دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، خلال افتتاح المؤتمر الإنساني حول غزة في باريس إلى "العمل من أجل وقف إطلاق النار" في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
وقال ماكرون: "في المدى القريب، علينا أن نعمل على حماية المدنيين. لهذا السبب، هناك حاجة إلى هدنة إنسانية سريعة ويجب أن نعمل من أجل وقف إطلاق النار". وأضاف: "يجب أن يصبح ذلك ممكنا".
من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن فتح ممر آمن لسكان قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع بلاده هو تهجير للفلسطينيين من أرضهم، مؤكداً تنديد مصر بأي إجراءات من شأنها فرض واقع جديد في غزة.
وأضاف شكري، في كلمته بمؤتمر باريس حول الأوضاع الإنسانية في غزة، أن القاهرة حذرت من مغبة الصراع الدائر في الأراضي المحتلة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كون ما تفعله إسرائيل في غزة يتجاوز حق الدفاع عن النفس، مستطرداً بأن المساعدات الإنسانية التي دخلت القطاع حتى الآن لا تفي باحتياجات السكان.
وتابع أن الإجراءات المعقدة التي تفرضها إسرائيل لدخول المساعدات عبر معبر رفح المصري تفاقم تدهور الوضع في قطاع غزة، معتبراً أن نزوح المدنيين إلى جنوب القطاع لا يعد تطوراً إيجابياً، بل هو استمرار لمخالفة إسرائيل القانون الدولي الإنساني.
وأكمل شكري أن مصر تبنت موقفاً واضحاً منذ بدء الأزمة بإدانة جميع أشكال استهداف المدنيين، مستنكراً ما آل إليه الصراع العسكري في غزة من قصف واستهداف عشوائي من قبل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين، ما أودى بحياة أكثر من 10 آلاف مدني، نصفهم من الأطفال تقريباً، فضلاً عن حصار وترويع وتشريد وتهجير نحو مليوني فلسطيني من أراضيهم ومساكنهم.
وزاد بقوله إن استمرار الصمت الدولي حيال المخالفات الجسيمة في غزة، وانتهاكات القانون الدولي، يشير إلى وجود خلل في معايير المنطق والضمير الإنساني، مضيفاً أن مصر تدين ازدواجية المعايير لدى بعض الدول، وتدعو إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، يتمثل في حل الدولتين.
وشدد على مطالبة مصر بأهمية الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في غزة، ووقف جميع الممارسات الهادفة إلى فرض أمر واقع جديد لإجبار الفلسطينيين على النزوح، وترحيلهم قسراً من أراضيهم، مردفاً بأن اللحظة الراهنة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم تأت من فراغ، وإنما جاءت نتاجاً لسياسات الاحتلال بشأن تجاهل الحقوق الفلسطينية لأكثر من 70 عاماً.
وختم شكري قائلاً إن النفس البشرية واحدة، سواء في إسرائيل أو في فلسطين، إلا أن القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة خلق وضعاً إنسانياً كارثياً، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من مأساة حقيقية، من دون مأوى أو طعام أو ماء أو كهرباء أو وقود أو منشآت صحية، وهو ما يستلزم تدخل المجتمع الدولي لإنهاء هذه الكارثة.
وتجتمع قرابة 80 دولة ومنظمة دولية في باريس لتنسيق المساعدات وبحث كيفية مساعدة المصابين في قطاع غزة، لكن توقعات التوصل لنتائج ملموسة ليست كبيرة دون إعلان هدنة في القتال.
وأبدت فرنسا دعمها لإسرائيل بعد هجوم مباغت شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، إلا أن القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة أثار المخاوف من ارتفاع عدد القتلى والمصابين بين المدنيين. وأدى القصف إلى مقتل وإصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف من سكان غزة.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية للصحافيين قبل المؤتمر: "لا يخفى على أحد أن إدخال المواد الأساسية والأدوية والمياه وغيرها إلى غزة صعب اليوم... وبالتالي الهدف هو العمل مع جميع المشاركين ومع إسرائيل أيضا... للسماح بتحسين عملية إدخال" المساعدات.
وسيشارك رئيس الوزراء الفلسطيني في المؤتمر، لكن إسرائيل لم تتم دعوتها. وقال مسؤولون فرنسيون إنهم يطلعون إسرائيل على التطورات.
وتشارك في المؤتمر دول من المنطقة، مثل مصر والأردن ودول خليجية، بالإضافة إلى قوى غربية ودول أعضاء في مجموعة العشرين باستثناء روسيا. ومن المقرر أيضا مشاركة المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية العاملة في غزة، مثل منظمة أطباء بلا حدود.
غير أن عددا قليلا من رؤساء الدول أو الحكومات أو وزراء الخارجية سيشارك في المؤتمر. وانتقدت منظمات غير حكومية عدم وجود المزيد من الضغوط في المؤتمر لوقف إطلاق النار.
وقال دبلوماسي أوروبي: "سيكون عملية تكرار لمواقف الدول، وإعلان ما قدمته كل دولة وما ستقدمه، وأنه تجب حماية المدنيين والالتزام بالقانون الإنساني الدولي".
ويأمل مسؤولون فرنسيون أن يضع المؤتمر الأساس لاستجابة دولية سريعة عندما تكون هناك هدنة فعلية في القتال.
وستُبذل بعض الجهود لتعبئة الموارد المالية، مع تحديد عدة قطاعات لتلقي دعم طارئ بناء على تقييمات الأمم المتحدة للاحتياجات العاجلة البالغة 1.1 مليار دولار وفتح نقاط عبور إلى غزة للأغراض الإنسانية البحتة.
ومن المقرر أن تعلن فرنسا زيادة ما ستلتزم بالمشاركة فيه.
ومن المقرر أن يناقش المؤتمر إعادة إمدادات المياه والوقود والكهرباء، مع ضمان عمليات المحاسبة والمسؤولية للتأكد من عدم تحويل المساعدات إلى حماس.
وسيناقش المؤتمر إنشاء ممر بحري لشحن المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإيجاد طريقة لاستخدام السفن في المساعدة بإجلاء المصابين.
وسيقيّم المشاركون في المحادثات أيضا احتمال إنشاء مستشفيات ميدانية رغم تصريحات دبلوماسيين بأن مصر مترددة في استضافة عدد كبير من المستشفيات على أراضيها، بينما يبدو إنشاؤها في غزة أمرا صعبا دون هدنة إنسانية أو توقف لإطلاق النار.
ودون موافقة إسرائيل أو حماس على هدنة مؤقتة، تكون احتمالات تحرك الأمور بسرعة ضئيلة.
وقال مسؤول إسرائيلي لـ"رويترز": "نتوقع أن يثير المؤتمر حول القضايا الإنسانية في غزة، بالتأكيد قضية 241 رهينة إسرائيلية موجودين في غزة، ومن بينهم رضّع وأطفال ونساء ومسنون".
وأضاف: "هذه قضية إنسانية من الدرجة الأولى، ولا بد أن يناقش المجتمع الدولي هذا الموضوع في إطار النقاش الإنساني حول غزة".
وقال المسؤول في الرئاسة الفرنسية إن القضية ستكون مطروحة للنقاش.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)