عادت حركة "مواطنو الرايخ" (رايخسبرغر) إلى الواجهة من جديد في ألمانيا، مع إعلان الشرطة، اليوم الأربعاء، اعتقال 25 شخصاً من أفراد المجموعة، يشتبه في تخطيطهم لشنّ هجوم على البرلمان. فما هذه الحركة؟ وما أبرز معتقدات المنتمين إليها؟
يشترك "مواطنو الرايخ" (رايخسبرغر) في رفض وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية، إذ ترفض هذه الحركة الدولة الألمانية الحديثة، وتصرّ على أن حدود الإمبراطورية الألمانية لعام 1937 أو 1871 لا تزال موجودة، وأن الدولة الحديثة بناء إداري لا يزال محتلاً من قبل قوات الحلفاء.
لا يعترف "مواطنو الرايخ" بمؤسسات الدولة الألمانية، ولا يطيعون الشرطة، ولا يدفع هؤلاء ضرائب ولا رسوم ضمان اجتماعي، وهم يصدرون بطاقات هوية لأنفسهم ويعيدون تصميم لوحات تسجيل سياراتهم. يعتقد "مواطنو الرايخ" أن الحكومة، والبرلمان، والسلطتين القضائية والأمنية مجرد دمى تعيّنها وتديرها جهات خارجية.
تنظر الحركة إلى دولة "الرايخ الألماني" (الاسم الرسمي لألمانيا بين عامي 1871 و1945) باعتبارها الدولة الألمانية الشرعية الوحيدة، وأنها محتلة من قبل قوات أجنبية منذ الحرب العالمية الثانية، ويعتقد أعضاؤها أنه نظراً لأنه لم تكن هناك معاهدة سلام رسمية، فإن الاحتلال مستمرّ حتى يومنا هذا.
بدأ المشهد في التطور في الثمانينيات، إلا أن هذه الحركة تبقى حتى اليوم بلا قيادة، ونُظِّمَت بشكل فضفاض مع مجموعات مستقلة متعددة. نمت الحركة إلى حوالى 19000 مؤيد وفقاً لمسؤولي الاستخبارات الألمانية في عام 2020، حُدِّد حوالى 950 من بينهم على أنهم متطرفون يمينيون، وما لا يقل عن 1000 لديهم ترخيص لامتلاك أسلحة نارية، ويشترك العديد منهم في الأيديولوجيات المعادية للسامية.
يتركز أعضاء الحركة في الجزء الجنوبي والشرقي من ألمانيا، وبدأت الاستخبارات الداخلية بتتبعهم بعد واقعة قتل شخص ينتمي إلى هذه الحركة لضابط ألماني تابع لوحدة شرطية خاصة، وذلك في التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2016.
تقول منصة "عين أوروبية على التطرف" في تحليل لها عن الحركة نشرته في مايو/ أيار 2019، إن أجهزة الأمن الألمانية ووكالات إنفاذ القانون، وكذلك النخبة السياسية، نظرت إلى "رايخسبرغر" باعتبارها جماعة صغيرة، وإن كانت غريبة الأطوار، لا تشكل تهديداً. غير أن هذه النظرة قد تغيّرت بعد حادثة 2016، التي أدت إلى تغيير الطريقة التي تنظر بها وكالات إنفاذ القانون إلى الحركة، وبدأت تراقب أعضاءها بشكل أكثر صرامة.
تلفت المنصة إلى أن الأساس الأيديولوجي للحركة يمكن أن يُعزى إلى نظرة متطرفة يمينية للعالم، بما في ذلك معتقدات عنصرية ومعادية للسامية، فقد وصفت الحركة جمهورية ألمانيا الفيدرالية بأنها "مؤامرة صهيونية – ماسونية"، ويرى بعض أفرادها أن الحكومة الألمانية تخضع لسيطرة قوى صهيونية. وهذا مؤشر واضح على أن أيديولوجية الحركة تقوم على الاعتقاد المعادي للسامية الذي يؤمن بوجود مؤامرة من قبل العالم اليهودي، التي كانت تحظى بشعبية كبيرة خلال الحقبة النازية، وفق المنصة.
وتشير إلى أنه في ظل عدم وجود هياكل واضحة، وتسلسل هرمي، واستراتيجية مشتركة، ومع التركيز الحالي على التشويش على المؤسسات البيروقراطية، فإن الهجمات المنسقة والإجراءات التي تتطلب تفعيل التعاون على نطاق واسع ستظل غير محتملة. ومع ذلك كله، احتمالات العنف قائمة والصراع مع السلطة متأصل في أيديولوجية الحركة، محذرة في الوقت نفسه ممّن يُسمّون "الذئاب المنفردة"، أو الأفراد الذين يرتكبون هجمات مستوحاة من أيديولوجية الحركة.