامة في معهد الدوحة مروة فرج، بعنوان "دراسات الإرهاب والتمرد"، وتضمنت أربع مداخلات، افتتحها زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى آرون زيلين، بورقة عنوانها "من الإرهاب والتمرد إلى مكافحة الإرهاب والتمرد: حرب طالبان ضد تنظيم الدولة - ولاية خراسان"، ناقش خلالها "كيفية تحول الجماعات، التي شاركت سابقا في تكتيكات إرهابية متمردة، إلى اتباع نهج معاكس بمجرد وصولها إلى السلطة، أي القيام بمكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد".
وتناولت أستاذة السياسة والدراسات الدولية بجامعة ووريك، شارلوت هيث-كيلي، في ورقتها "إعادة النظر في الحقل الفرعي لدراسات الإرهاب النقدية"، وقد قيّمت فيها الآفاق المستقبلية لدراسات الإرهاب النقدية، بعد أن عاد الجيوبولتيك بقوة إلى المسرح العالمي، مع الغزو الروسي لأوكرانيا.
أستاذ الأمن القومي في جامعة نانيانغ التكنولوجية كومار راماكريشنا قدم ورقة بعنوان "إعادة النظر في الدعاوى ضد دراسات الإرهاب النقدية"، جادل فيها أنّ "دراسات الإرهاب النقدية تعاني من المشكلة الأساسية التي تواجه المقاربات النظرية النقدية الأوسع: الحدود غير الواضحة بين الدراسة الأكاديمية البحتة والنشاطية الأيديولوجية وحتى السياسية في بعض الأحيان".
وختمت الجلسة أستاذة الأمن القومي بجامعة دراسات الحرب مارزينا زكوسكا بورقتها "الحرب الهجينة والتمردات المدعومة من الدولة: دراسة حالة شرق أوكرانيا"، التي بحثت فيها حركات التمرد التي تدعهما الدولة بوصفها أحد الإجراءات المستخدمة في الحرب الهجينة، من خلال دراسة كيف استخدمت روسيا هذه الأداة بشكل فعّال، لا سيما في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، لتقويض سيادة أوكرانيا.
العلاقات المدنية-العسكرية
وبحثت الجلسة الخامسة للمؤتمر العلاقات المدنية - العسكرية في سياقات مقارنة.
وقدّم مدير وحدة دراسات الدولة والنظم السياسية في المركز العربي عبد الفتاح ماضي، ورقة عنوانها "حالة حقل العلاقات المدنية-العسكرية"، أجابَ فيها على ثلاثة أسئلة رئيسة: ما المساهمات النظرية الرئيسة في حقل العلاقات المدنية - العسكرية؟ وهل صدرت عن منظّرين ومفكّرين من أجل توجيه الممارسة، أم تطورت مع تطور العلاقات المدنية - العسكرية ونظم الحكم على أرض الواقع؟ وهل يتفق الباحثون على نظرية عامة في العلاقات المدنية - العسكرية أو على المفاهيم الرئيسة ذات الصلة؟.
في حين ركّزت الأوراق الثلاث الأخرى على بحث حالاتٍ معينة، وبعنوان "فهم التباين في العلاقات المدنية - العسكرية في العالم العربي"، ركّزت أستاذة العلوم السياسية في جامعة ماركيت ريسا بروكس، على الأنماط والخصائص الرئيسة للعلاقات المدنية-العسكرية في الدول العربية، مع الاهتمام بشكل خاص بكيفية اختلاف الأشكال المؤسسية للجيش وعلاقته بالقيادة السياسية.
أمّا رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نيويورك في ألبانيا إيلر كاليمايج، فحلل في ورقته "العلاقات المدنية والعسكرية الصربية-الألبانية بوصفها بادرة لحل معضلة غرب البلقان" ديناميات العلاقات المدنية-العسكرية بين صربيا وألبانيا في حقبة ما بعد تسعينيات القرن العشرين، وبشكل أوسع العنصر الإثني الصربي والألباني في غرب البلقان، بما في ذلك كوسوفو.
وتناول المحاضر في أكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية في قطر، ملاذ الأغا، "دمقرطة العلاقات المدنية-العسكرية خلال حكم حزب العدالة والتنمية في تركيا (2002-2022) وأثره على تطور الصناعات الدفاعية"، مشيرا إلى أنّ دمقرطة العلاقات المدنية- العسكرية في تركيا خلال حكم حزب العدالة والتنمية، من خلال إخضاع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية المنتخبة، ساهمت في تعزيز حرفيّة المؤسسة العسكرية وتطوير قطاع الصناعات الدفاعية المرتبطة بها.
ويختتم المؤتمر السنوي الرابع لوحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أعماله، غدا الإثنين، ويعقد المشاركون جلستي نقاش حول دراسات الاستخبارات، والأمن الدولي، ومحاضرة عامة، وجلسة ملاحظات ختامية.