أعربت مؤسسات حقوقية فلسطينية عن تخوفها وقلقها من وجود رابط بين اكتشاف عملية تجسس عبر برمجية "بيغاسوس" التابعة لشركة "إن إس أو" الإسرائيلية على عاملين فيها، وبين قيام سلطات الاحتلال مؤخراً بتصنيف ست مؤسسات فلسطينية كمنظمات إرهابية في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وخلال مؤتمر صحافي نظمته المؤسسات في مقر مؤسسة الحق في رام الله، وسط الضفة الغربية؛ وهي إحدى المؤسسات الست، قال الباحث القانوني المتقدم في مؤسسة الحق تحسين عليان: "إن المؤسسات متخوفة وقلقة على أمن جميع العاملين فيها وخصوصاً من تم استهدافهم شخصياً بعد أن أصدر ما يسمى الحاكم العسكري الإسرائيلي أمس الأحد، أمراً عسكرياً يعطي صلاحيات لسلطات الاحتلال باعتقال من يعملون في المؤسسات، حتى لو غيرت مسمياتها، وكذلك صلاحية اعتقال أي شخص يتعامل مع المؤسسات، والسيطرة على موجوداتها".
وإضافة إلى ثلاثة عاملين في ثلاث مؤسسات حقوقية تم اختراق هواتفهم، وهم: غسان حلايقة من مؤسسة الحق، وصلاح الحموري من مؤسسة الضمير، وأبي العابودي مدير مركز بيسان، أكد عليان أن لدى المؤسسات معلومات من مصادر موثوقة بأن أجهزة لمسؤولين رفيعي المستوى يعملون في وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية تم اختراقها أيضاً.
من جهتها، طالبت مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان سحر فرنسيس، من المجتمع المحلي والدولي توفير حماية فعلية تضمن عدم استهداف أو اعتقال أو حتى قتل العاملين في تلك المؤسسات؛ بعد إصدار أمر عسكري إسرائيلي بحقها أمس الأحد.
كما طالبت فرنسيس بإجراء تحقيق دولي مهني حيادي شامل على كل الشركات التي تنتج مثل تلك البرامج التي تم استخدامها لاختراق هواتف العاملين في المؤسسات الحقوقية، وبحث ارتباطها بالاحتلال.
وواصلت فرنسيس بسلسلة مطالبات ضمنها مطالبة كل الدول التي لها عقود مع شركات شبيهة سواء كانت شركة "إن إس أو" أو غيرها؛ بإجراء تحقيق بأنها لا تخالف المعايير الدولية، لأنه قد يتم استخدام نفس البرمجيات في دول أخرى.
وطالبت فرنسيس الأمم المتحدة بإدراج شركة "إن أس أو" في القائمة السوداء إن ثبت أنها تقف فعلاً خلف عمليات الاختراق، والمحكمة الجنائية الدولية أيضا، بفتح تحقيق حول وجود رابط بين التجسس وملاحقة المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ووزارة الخارجية الفلسطينية وبين ملف محكمة الجنايات الدولية ونشاط تلك المؤسسات فيه.
ودعت فرنسيس المجتمع الفلسطيني والمجتمع الدولي لبدء الفحص والتأكد من عدم وجود حالات أخرى يتم التجسس عليها وإجراء تحقيق داخلي جدي جدًا.
ونوهت إلى أن المؤسسات الفلسطينية، ومن ضمنها مؤسسة الحق، تركز في خطابها الحقوقي منذ بناء جدار الفصل والضم على مسؤوليات الشركات، وخاصة الأمنية، وارتباطها بالاحتلال من خلال برامج الرقابة والسيطرة والتجسس، مؤكدة أن ذلك يعكس لماذا تم استهداف المؤسسات الحقوقية، خصوصاً بعد نجاحها في إعلان الأمم المتحدة عن قائمة الشركات السوداء.
أما أبيّ العابودي، المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء، وهو أحد المستهدفين من عملية الاختراق، فتحدث عما سببه له وعائلته اكتشاف عملية التجسس، وقال: "برمجية (بيغاسوس) تسمح بتشغيل الكاميرا ويستطيع مستخدمها سماع المكالمات والتلاعب في بيانات الهاتف وحتى عمل اتصالات، لدينا شعور بانتهاك الخصوصية، زوجتي بقيت لثلاثة أيام بعد اكتشافنا للأمر لا تعرف الخلود للنوم، هناك قلق عال لدينا بأنه تم كسر خصوصيتنا: صور أطفالنا حتى أبسط أمور اختراق الخصوصية عندما نتحدث مع أهلنا وأصدقائنا".
وأكد عابودي أن ما جرى معه كشخص يحمل الجنسية الأميركية "يؤكد أنه أمام منظومة القمع الإسرائيلية لا حقوق للفلسطيني، وأن من يعتقد بأن هناك حصانة لفلسطيني، حتى لو حمل جنسية أجنبية، فهو واهم".
وحول تفاصيل عملية التجسس، كشف محمد المسقطي من مؤسسة "فرونت لاين ديفيندر"، الذي شارك في المؤتمر عبر الإنترنت، عن تفاصيل إضافية، مؤكداً أن المؤسسة شاركت نتائج فحصها مع "سيتيزين لاب" و"أمنستي سيكيوريتي لاب" وقد أظهرت التقارير أن العمليات التي أجريت على جهاز أبي العابودي هي نفسها التي كانت أجريت على هواتف صحافيي الجزيرة والناشطة الحقوقية الإماراتية الراحلة آلاء الصديق؛ وقد تم اكتشاف التجسس على هواتفهم عبر "بيغاسوس" سابقاً.
وأكد المسقطي أن تلك المقارنات كانت مهمة لمعرفة أن العمليات ليست جديدة لأن كل عملية لها مسميات معينة، ولذلك تمت المقارنة مع تقارير سابقة لتؤكد المقارنة بشكل قاطع أنها من عمليات برمجية "بيغاسوس".
وطالب المسقطي بعمل تحقيق لإظهار الجهة التي استخدمت البرمجية لهذا التجسس، مؤكدًا أن شركة "إن إس أو" تعلم بالتأكيد من هي الجهات، وأكد أن الشركة كانت قالت: "إنها لا تسمح بمراقبة أجهزة إسرائيلية، لكن الكشف الحالي يظهر استخدامها ضد أرقام إسرائيلية".