بعد نحو أسبوع من إرسال الدنمارك عسكرييها إلى مالي، أعلنت وزارة خارجيتها، اليوم، عن تلقيها طلباً بـ"سحب فوري" لتلك القوات، وأشارت وسائل إعلام محلية، نقلاً عن خارجية كوبنهاغن، إلى أن الطلب المالي جاء بسبب "غياب اتفاق مسبق" لإرسال تلك القوات.
وانضم في 18 يناير/كانون الثاني الحالي 90 عسكرياً دنماركياً وطائرتي نقل إلى القوات الفرنسية، تحت مسمى "فرقة مهمة تاكوبا" في غربي القارة الأفريقية، وهو ما يعني رسمياً انضمام كوبنهاغن إلى الحرب في المنطقة. ويأتي ذلك بالتزامن مع تزايد النشاط العسكري البحري للدنمارك في مياه غرب أفريقيا "لمحاربة القرصنة" وضمان الملاحة التجارية، بحسب تبريرات كوبنهاغن.
والمعلن أن فرنسا تقود وجوداً عسكرياً على الأراضي المالية بنحو 900 عسكري، وانضم الجنود الدنماركيون تحت قيادة فرنسية وبلباس عسكري فرنسي بعد اتفاق بين باريس وكوبنهاغن. وتذهب التقديرات إلى أن عدد الغربيين في تزايد، وأن اهتماماً "استخبارياً يتوسع في المنطقة مع تزايد نفوذ مرتزقة فاغنر الروسية".
وعلى الرغم من انتقاد البعض في الدنمارك مواصلة بلادهم "الانخراط في حروب مسمومة" خارج أوروبا، وهي التي شاركت في معظم العمليات العسكرية الأميركية منذ 1991 حتى الانسحاب من أفغانستان، فإن تلك الانتقادات و"استغراب" دنماركيين إرسال جنود إلى مالي لم يحل دون مساهمتها في عملية "برخان"، العاملة في مالي منذ 2014. وتساهم في تلك العمليات قوات وأجهزة استخبارات من عدد من الدول الأوروبية، بينها النرويج والسويد والدنمارك في دول الشمال الأوروبي، إضافة إلى هولندا وجمهورية التشيك وإستونيا، بدعم أميركي وكندي وبريطاني.
وزارة الخارجية الدنماركية، التي أكدت تلقيها الطلب خطياً، مساء أمس الإثنين، شددت على أنها "تبحث الموضوع لتوضيح ما جرى للسلطات المالية"، بحسب ما صرح مصدر في خارجية كوبنهاغن للتلفزة الدنماركية "دي آر"، اليوم. ولم يبدِ المصدر تجاوباً مع طلب "الانسحاب الفوري" بقدر تركيزه على أن الأمر يتعلق "بعدم وضوح الأمر للحكومة الانتقالية"، وأنه من المهم "التنسيق عن كثب مع الشركاء الفرنسيين".
التدخل المتواصل في مالي منذ سنوات جاء بحجة "محاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة" في دول الساحل. وتشمل عمليات القوات الغربية وأجهزتها الأمنية، إلى جانب مالي، كلاً من بوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر، غير أن الأمور باتت أكثر تعقيداً بعد تأكيد تقارير أمنية غربية انتشار مرتزقة، وعلى رأسهم مرتزقة فاغنر الروسية، والتي تعمل بشكل وثيق مع سلطات الانقلاب المالية.
ويستغل الغربيون الوضع الناشئ عن انقلاب 2020، ونية السلطة الانتقالية تأجيل الانتخابات أكثر من خمس سنوات، لتمرير تعزيز الوجود العسكري. ويعتقد مراقبون غربيون أن ما يجري في دول القارة جزء من "صراع على المصالح"، حيث يبدو أن تسابقاً غربياً - روسياً، وصينياً إلى حد ما، يتوسع في عدد من دول القارة الأفريقية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أشار أخيراً إلى إمكانية فرض عقوبات على مالي "إذا لم يغير نظام السلطة الانتقالية مساره"، مع إحكام القبضة على الحكم، والذي تعيده التقارير الغربية إلى "تزايد الدعم الروسي للانقلاب العسكري".
وأكد وزير خارجية كوبنهاغن ييبا كوفود، بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الإثنين، أن الأوروبيين "متفقون على فرض عقوبات تطاول الأشخاص الذين يعيقون الانتقال إلى الديمقراطية، أو من يساهمون في تهديد السلام في مالي والأمن والاستقرار في المنطقة".