بشكل غير اعتيادي، حلقت العشرات من طائرات الاحتلال الإسرائيلي المسيّرة من نوع "كواد كابتر" في سماء قطاع غزة خلال ساعات فجر الجمعة، فيما تمكنت المقاومة الفلسطينية من إسقاط عدد منها.
وحلقت طائرات مُسيرة ذات إضاءة خافتة فوق أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح، شرقي القطاع، ومخيم الشاطئ وحيي تل الهوى والرمال في الغرب، ومخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا وحي الكرامة، شمالي القطاع.
وسُمع دويّ إطلاق نار كثيف في مختلف مناطق غزة تجاه تلك الطائرات، فيما وثق رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لتلك الطائرات وعمليات إطلاق النار نحوها.
و"كواد كابتر" هي طائرات مُسيرة صغيرة الحجم يتم تسييرها إلكترونياً عن بُعد، ويستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عمليات استخبارية، حيث كثف استخدامها في غزة خلال الفترة الماضية.
واستخدم جيش الاحتلال هذا النوع من المسيّرات في الضفة الغربية وقطاع غزة لقمع المتظاهرين الفلسطينيين، وذلك عبر إلقائها قنابل غاز مسيل للدموع تجاه المتظاهرين.
وتتمتع "الحوامات" بخصائص ومميزات تكتيكية مختلفة، وهي ذات مهام متعددة في الجانب الاستخباري، كالرصد والمتابعة وتعقب الأهداف الثابتة والمتحركة، ومُزودة بكاميرات ذات جودة عالية. كما يمكنها القيام بمهام عسكرية إضافية، كإطلاق النار وحمل قنابل، ما يؤهلها للاستخدام في عمليات الاغتيال، فضلاً عن احتوائها على أدوات تنصت دقيقة جداً.
إسرائيل تؤهل بنك أهدافها؟
وقال الخبير بالشؤون الأمنية محمد أبو هربيد إن ما جرى الليلة الماضية، من تسلل طائرات الاحتلال إلى عمق قطاع غزة ووصولها إلى أماكن يوجد فيها عناصر المقاومة بكثافة، استدعى التدخل الميداني.
المــ ـقاومـ ـة تواصل إطلاق النار بكثافة صوب طائرات مسيرة إسرائيلية "كواد كابتر" في أجواء قطاع #غزة. pic.twitter.com/GphohSZiel
— القدس عربيه منذ فجر التاريخ (@johnjoh27895486) June 3, 2021
وأضاف أبو هربيد أن التدخل الميداني جاء لـ"محاولة تشتيت عمل هذه الطائرات المسيرة"، مرجحًا عدم رغبة إسرائيل تنفيذ أهداف لها علاقة باغتيال أو وصول مباشر لشخصيات في المقاومة، خلال هذه الجولة.
وأوضح أن الهدف كان "إعادة تأهيل بنك الأهداف لدى إسرائيل، إضافة لرصد دقيق لتحركات المقاومة"، مشيرًا إلى أن "المقاومة تحاول الاستفادة من دخول هذه الطائرات لغزة بشكل مباشر للتعرف على أماكن تحركها وطبيعة الأهداف التي تركز على رصدها".
وفي سياق شرحه طبيعة عمل "كواد كابتر"، أفاد أبو هربيد بأنها "تعتبر من الأسلحة الجديدة الجوية غير المأهولة، وتؤدي مهام استخباراتية وميدانية، ولها القدرة على حمل متفجرات وإصابة الأهداف بدقة شديدة"، مبينًا أن الجيل الجديد من هذه الطائرات المستخدمة حالياً من قِبل الاحتلال "تحتوي على أربع مراوح ولا يتجاوز قطرها المتر الواحد".
وأضاف أن إسرائيل بدأت باستخدام هذا النوع من الطائرات بشكل واضح خلال مسيرات العودة، التي انطلقت على حدود غزة عام 2018، كما استخدمتها في مهام أخرى، مثل اغتيال قيادات في فصائل المقاومة ورصد معلوماتهم، بحسب قوله.
اطلاق نار بشكل مكثف يسمع في المناطق الشرقية لمدينة غزة
— Gpress l غزة برس (@Gazapres) June 3, 2021
- ناتج عن إطلاق نار من قبل المقاومة باتجاه طائرات مسيرة تابعة للاحتلال pic.twitter.com/KFaij68HcD
كما أفاد بأن تلك الطائرات تمتاز بقدرتها على الوصول إلى أهداف في أماكن ضيقة من الصعب جداً الوصول إليها من خلال الطائرات العادية أو الأشخاص، إضافة لمرونتها وسهولة حركتها وانخفاض صوتها.
"كوادر كابتر".. تهديد لغزة
بدوره، قال المحلل العسكري رامي أبو زبيدة إن الطائرات المُسيرة "كواد كابتر" تعد مصدر تهديد لأهالي قطاع غزة ومقاومتها، موضحًا أن انتشارها في سماء القطاع في ساعات الفجر يأتي في إطار "إرباك المقاومة الفلسطينية وإدخال حالة من الرعب لدى أهالي القطاع".
وأضاف أبو زبيدة أن تصدي المقاومة الفلسطينية للطائرات يأتي في إطار جهوزيتها ومتابعتها لأي تهديد لقطاع غزة، مشيرًا إلى احتمالية أن تلك الحوامات كانت تقوم بعمليات أمنية داخل القطاع لتسخين الأوضاع الميدانية، وذلك في إطار مساعي رئيس حكومة الاحتلال (المنتهية ولايته) بنيامين نتنياهو لعرقلة نجاح الحكومة المقبلة.
وكان زعيم حزب "يش عتيد" يائير لبيد قد أبلغ، الأربعاء الماضي، الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بنجاحه في تشكيل حكومة.
البحث عن صواريخ المقاومة
وأفاد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف بأن الهدف من وراء تلك الحوامات هو "جمع المعلومات عن المقاومة الفلسطينية في غزة، وتحديث بنك أهداف جديد بعد العدوان على القطاع".
وأضاف الصواف أن "الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي في جمع المعلومات على مدار الأعوام السابقة ميدانيا، جعل الاحتلال يلجأ لتلك الحوامات كوسيلة جديدة للبحث عن المقاومة وكمائنها الصاروخية".
واستبعد أن يكون تحليق تلك الحوامات بكثافة ليلة الجمعة لتنفيذ عملية اغتيال لقادة المقاومة الفلسطينية، معتبرًا أن "إسرائيل تهدف لجمع أكبر كم من المعلومات عن تحركات المقاومة في القطاع للاستفادة منها في أي مواجهة قادمة".
(الأناضول)