مؤتمر لقوى سورية في بروكسل: بحث عن دور لـ"الديمقراطيين" أم "قسد"؟

23 أكتوبر 2024
تظاهرة للمعارضة السورية في عفرين / سورية 19 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -

يُعقد يومي 25 و26 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، في مدينة بروكسل، مؤتمر لقوى سورية معارضة، حيث يشارك في المؤتمر قرابة الثلاثين من القوى المنظّمة بينها "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) وهو الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في محاولة لـ "تعزيز دور الديمقراطيين" في المسار السياسي. ويلتئم المؤتمر تحت عنوان "المسار الديمقراطي السوري"، وفق ما ذكر موفق نيربية، عضو اللجنة التحضيرية في حديث مع "العربي الجديد"، موضحا أن الدعوة إلى المؤتمر جاءت من قبل لجنة الإعداد والمتابعة "لعقد مؤتمر لقوى وشخصيات ديمقراطية"، مضيفا: "هي مجموعة تعمل منذ ثلاث سنوات على التحضير لهذا المؤتمر وتؤسّس لإنجاحه".

وبيّن نيربية أن "قوى سياسية ومدنية عديدة؛ وحوالي خمسين منظمة؛ إضافة إلى حوالي مائة شخصية مستقلة تشارك في هذا المؤتمر"، مشيرا إلى أن فكرة المؤتمر "انطلقت من حقيقة ضعف تمثيل الديمقراطيين في الساحة السورية، وتغييبهم من قبل القوى الإسلاموية والمليشياوية، ودول تدعم هذا الاتّجاه". ومضى قائلاً: "وهو ما ساعد على ضعف حركة التغيير والثورة، وتحقيق نجاحات للثورة المضادة". كما أوضح نيربية ان "مجلس سوريا الديمقراطية مساهم مهم في هذا المسار وهي حقيقة فعلية"، مضيفا: "نحتاج إلى طرف موجود على الأرض حتى يكون ارتباطنا بالداخل السوري وعلى الأرض ممكناً، ووقع اختيارنا على (مسد) للبدء بهذا التوجّه". واستدرك بالقول: "ولكنّه في الوقت نفسه لا يختزل هذا المسار ولا المؤتمر، بل إن مسوّدات ومشاريع الأوراق والوثائق قد أُعدّت بشكل توافقي يأخذ بالاعتبار المصلحة السورية الوطنية، ويهدف إلى الدفع نحو سورية موحدة وحرة ومستقلة". وأكد: "لسنا بديلاً للائتلاف ولا لغيره، ولا نريد أن ينهار أي جسم للمعارضة السورية".

وقال أيضاً: "نحن نأتي لدعم تمثيل السوريين وليس لخلق الفوضى في هذا التمثيل على الإطلاق، من دون أن نغمض العين عمّا آل إلية وضع هذه المعارضة وكلّ تمثيل السوريين في ظلّ المعارضة الرسمية التي تراجع وضعها كثيرا". ولفت إلى أن المشاركين في المؤتمر يريدون "سدّ الثغرة الأساسية في تركيبة هذه المعارضة، وهي غياب الوجود الديمقراطي والوطني عن الساحة، أو على الاقل ضعف تمثيله بشكل كبير ومؤذٍ"، معربا عن اعتقاده "أن تركيبة مجتمعنا السوري المعتدلة المنفتحة أقرب ما تكون إلى العقلية الديمقراطية، بل الليبرالية". وأشار إلى أن من أهداف المؤتمر "بلورة تمثيل مثل هذه الشرائح، بتنظيم الديمقراطيين وتوحيد قواهم، وتعزيز دورهم في المسار والعملية السياسيين، كما والدفع إلى تطبيق القرار 2254 الذي اتخذه مجلس الأمن منذ أواخر 2015. وبرأي نيربية "لم تعد بنى المعارضة الرسمية قادرة على تطبيق ما تريده القرارات الدولية من أن تكون العملية السياسية بقيادة سورية"، مضيفا: "لا بدّ من تحقيق اندفاعة تسهم في تحسين ميزان تمثيل السوريين، ونجد في الجانب الديمقراطي السوري حلقة غائبة، سوف يسهم مؤتمرنا في توفيرها".

وبحسب مصادر إعلامية مقربة من "مسد" وهو الجناح السياسي "لقوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على شمال شرق سورية، يشارك في المؤتمر ممثلو دول فاعلة في المشهد السوري.

من جانبه، قال رياض درار وهو الرئيس السابق لـ"مسد"، في حديث مع "العربي الجديد" إن "المؤتمر تتويج لعمل طويل عبر مؤتمرات في الداخل السوري وورشات في الخارج وعدة لقاءات في استوكهولم"، مضيفا: "اللجنة التحضيرية أعدت أوراقا تشمل كل هواجس السوريين، وتضع برامج عملية لخطة طريق يمكن أن تكون مفتاحا لبعض الحلول". وأشار درار إلى أن "هذا المؤتمر تجمع للديمقراطيين وسيشكل منصة خاصة للقوى الديمقراطية، باسم: المسار الديمقراطي السوري، لتكون  جزءا من آليات العمل والحوار والسعي للحل السياسي لاحقا"، مضيفا: لا يريد هذا التجمع أن يكون بديلا لأحد، وسينفتح على الجميع. وبين أن أوراق المؤتمر "تتحدث عن الهوية السورية واللامركزية وشكل الدولة وعلاقتها بالدين، والأقليات القومية"، مضيفا: "هناك أيضا قراءة لمسار الثورة السورية وما آلت إليه. وأوضح أن المؤتمر سيتمخض عن أمانة عامة وهيئة تنفيذية لاستمرار الشكل السياسي والمتابعة لاحقا، مضيفا: "تشارك بالمؤتمر قوى سياسية أغلبها تشكل بعد الثورة السورية في عام 2011، وشخصيات مستقلة تعمل في الشأن العام".  

"تعزيز شرعية قسد وتقوية نفوذها"

وتعليقا على المؤتمر المزمع عقده الجمعة، رأى الباحث السياسي محمد سالم في حديث مع "العربي الجديد" أن "المؤتمر بحد ذاته لا يشكل إضافة أو نقطة انعطاف"، مضيفا: "يشكل جزءا من سعي متكامل وطويل الأمد لقوات قسد لتعزيز شرعيتها وتقوية نفوذها وفرض نفسها على الساحة السورية مشروعا منافسا للنظام السوري ولمختلف مشاريع الحكم في سورية". وتابع سالم: "ومن ثم تحاول قوات سوريا الديمقراطية امتلاك الأدوات السياسية كافة؛ بما في مثل هذه المؤتمرات التي تعقد في عواصم غربية".

وتستبعد المعارضة السورية، مجلس "مسد" والإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفق القرار الدولي 2254، فهي متهمة من قبل النظام والمعارضة معا بخدمة أجندات غير وطنية لكونها تدور في فلك حزب العمال الكردستاني. كما تُتهم قسد بالدفع نحو تقسيم البلاد من خلال السعي الى إنشاء إقليم ذي صبغة كردية في الشمال الشرقي من سورية، وهو ما نفته مرارا مؤكدة في أدبياتها السياسية أنها مع وحدة البلاد الجغرافية. ولطالما حاولت من خلال أذرعها السياسية والإدارية فتح قنوات حوار مع المعارضة السورية الممثلة في الائتلاف الوطني السوري إلا أن الأخير يصر على فك ارتباط هذه القوات بحزب العمال بشكل علني وعملي قبل الجلوس معها على طاولة تفاوض لحسم مصير الشمال الشرقي من سورية ودخولها طرفا فاعلا في المشهد السياسي السوري المعارض. وترفض "قسد" حتى اللحظة الإقدام على هذه الخطوة، وهو ما يعرقل انخراطها في المشهد السوري المعارض. وتعتمد "قسد" على دعم عسكري وسياسي من الجانب الأميركي وهو ما يجنبها حتى اللحظة تبعات الغضب التركي من محاولات فرض إقليم كردي في شمال شرق سورية ترى أنقرة انه يشكل خطرا على أمنها القومي. 

تستبعد المعارضة السورية مجلس "مسد" والإدارة الذاتية من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة

وتحاول قوات "قسد" التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي في الآونة الأخيرة الحصول على اعتراف ما من قبل أطراف أوروبية، لذا عرضت منذ أيام عن طريق الإدارة الذاتية ذراعها المدني والإداري على الجانب الألماني استقبال اللاجئين السوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى مناطق شمال وشرق سورية. ويعتبر المجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، ممثلا للمكون الكردي في سورية في المعارضة السورية الرسمية والمعترف بها في المحافل الإقليمية والدولية. ويزدحم المشهد السوري المعارض بالتيارات والهيئات والمجالس والاتحادات والمنصات السياسية، والتي ولدت بعد انطلاق الثورة السورية في عام 2011، بيد أن الفجوة بينها وبين الشارع السوري المعارض واسعة، حيث يكاد يجمع هذا الشارع من خلال الشعارات التي يرفعها في التظاهرات على عدم قدرة كل الاجسام السياسية الموجودة على النهوض بالقضية السورية التي تتعرض لمحاولات تمييع في الآونة الأخيرة.

المساهمون