بالتوازي مع النجاح الروسي المستمر في إعادة تعويم النظام السوري دولياً، ومع تغاضي الأمم المتحدة عن جرائم النظام، وزيادة تواصلها معه بدعوى الوضع الإنساني، تعزو تحليلات سبب توقف الحل السياسي للقضية السورية وفق القرار 2254، إلى عدم توافر الإرادة الدولية للمضي قدماً بهذا الحل، وإلى تراجع القضية السورية إلى أدنى سلم أولويات الولايات المتحدة والدول الغربية، وتصدّر ملفات أخرى، كالحرب الروسية على أوكرانيا.
إلا أن السؤال الأهم الذي يُطرح، ماذا لو توافرت الإرادة الدولية لحل القضية السورية، فهل من الممكن فعلاً تطبيق القرارات الأممية المتعلقة بهذا الحل، ومن هو الطرف أو الأطراف التي ستشرف على تطبيقه، خصوصاً في الطرف المعارض الذي يطالب بشكل دائم بتطبيقه؟
الجهتان الرئيسيتان التمثيليتان للمعارضة سياسياً هما الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والهيئة العليا للتفاوض، وهما جهتان لا تتمتعان بأي حاضن شعبي ضمن مناطق سيطرة المعارضة. كما أنهما منفصلتان بشكل شبه تام عن الحامل العسكري لها، الأمر الذي يجعل منهما غير قادرتين على تطبيق مخرجات أي اتفاق قد يتم التوصل إليه. طبعاً هذا عدا عن تحكّم الدول التي تحتضنهما بمعظم قراراتهما.
كما تسيطر "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) على القرار السياسي والعسكري في مساحة واسعة من مناطق سيطرة المعارضة (محافظة إدلب) والتي يشكل وجودها عثرة في وجه تطبيق أي حل سياسي.
أما الجهة التمثيلية العسكرية التي من المفترض أنها الذراع المعني بتطبيق مخرجات أي قرار على الأرض، فهي عدا عن كونها ليست لديها أي سيطرة في محافظة إدلب، فهي مكونة من فصائل متناحرة تشهد صراعات في ما بينها بشكل يومي، على الرغم من انضوائها صورياً تحت ما يسمى "الجيش الوطني". كما أنها منفصلة جزئياً عن الحاضن الشعبي أيضاً، وتتبع كلياً لتركيا، سواء لناحية التمويل أو لناحية القرارات المصيرية. هذا الأمر يجعل تلك الفصائل غير مخوّلة لتكون ضامنة لتطبيق مخرجات أي اتفاق.
كما أن الجهة التنفيذية لمناطق المعارضة، أي الحكومة المؤقتة، تمتلك سلطة صورية في تلك المناطق، بسبب عدم الاعتراف بها دولياً كحكومة مؤقتة، وعدم قدرتها على استصدار وثائق رسمية، إضافة إلى عدم امتلاكها ميزانيات لتنفيذ مشاريع.
هذا الواقع الحالي للمعارضة يشي بأنّ الحلّ السياسي في سورية لا يرتبط فقط بتوافر الإرادة الدولية لتطبيق القرارات الأممية، وإنّما يصطدم بتواطؤ المجتمع الدولي على الثورة السورية منذ البداية، وتحويل الجهات التمثيلية لها إلى هياكل غير قابلة للحياة أو أن تكون طرفاً في أيّ حلّ.