بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، من جنوب فرنسا جولة في البلاد لجس نبض الناخبين، وسط تنديد خصومه بما اعتبروه "حملة انتخابية مبكرة" قبل أقل من عام من موعد الاستحقاق.
ومساء اليوم، الأربعاء، وصل ماكرون إلى سان-سيرك-لابوبي، البلدة الصغيرة البالغ عدد سكانها 200 نسمة، والتي يعد رئيس بلديتها أحد أكبر مؤيديه. وأقامت قوات الأمن نقاط تفتيش عند مداخل القرية، التي فضّل قسم من تجارها إغلاق مؤسساتهم.
وقال جان فرنسوا فانوا، وهو مدير متجر: "ما أعتبره غير منطقي هو أن الرئيس لطالما قال إنه يريد لقاء الناس. لكن بعد حاجز ثم اثنين ثم ثلاثة وكذلك عمليات تفتيش، ينتهي الأمر بهم بالعودة أدراجهم".
وأكد رئيس البلدية جيرار ميكيل أن "استقبال الرئيس ماكرون لحظة محببة للغاية"، مشددا على أنه مناصر له "منذ البداية".
وسيمضي ماكرون يومين في المنطقة، في محطة أولى من أصل نحو عشر محطات في أنحاء متفرقة من البلاد في يونيو/ حزيران بهدف "جس النبض" و"إعادة الوصل"، في جولة أصر عليها الرئيس بعد رفع قيود على التنقل فرضت لمدة 14 شهرا.
وتأخذ الجولة طابعا سياسيا بامتياز، لا سيما أنها تأتي قبل ثلاثة أسابيع من موعد انتخابات محلية، وأقل من عام من موعد الانتخابات الرئاسية.
والرئيس الفرنسي، الذي تسجل شعبيته ارتفاعا بحسب استطلاعات الرأي، لم يعلن ترشيحه رسميا بعد لولاية ثانية، كما تنفي أوساطه أن يكون قد بدأ حملته الانتخابية، لكن تنقلاته هذه على الأرض (حوالي عشر زيارات في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز)، تعتبرها المعارضة تحركا انتخابيا.
وقال النائب اليساري المتشدد أليكسيس كوربيير، الأربعاء: "فلنقبل فكرة أنه في حملة رئاسية"، فيما أبدت رئيسة منطقة إيل دو فرانس فاليري بيكريس (يمين) "صدمتها" لواقع أن هذه الجولة في فرنسا تبدأ أيضا قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات محلية.
وأكد النائب في المجلس الأوروبي ستيفان سيجورني، الذي يمثّل الغالبية الرئاسية: "إذا كان الاستماع للمواطنين يعد حملة، فهو في حملة منذ بداية عهده".
وصباح الخميس، يلتقي ماكرون سكان بلدة مارتيل السياحية، ثم أعضاء المجلس البلدي في كاهور.
والرئيس الفرنسي شغوف بهذه التنقلات والنقاشات في البلاد، وهو ما قام به عام 2018 في شرق وشمال فرنسا، وكذلك في مناسبة "النقاش الكبير" الوطني عام 2019 الذي تلا أزمة حركة "السترات الصفراء" الاحتجاجية التي هزت رئاسته.
وفي ختام هذه الجولة، في النصف الأول من يوليو/ تموز، يمكن أن يتحدث الرئيس عن الأهداف التي يعتزم تحديدها للأشهر العشرة المقبلة قبل الانتخابات الرئاسية عام 2022.
وبين المواضيع التي يجب البت بها، إطلاق إصلاح طويل الأمد، مثل إصلاح نظام التقاعد الذي جُمد بسبب الأزمة الصحية، وكذلك إنشاء خدمة ضمان للشباب لمساعدة الفئة العمرية بين 18 و25 عاما.
وأدى إصلاح نظام التقاعد، وهو موضوع لا يزال مثيرا للخلاف في فرنسا، إلى تعبئة نقابية واسعة في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020. وكان ذلك قبل بدء أزمة كوفيد التي تسببت بوفاة أكثر من 110 آلاف شخص في فرنسا، ودفعت الليبرالي ماكرون إلى وضع سياسة مساعدات اقتصادية واجتماعية ضخمة لامتصاص الصدمة.
وفي وقت يبدو فيه أن "الحياة الطبيعية" تعود إلى فرنسا التي تخرج تدريجيا من الإغلاق، وحيث تتسارع حملة التلقيح، سيستفيد الرئيس من هذه الزيارات الميدانية لاختبار الرغبة في الإصلاح، التي لم تتأثر، بحسب رأيه.
لكن ماكرون لن يتمكن من تجنب التطرق إلى مسألة الانتخابات الإقليمية المرتقبة من 20 إلى 27 يونيو/ حزيران، لا سيما خلال لقائه النواب المحليين في منطقة سجل فيها حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف تقدما في السنوات الماضية.
وفي أوكسيتانيا، تعتبر لائحة "التجمع الوطني" الأوفر حظا للفوز في الدورة الأولى مع 30% من الأصوات، متقدمة على لائحة رئيسة المجلس المحلي المنتهية ولايتها الاشتراكية التي نالت 26% من نوايا التصويت، تليها لائحة الغالبية الرئاسية مع 13%، بحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "أيفوب" في الآونة الأخيرة.
(فرانس برس)